بخصوص العملية الانتخابية القادمة يقوم المسؤولون العراقيون بحملة ترويجية لدفع الشعب للمشاركة في هذه الانتخابات، لأنَّ الأخبار في الشارع العراقي، وخاصة في الجانب الشيعي، تشير إلى أن هناك دعوة تتسع يومياً بين الشيعة لمقاطعة الانتخابات يتبناها رجال دين مثل السيد مقتدى الصدر، فضلاً عن وجهاء ومثقفين من المجتمع المدني العراقي. وقد تجلت على مستوى الاحتجاج الحكومي بأسلوب الاستفهام الإنكاري، ومستوى الرد الشعبي في ميادين عديدة منها:
يحتج المسؤول: الشعب في زمن النظام البعثي الصدامي كان يتحسر لعدم توافر الطعام والشراب، ونحن وفرنا له مختلف أنواع المواد الغذائية والاستهلاكية والكمالية، فهو اليوم يأكل ويشرب براحته ويمتلك سيارة فارهة وسكناً راقياً، فلماذا ليس براضٍ عنا؟
يرد الشعب: أنتم، الشعب يتهمكم بسرقة أمواله عبر مخصصاتكم المالية العالية من الرواتب وغيرها من المكاسب والإمكانيات. لقد كان راتب عضو البرلمان العراقي في زمن النظام السابق 450 ألف دينار أثناء الحصار، وهو راتب عميد في الجيش العراقي، واليوم رواتبكم تزيد حتى على راتب رئيس الولايات المتحدة الأميركية أضعافاً مضاعفة. أنتم تنهبون أموال البلد، وأكبر دليل على عدم أمانتكم المهنية هي "سرقة القرن" الموصوفة. فكيف يتم بناء بلد يسرق أمواله المسؤولون الكبار؟ وكيف يؤمِّن المواطن على حياته الحاضرة ومستقبل أجياله في بلد يقوده حرامية؟
يحتج المسؤول: إنَّ الإسلام يرفض العزوف عن الانتخابات وعدم المشاركة فيها. ونحن نفترض هنا أنَّه صادق، على اعتبار أن هناك في النسق العبادي والتعاملي الإسلامي ما يشير إلى ذلك من أحكام ومقاربات تسمح بالإفتاء بهذا الشكل الذي يحرم مقاطعة الانتخابات ويحث المسلمين على المشاركة فيها.
يرد الشعب: ألا لعنة الله على كل باطل، تبيعون عمائمكم بالفلوس للفاسدين، ألا تخشون الله؟ كفى حماقة وتبعية وعمالة.
يحتج المسؤول: لا تدعونَّ يا عراقي إلى مقاطعة الانتخابات، فإن الذي يدعو إليها يريد خراب ودمار البلد.
يرد الشعب: أي انتخابات هذه التي تفتح الباب أمام المسعورين بسعار نهب أموال الشعب؟ ولولا ذلك ما رشحوا أنفسهم. البلد كان عامراً وأنتم الذين خربتموه وهدمتموه، فواردات النفط بالكاد تغطي الإنفاق الجاري لرواتبكم. ولا يوجد، وأنا أكرر ذلك، راتب في العالم أعلى من راتب رئيس الولايات المتحدة الأميركية سوى راتب الرئاسات الثلاث في العراق. والذي يشارك في الانتخابات يشارك في جريمة خراب البلد ودمار حياة شعبه، لأن العالم كله يعرف أن المسؤولين في العراق لصوص، وأكثر شيء فضحهم هو سرقة القرن، وهي متهم فيها كبار المسؤولين العراقيين. ومن العيب عليكم التجاوز على الشرفاء وأهل النزاهة من أبناء البلد الذين يرفضون الفساد الحكومي، والذي هو مفتاح تعطيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعطيل التنمية المستدامة.
وخلاصة القول:
أولاً: إن العراق لن يشهد تنمية اقتصادية ولا اجتماعية بالمطلق، لأن العجز المالي ابتلع كل أموال الخزينة، ولا يمكن تنفيذ أو بناء أي مشروع خدمي بدون رؤوس أموال، وذلك لأن البلد إيراداته النفطية وإمكاناته الأخرى بالكاد تسد احتياجات الإنفاق الجاري المتزايد الخاص برواتب الرئاسات الثلاث.
إن مرشحي العراق ليس بينهم نزيه وعفيف، فهو من اللحظة الأولى التي رشح فيها نفسه لعضوية البرلمان العراقي، راودته أحلام الحصول على الراتب الخيالي لكي يستثري على حساب تفقير الشعب وتعطيل التنمية. وأتحدى أي منهم، على مستوى الرجال والنساء، إذا كانت في ضميره نبضة كهربائية أضعف من الضعيفة، أن يكذب هذا الكلام. فالعراق اليوم أصبح مصنعاً لطبقة من الأثرياء الفاسدين تتوسع وتزداد ثراء فاحشاً، ويزداد عدد أشخاصها، وهي تشكل خطراً متزايداً على الشعب العراقي. فتختار طريق إعلان الحرب عليه خوفاً على مكاسبها ونفوذها ومصالحها، لئلا يفعل بها ما فعله الشعب النيبالي بحكومته عندما قام بقتل الوزراء وأعضاء البرلمان وسحلهم في الشوارع أحياء وأمواتاً.














التعليقات