في قطاع غزة، حيث أصبح الدمار والفوضى جزءاً لا يتجزأ من المشهد اليومي، بدأ العديد من السكان بطرح أسئلة معقّدة حول الدور الذي تلعبه حركة حماس في حياتهم، وكيف أثّرت سياساتها ومسارها التاريخي على واقعهم الحاضر والمستقبل. فبين أنقاض البيوت المدمرة، والمستشفيات المثقلة بالجرحى، وغياب أبسط مقومات الحياة، يتساءل الغزيون عمّا إذا كانت الحركة قد انحرفت عن أهدافها الأولى، أم أن الظروف فاقت قدرتها على تحقيق ما وعدت به.
وبعد مرور 38 عاماً على تأسيس الحركة، وبينما تستعد قيادة حماس للاحتفال بذكرى انطلاقتها، يرى الكثير من سكان غزة أن وعود التحرير والتقدم قد تلاشت منذ زمن بعيد، لتترك وراءها عزلة دولية، أزمات اقتصادية متلاحقة، وانعدام أفق سياسي. فقد تكررت الاعتداءات العسكرية، واستمرت المعاناة الإنسانية، بينما لم يعد المواطن البسيط يسمع سوى خطابات المقاومة والشعارات، دون أن يلمس تغييراً حقيقياً في واقعه.
يقول أحد سكان خان يونس: "ليس الأمر يتعلق بتدمير المنازل فقط، بل بتدمير الأمل". ويضيف: "قد تحتفل الحركة بذكرى تأسيسها، لكن نحن الذين ندفع الثمن كل يوم، من أرواحنا، من مستقبل أطفالنا، ومن استقرارنا النفسي والمعيشي". هذا الشعور بالغضب لا يرتبط فقط بالدمار الناتج عن الحروب، بل أيضاً بشعور عميق بأن الحركة لم تستطع أن تؤمّن الحد الأدنى من ظروف الحياة الكريمة أو فتح آفاق سياسية تضمن حلاً نهائياً.
اليوم تبدو الحركة في أدنى مستوياتها من حيث التأثير السياسي والقيادي، في ظل أزمة إنسانية خانقة، وشعور متزايد بالخيبة لدى الغزيين. فلا قيادة واضحة، ولا رؤية استراتيجية تستجيب للتحديات، ولا علاقات دولية قادرة على كسر العزلة المفروضة على القطاع. ومع تزايد المعاناة اليومية، بدأ التساؤل يتعاظم: هل ما زالت الحركة قادرة على تمثيل تطلعات الناس، أم أن سنوات الصراع أنهكت قدرتها وأفقدتها ثقة الشارع؟
وبينما تستمر معاناة الفلسطينيين في غزة، تبقى الحاجة ملحّة لصوت داخلي جديد، ورؤية مختلفة تعيد الأمل وتضع الإنسان قبل الشعارات، وتبحث عن حلول واقعية تنقذ ما تبقى من حياة على هذه الأرض المنهكة.



















التعليقات