أخبار

على خلفية السجال المحتدم بين فتوش والصفدي

خطاب السياسيين في لبنان: شعبوي غرائزي ويُقصي الآخر

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

السجال المحتدم الاخير بين وزيري حكومة تصريف الاعمال نقولا فتوش ومحمد الصفدي، يعيد طرح سؤال محوري حول الخطاب السياسي في لبنان الذي اصبح اكثر شعبوية ويهدف الى اقصاء الآخر.

بيروت: احتدام السجال بين الوزيرين في حكومة تصريف الأعمال وزير الدولة نقولا فتوش ووزير المال محمد الصفدي، واطلاق عبارات من قبل فتوش من العيار الثقيل، كأن يقول إنّ ما قام به الصفدي عمل مليشياوي، وهذا طبعه بالسليقة فقد جنى ثروته من تجارة السلاح وكلّ تجارة غير مشروعة، وهو الذي انجلط رأسه بعد الجلطة التي أصابته، وهو الذي لم يكن صالحًا في يوم من الأيام كوزير مالية، وهو الحامي للموظفين المرتشين، والذين يتصرّفون بمنطق عصابات ضدّ الناس وحقوقهم ولا سيما حقهم المقدس بالدفاع عن المخالفات والتزوير المرتكب بحقهم"، ومن ثم أن يرد عليه الصفدي بالقول " إنّ المذمّة الآتية من ناقص هي شهادة"، هذا الكلام يفتح الباب واسعًا، امام مشكلة اساسية قديمة جديدة يعاني منها الخطاب السياسي في لبنان، فنحن على حد قول الباحث مانغانو نعيش حالة من عدم الفهمinterincomprehension في ما بيننا.

يشير عالم الاجتماع الدكتور أنطوان مسرّة إلى أنه يجب دراسة الخطاب السياسي السائد، إذ ان لغة الخطاب والجسد هي التي تتكلم بشكل تهديدي، وهذا الاتجاه هو الذي يساهم في تأزيم الوضع السياسي، كما أن هذا الخطاب يتميّز بأنه شعبوي بسيط في مفاهيمه يطلق شعارات التغيير التي يتأثر بها المواطنون "شبه النائمين" والشباب الذين يطلبون التغيير.

ويضيف مسرّة أن اللبناني تحول إلى زبون أكثرمن كونهمواطناً، فأصبح مستزلمًا للقادة السياسيين، وإذا ما قمت بسؤاله ،أي المواطن، عن تغيير الخطاب عند زعيمه بين ليلة وضحاها، يقول لك إن السياسي يعرف لماذا. وهذا الأمر هو الأخطر لأن المواطن يتبع الزعيم مهما فعل دون معرفة الأسباب والحيثيات، وهذه الظاهرة وجدت أيام النازية فكان الشباب يتبعون هتلر دون معرفة خفايا ما يقوم به، ويعتبر مسرّة أن وسائل الاعلام ساهمت في ضرب العقول وضرب القيم الجمهورية، فبعض المسؤولين عن البرامج يديرون ما يقال بأنه حوار يتلقفون العبارات والمصطلحات وكأنهم حياديون، فمن مساوئ رجال الاعلام أنهم ملتصقون بالسياسيين كما توجد تبعية سياسية لوسائل الإعلام وكسل في البحث عن المعلومات.

ويتابع مسرّة أن النزاعات تنشأ في المستنقعات وفي الحوارات المسائية التي تكون دون معايير ودون رقيب أو قواعد، وبهذا تحوّلت وسائل الإعلام إلى منبر للسياسيين.

ويؤكد مسرّة أن ما يحصل هو استراتيجية أبعد من الإعلام تهدف إلى ضرب المؤسسات لجعل النظام غير قابل للحكم، فيما الاعلامي مخدوع.

ضغط من الاطراف

تعتبر عالمة الاجتماع الدكتورة ليلى خوند أن الخطاب السياسي اليوم هو مجرد حالة ضغط تمارس من الاطراف على بعضها البعض من خلال استخدام الكلمات النابية، ومن استراتيجيات هذا الخطاب ان يحرج كل طرف الآخر، ويقوم ايضًا باقصائه، سياسيًا واجتماعيًا، وتؤكد أن كل فريق يقوم اليوم باستعمال العبارات القاسية والمنفرة لانه يدرك أنه غير مقنع، ولا يملك حجة قوية، مع وجود افلاس في استخدام اللغة العلمية، وفي النتيجة مع وجود نظام مبني على الطائفية كما هو الحال في لبنان فان التهويل والكلام النابي سيكونان سيّدي الموقف، وعندها يتصرف المسؤولون كضحية ويلجأون إلى تهويل الآخر، واقصائه.

وعن دور وسائل الاعلام في زيادة الاحتقان والتأزم في الشارع، تشير إلى أنه لا يمكن لوسائل الاعلام أن تكون مجردة من أي غاية فهي من حيث تركيبتها السياسية والاجتماعية تعبر عن جهة سياسية معينة، فكيف نطلب منها التجرد؟ وتشير الى أن وسائل الاعلام موزعة اليوم بشكل غير ديمقراطي وغير حيادي على الاطلاق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف