فنجان قهوة على الحائط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في مدينة البندقية الإيطالية وفي ناحية من نواحيها النائية، بينما كنا نحتسي قهوتنا في أحد المقاهي جلس إلى جانبنا شخص وقال للنادل: "إثنان قهوة من فضلك واحد منها على الحائط"، فأحضر النادل له فنجان قهوة فاحتساه صاحبنا لكنه دفع ثمن فنجانين، وعندما خرج الرجل قام النادل بلصق ورقة على الحائط مكتوب فيها: "فنجان قهوة واحد". وبعده دخل شخصان وطلبا "ثلاثة فناجين قهوة واحد منهم على الحائط"، فأحضر النادل لهما فنجانين فاحتسا قهوتهما ودفعا ثمن ثلاثة فناجين وخرجا، فقام النادل ولصق ورقة أخرى مكتوب فيها "فنجان قهوة واحد".
وفي أحد الأيام كنا في المطعم نفسه، فدخل شخص يبدو عليه آثار الفقر وقال للنادل: "فنجان قهوة من على الحائط". أحضر النادل له فنجان قهوة فاحتساه وخرج من غير أن يدفع ثمنه. بعدها مباشرة قام النادل بنزع واحدة من الأوراق الملصقة على الحائط ورماها في سلة المهملات.
تأثرنا طبعا من هذا التصرف الرائع لسكان هذه المدينة الذي يعكس صورة من أرقى أنواع صور التعاون الإنساني، فما أجمل من أن نجد من يفكر بأن هناك أناس لا يملكون ثمن الطعام والشراب، وترى النادل يقوم بدور الوسيط بين من يملك المال ومن لا يملك المال بسعادة بالغة ووجه طلق باسم، ونرى المحتاج يدخل المقهى وبدون أن يسأل "هل لي بفنجان قهوة بالمجان لأني لا أملك المال"، يكفي أن ينظر إلى الحائط ليعرف أن بإمكانه الطلب وبدون أن يعرف من المتبرع به. كم نحتاج لمثل هذا الحائط في بلداننا العربية والإسلامية. (الراوي: عبد المجيد الفوزان).
تأثرت بهذه القصة الحقيقية، فقلت لنفسي لماذ لا تبحث أكثر فقد تجد قصصا أخرى تعزز هذه الفكرة الإنسانية الرائعة، وفعلا وجدت أكثر من قصة، فقررت أن أشارك القراء الكرام فأخترت لكم الآتي:
القصة الأولى
على مدى أكثر من عشرين عاما، كرس طبيب أمريكي يدعى "جيم ويذرس" من بيترسبورغ في ولاية بنسلفانيا الأمريكية حياته لعلاج المشردين والتخفيف من آلامهم دون أن يتقاضى أي أجر مقابل ذلك، مكتفيا بالسعادة التي يحصل عليها من خلال مد يد العون للمحتاجين. يحمل الطبيب "ويذرس" حقيبته مساء كل يوم، مرتديا ملابس المشردين ويطوف على الأزقة والطرقات بحثا عن الأشخاص الذين تقطعت بهم سبل الحياة، ولم يجدوا مأوى يقيهم برد الشتاء أو حر الصيف ليقدم لهم العلاج اللازم، ما جعله يحمل لقب "طبيب الشارع".&
وكان "ويذرس" قد بدأ بعلاج المشردين منذ العام 1992م جنبا إلى جنب مع "مايك سالوز" وهو مشرد سابق، حيث دأبا على الخروج ليلا كل يوم للكشف على المرضى المشردين وتقديم الأدوية لهم بالمجان. ويقدر "طبيب الشارع" عدد المشردين الذين يعالجهم سنويا بأكثر من 1200 مريض. وفي بداية عمله مع المشردين كان "ويذرس" يملأ حقيبته ببعض العينات المجانية من العققاير التي يحصل عليها من شركات الأدوية، ومع مرور الوقت تطورت تجربته لتتحول إلى مبادرة وطنية تضم العديد من الطلاب والمتطوعين الذين يقدمون خدمة العلاج المجاني للمشردين. لم تقتصر هذه المبادرة الإنسانية على الأراضي الأمريكية بل تعدتها إلى خارج الحدود، حيث تم إستنساخها في أكثر من 90 بلدا حول العالم لتتحول إلى تجربة عالمية يحتذى بها، بهدف رفع المعاناة عن المشردين.
القصة الثانية
مطعم "روزا للبيتزا الطازجة" في فيلادلفيا الأمريكية من المطاعم التي تركت يدا بيضاء على الكثير من المشردين حيث إبتكر صاحب المطعم "ميسون أرتمان" الذي يبلغ من العمر 26 عاما، ومن خلال أوراق الملاحاظات الملونة أسلوبا مميزا وخيريا لمساعدة المشردين، وكانت بداية إنطلاق العمل الخيري تمت بعد أن سلمه أحد العملاء دولارا واحدا إضافيا مقابل ثمن شريحة بيتزا أكلها، وطلب منه أن يكون هذا الدولار ثمنا لشريحة بيتزا أخرى يقدمها لأحد المشردين، فعلق "أرتمان" لافتة تقول : "إنا هناك شريحة بيتزا مجانية لأحد المشردين الذين لا يملكون ثمن أي طعام". ثم بدأ "أرتمان" يشرح لزبائنه الفكرة، حيث يستطيع كل شخص أن يدفع دولارا واحدا مقابل شريحة بيتزا يقدمها للمشردين، ويصبح من حقه أن يدون ملاحظة لطيفة للمشردين يعلقها على جدران المحل.&
وقد نجحت هذه الفكرة بشكل غير مسبوق، حتى أنه خلال 10 أشهر فقط من إبتداء الفكرة إشترى زبائن المحل أكثر من 8400 شريحة بيتزا للمشردين، بما يعادل 40 شريحة يوميا تقريبا. ما كان يلفت نظر الزبائن والمارة لهذا المطعم هو كثرة أوراق الملاحظات التي تغطي جدرانه، وقد كتبت عليها عبارات جميلة متبادلة من قبل المتبرع والمشرد المستفيد. أما أجمل جزء في هذه القصة هو أن المتبرعين لم يكونوا كلهم عملاء أغنياء أو حتى متوسطي الحال، بل كان من بينهم بعض المشردين الذين دفعوا مقابل شرائح بيتزا لمشردين آخرين.
ما دفعني لكتابة هذه المقالة بطريقة سرد القصص الحقيقية هو ما رأيته بأم عيني قبل حوالي أسبوع، حيث كنت جالسا في أحد المقاهي - "كوستا" - أحتسي القهوة، ودخل شخص تدل هيأته ولباسه على أنه إنسان فقير يعاني شظف العيش، وأخذ يلتفت يمينا وشمالا وهو يتفحص وجوه الزبائن الجالسين بطريقة غريبة تلفت النظر. بدأت أراقبه من حيث لا يشعر، وبعد حوالي ثلاث أو أربع دقائق إقترب من أحد الزبائن وانحنى قليلا وهمس في أذنه. مد الزبون يده في جيبه وأخرج محفظته وسلمه مبلغا من المال، فتوجه إلى النادل وطلب فنجان قهوة وجلس يحتسيه على إحدى الطاولات، وقد إنفرجت أساريره وبانت عليه آمارة الرضا والراحة النفسية، ثم غادر المقهى بعد حوالي نصف ساعة وهو يبتسم بإستحياء. قلت في نفسي: سبحان الله، ما أجمل عمل الخير، أربعة دولارات فقط هي قيمة فنجان القهوة أدخلت البهجة والسرور في قلب إنسان يعاني شظف العيش.&
القصص الثلاث التي ذكرتها أكدت لي أن إبداع الأمم المتحضرة لا يقتصر على العلوم والإختراعات التي التي غيرت حياة الناس للأفضل وفتحت لهم آفاقا جديدة، بل تعدتها إلى الإبداع في إبتكار طرق إنسانية لفعل الخير، تحفظ كرامة الفقراء والمحتاجين من ذل سؤال الناس.&
لماذا لا نحذوا حذوهم في نشر ثقافة الإهتمام بالغير والشعور به؟ فمساعدة المطاعم والمقاهي في توفير فناجين القهوة والوجبات الخفيفة للمحتاجين بهذه الطرق الإنسانية لا تكلف كثيرا، وتخفف من معاناتهم وتدخل البهجة والسرور في أنفسهم. كما أنها قد تحد من تبذيرنا وإسرافنا. هل نرى قريبا مثل هذه اللافاتات معلقة على جدران المطاعم والمقاهي في الدول العربية والإسلامية؟ إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.&
&التعليقات
الدنيا بخير والحمد لله
اللهم أجعلنا من المحسنين -طال عمرك ، في أمريكا في معظم مشارب البيرة توجد هذه العادة الجيدة وياما روينا عطشنا بفضلها أيام الفلس الطلابي وطالما أروينا بها عطش المساكين بعد أن فتح الله علينا ، لكن في الحقيقة المساكين ليسوا بحاجة إلى بيرة أو قهوة أكثر من حاجاتهم للطعام والدواء والملابس الدافئة أثناء الشتاء والمأوى الدافئ أثناء العواصف الممطرة والثلجية ،وقد شاهدت معظم الكنائس الأمريكية تقدم الوجبات المجانية لذوي الحاجة ولقد شاهدت مساجد كثيرة في أمريكا تطعم جوعي غير مسلمين أثناء وجبة الإفطار في شهر رمضان (ولكن والحق لله يقال لم أشاهد قط معبد يهودي يقدم طعام مجاني للمحتاجين ولكن من أجل براءة ذمتي أروي لكم أنني ذات مرة ذهبت من باب الإستطلاع ، مع صديقة طالبة يهودية لمعبد يهودي وصليت معهم ، أي والله ! صليت معهم وكانت صلاتهم توحيداً لله وتمجيداً له ، ولكنهم لم يتوضأون قبل الصلاة ، المهم ، بعد الصلوات أطعمونا وجبة فاخرة وحدث أيضاً أنني ذهبت ليلية عيد الميلاد وزرت كنيسة كاثوليكية قريبة من بيتي وجلست معهم أثناء الصلاة وباركت لهم العيد ، ومن ملاحظاتي أن أهل المعبد اليهودي لم يسألوا الناس عن التبرعات كما نفعل نحن في المساجد وكما يفعلون في الكنائس) ، ولكن الأهم من هذا وذاك هو وضع برامج لذوي الحظ المتعثر تعيد تأهيلهم وإعدادهم من أجل الحصول على وسائل الكسب الشريف التي تجعلهم مستقلين عن الحاجة للآخرين. وشاهدت أيضاً في الكثير من البلاد العربية التي زرتها أن لدينا الكثيرين من أهل الخير والإحسان من جميع الطوائف ، وأقسم بالله العظيم أنني أعرف شخصياً طالب لبناني مسلم عجز عن دفع أقساط الجامعة فقامت كنيسة لبنانية في تلك المدينة الأمريكية بدفع أقساطه حتى تخرج من الجامعة ، وأعرف شخصياً عن عدة حالات مرضية لمرضى أمريكيين وفي أمريكا ممن تطلبت حالاتهم المرضية جراحات وعلاجات باهظة دفعت تكلفتها مؤسسات خيرية لأثرياء عرب مسلمين ، وأعرف عدة مؤسسات خيرية يمولها أثرياء يهود أمريكيين تتبرع بنفقات المنح الدراسية في الجامعات للطلاب الفقراء المتفوقين من غير السؤال عن هويتهم الدينية .. والدنيا مازالت بخير والحمد لله
كتبت هذا قبل تعليقات
الانعزاليين المريضة -ما في داعي لجلد الذات يا استاذ هناك من يعطف على الفقير ويقدم وجبات مجانية في عالمنا الاسلامي مثلا في تركيا تخصص بعض المحلات ارفف لخبز مجاني للفقراء وفي تركيا ينثرون الحب على الجبال المثلجة حتى تأكل الطيور قلت هذا قبل ان يأتي اليك كالعادة الطابور الكنسي والالحادي الانعزالي ويشوه الحوار بالتعليقات السمجة والسفيهة
أحسن عمل خيرى
فول على طول -أحسن عمل خيرى يقدمة الذين امنوا لأنفسهم وللبشرية هو التوقف عن القتل والقتال وتكفير الاخرين والتفجير من أجل الحوريات ومعاملة بعضهم بالحسنى وبالتساوى ولو فعلوا ذلك لاكتسبوا ثناء العالم كلة ورضى اللة عنهم . هذة الأشياء لن تكلفهم شيئا ولكن هل سيفعلونها ؟ أشك .
انه الاسلام
اختكم في الاسلام -والله ان هذا ما دل علية الحبيب علية السلام. فمن واجبنا كمسلمين ان نقتدي بسنة نبينا, لانها ما حثت الا على كل خير
الى رقم 2 برافو
كمال كمولي -الانعزالي المريض رقم 2 اكد وبرهن بنفسه على انه انعزالي لا يهتم بالاخرين ولا يهمه امرهمسواء كانوا مرضى او محتاجين او فقراء من خلال المثال الذي طرحه من تركيا حيث يبذر الناس هناك الحبوب على الجبال لاطعام الطيور اما البلد العربي الذي ينتمي اليه رقم 2 فليس له علم ان كان قد حدث فيه خير ولو مرة واحدة اولا لم يحدث
Iraq
Iraqi -الانسانية ومساعدة الاخرين يجب ان تكون بدون مقابل. كثيرون يساعدون الغير طلبا للحسنات والثواب ولهؤلاء اقول انكم منافقون وهذه ليست انسانية بل تبادل مصالح. انتم تريدون شراء الجنه باموالكم لا باخلاقكم.
تحية للكاتب
السامري الصالح -المؤمنون رحماء بينهم و أشداء على الكفار، إنما المؤمنون أخوة ً ؟ ماذا عن غبر المؤمنين !!؟؟؟؟ دم المسلم على المسلم حرام ! هل هذا يعني ان دم الغير مسلم حلال ، هذه مقتطفات مما يرده الذين آمنوا بدين الحق ، و لكن ماذا يقول الانجيل المحرف الذي هو كتاب الضالين ، اذا اقمت وليمة فادع للوليمة من لا يستطيع ان يرد لك بالمثل و أحسن لمن إساءة إليك و احبوا من يبغضكم ، انها تعاليم تريد من الانسان ان يرتقي من الفطرة الغريزية في الانتقام
اساليب تقترب من البذائه
Farooq -في الكثير من الدول العربيه والاسلاميه يوجد عمل الخير واطعام الفقير والمسكين كما في البقيه من الدول في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن دياناتهم . لا تحولوا الموضوع الى نقاش ديني وطعن في الأديان كما يفعل بعض ألمعلقن الذين لا يفوتوا فرصه بمناسنه ودون مناسبه للتهجم على الديانات وشتمها باساليب تقترب من البذائه وقله الذوق . عيب عليكم وعلى تعليقاتكم البذيئه وكل اناء بما فيه ينضح .
الى فاروق 8
دياري -لم اجد اية بذاءات في التعليقات وكلها كلام معقول وانساني الا تعليقك انت ..انا شخصيا لا اعترف بالحسنة اذا كانت كما يقال تحسب في ميزان الحسنات وهذا اولا نفاق والتفتيش عن المصلحة مثل ما يسمى ( زواج المصلحة ) المهم ان تقوم بعمل انساني لارضاء ضميرك الحي من غير ان تطمع الى مكافئة او مجازاة لقاء ذلك فاين انسانيتك اذن ؟! هل لمن يدفع اكثر ؟!..
إيلاف: عليك التعامل بحزم
وجدية مع فول على طول -الذي يسمي نفسه فول على طول يخطف كل الموضوعات المطروحة ويحول مسار النقاش فيها إلى جدل كراهية دينية وتراشق ! حان الوقت يا إيلاف أن تمنعوا هذا العبث.
فنيسيا البندقيه
محايده -هذه فينيسيا البندقية من أجمل ما رأيت وزرت فهذه المكان الذي عشقته حين جلست مره في الركن الهادي والمنظر الخلاب على احد كوفيهاته ويدعوني حنيني دائماً اليها لاشم من خلالها عبق التاريخ ...عموما صنع الخير ينبع من الانسان وإحساسه بالغير وحبه لمساعدته يكون بأصالته وبغض النظر عن دينه ..شركة ماكدونلز للوجبات السريعة عملت فندقا خيريا وبسعر رمزي لمرضى القلب وعائلاتهم بجانب مستشفى القلب في ميونيخ ..وكان لدي فرصة زيارته وقالوا لي هذا فندق خيري بسعر رمزي لمرضى القلب من شركة ماكدونلز ..الخير متأصل في انسان الخير والشر متأصل في انسان الشر ..