إتصل به قبل وفاته التي لم تحسم الجدل حول دوره الإستخباري
قصة الإسرائيلي الذي كشف علاقة مروان بإسرائيل
وفاة أشرف مروان :تاريخ حافل بالغموض لندن: سقوط أشرف مروان من شرفته يثير تكهنات انتحار بعد حوار مع جيهان السادات.. أسرار مثيرة يكشفها صديق زوجها
أسامة العيسة من القدس : بإمكان ايلي زعيرا، رئيس الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، أن يتنفس الصعداء الآن، بعد وفاة خصمه اللدود اشرف مروان، بطريقة غامضة في لندن.
وكان زعيرا، الذي ترأس الإستخبارات العسكرية قبيل وخلال حرب تشرين الأول(أكتوبر) 1973، أول القادة الإسرائيليين الذين تم التخلص منهم، بعد هزيمة إسرائيل في تلك الحرب، وعاش طوال عمره يدافع عن نفسه وعمّا اعتبره شرف العسكري.
وقبل سنوات خرج زعيرا عن طوره وأعلن، بأن الشخصية العربية رفيعة المستوى التي نقلت إلى إسرائيل موعد الحرب قبل اندلاعها بيومين، لم يكن سوى اشرف مروان، صهر الرئيس عبد الناصر، ومستشار الرئيس السادات.
واعتبر زعيرا، بأن مروان، ضلل القيادة الإسرائيلية، واتهمه بالعمل كعميل مزدوج، وكان بذلك يحاول حسم الجدال حول مروان، الذي اندلع في الأوساط الإسرائيلية، بعد أن تطرق الصحافي والمؤرخ اهرون بريغمان لهذا الموضوع في كتاب له، إثر حصوله على معلومات من زعيرا حول أشرف مروان. وأشار بريغمان في تصريحات أدلى بها لصحيفة هارتس اليوم، بأنه كان على اتصال مع مروان، حتى قبل وفاة الأخير.
وإذا كان زعيرا، قد حسم أمر أشرف مروان، فإن الأمر ليس بهذه السهولة لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية، وخصوصًا الموساد، الذي ما زال حائرًا حيال شخصية مروان.
وقال أهرون بريغمان، الذي هاتف مروان قبل مقتله، وكان من المفترض أن يلتقيه بعد ظهر أمس الأربعاء، لصحيفة هارتس بأنه عندما تحدث مع مروان، يوم الثلاثاء، قبل مقتله لم يلمس أي شعور بالآسي في صوت مروان، الذي شكا من صداع خفيف.
وقال بريغمان، إنه ليس لديه أي فكرة حول إذا ما كان مروان قد انتحر أو قتل، مشيرًا إلى أن مروان، لم يكن مرتاحًا لتسريب زعيرا لاسمه.
واضاف بريغمان، أن الأمر المأسوي، في هذا الشان هو أن المخابرات الإسرائيلية، والمؤسسة الأمنية، ووزير الدفاع، لم يتمكنوا من منع زعيرا من كشف اسم مروان، بصفته العميل صاحب الدور في حرب تشرين الأول (أكتوبر).
ورأى بريغمان، بأن تسريب اسم مروان، كان له آثارًا وخيمة على قرار أي شخص يريد أن يتعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية، خشية أن يحدث معه، ما حدث مع مروان.
وتحدث بريغمان، عن توثق علاقته بمروان، بعد أن نشر كتابًا نشر فيه مقابلات بشان مروان، والاتهامات الموجهة إليه بأنه كان عميلاً مزدوجًا.
وحسب بريغمان، فإن مروان، بدأ بكتابة مذكراته عام 1971، بعد عامين من بدء عمله لصالح الموساد.
وقال بريغمان إنه سأل مروان مرة عن هذه المذكرات فأجابه الأخير، بأنها ستكون حول أمور كثيرة في مصر، وكيفية عمل النظام هناك، وسياسته ضد إسرائيل. وأضاف بريغمان: quot;عندما اخبرني بذلك استنتجت انه كان فعلاً عميلاً مزدوجًاquot;، وهو ما كان قد سمعه بريغمان لأول مرة من زعيرا.
وكان بريغمان قد نشر تقريرًا موسعًا في صحيفة يديعوت احرنوت يوم 6 أيار (مايو) 2005، بعد احتدام الجدل في إسرائيل حول مروان، ذكر فيه بأن وقوف مروان بعد 31 عامًا يصافح الرئيس المصري مبارك في احتفالات حرب تشرين الأول (أكتوبر)، لا يدع مجالاً للشك بأن مروان كان بالنسبة إلى مصر بطلاً قوميًا، وهو ما يجب حسم الجدال حول ذلك.
وسجل أحد العاملين في وحدة مراقبة المحطات العربية في جهاز الموساد الإسرائيلي، شريطًا يظهر العناق بين مروان ومبارك، وهو ما جعل بيرغمان يكتب في يديعوت معلقًا quot;في هذا الشريط يقف اشرف مروان بعد إحدى وثلاثين سنة يصافح بحرارة يد الرئيس المصري أمام الكاميرات في ذكرى الاحتفال بالنصر على إسرائيل ويرافقه لوضع إكليل الورود على ضريح الرئيس عبد الناصر. بعد الآن لم يبق هناك أي مكان للشك، فالرئيس المصري لا يتعامل على هذا النحو مع أكبر خائن عرفته مصر، إن صورة واحدة تساوى ألف سجال أكاديميquot;.
ولم يكن الجدال في إسرائيل حول مروان ذو طابع أكاديمي كما يذكر بيرغمان، ولكنه وصل إلى المحاكم، عندما رفع الجنرال إيلي زعيرا دعوى قدح وذم ضد رئيس الموساد الأسبق تسفي زامير، الذي اتهم زعيرا بتسريب اسم مروان إلى بيرغمان، وطالب بتقديم زعيرا إلى المحاكمة بتهمة إفشاء الأسرار.
وحسب ما كشفته الوثائق الإسرائيلية، فإن مروان الذي عرف بأنه شخصية عربية مرموقة، تقدم بنفسه إلى السفارة الإسرائيلية في لندن وطلب العمل مع الموساد، مما أثار استغراب موظفي السفارة، فطلب منهم إبلاغ قيادة الموساد بعد أن ترك اسمه وعنوانه، ووجدت قيادة الموساد في مروان صيدًا ثمينًا، وجندته بعد أن اشترط أن يأخذ مليون دولار عن كل لقاء.
وخلال عمله مع الموساد، إلتقى مروان بزعيرا، الذي وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه، بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر)، وتشكيل لجنة تحقيق في نتائج الحرب أطلق عليها اسم quot;لجنة أغراناتquot; التي أنهت عملها في الأول من نيسان (أبريل) 1974.
وقبل ذلك قدمت لجنة اغرانات تقريرها في الأول من نيسان (أبريل) 1973، ومن بين ما توصلت إليه اتهامات للقيادتين السياسية والعسكرية، بأنها لم تقدر حتى ساعات الصباح الباكر من يوم الحرب، أن حربًا شاملة على وشك الوقوع، وانه عندما أعلن زعيرا رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن مصر وسورية تزمعان شن حرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية، لم يمكن ذلك الإنذار القصير المدى أجهزة التعبئة الإسرائيلية من حشد قوات الاحتياط بصورة منظمة.
وحددت اللجنة ثلاثة أسباب جوهرية لما اعتبرته فشلاً إسرائيليًا جسيمًا، في عدم الاستعداد للحرب وهي التقديرات أن مصر لن تشن حربًا على إسرائيل، إلا بعد أن تضمن لنفسها القدرة الجوية على مهاجمتها، وان سورية لن تشن هجومًا شاملاً على إسرائيل إلا في وقت واحد مع مصر، والثقة المفرطة لدى جهاز المخابرات في قدرته على إعطاء إنذار مسبق يمكن الجيش من التعبئة في الوقت المناسب.
وما نشر من تقرير لجنة اغرانات مليء بالتفاصيل حول أوجه القصور، واورد التقرير أسماء من القيادتين السياسية والعسكرية، متهمة بالتقصير، ونتج عن ذلك تقديم رئيس هيئة الأركان دافيد اليعازر استقالته، وكذلك فعل قائد المنطقة الجنوبية اللواء شموئيل جونين، ورئيس الاستخبارات العسكرية ايلي زعيرا، ومساعده العميد أرييه شيلو.
وتحول زعيرا، إلى كبش فداء لتلك الحرب، على الرغم من انه تسلم مهمته كرئيس للاستخبارات العسكرية في الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، بينما نشبت الحرب بعد ذلك بستة أيام.
وانتظر زعيرا على أحر من الجمر ثلاثين عامًا، حتى يستفيد من القانون الإسرائيلي الذي يسمح بالإفراج عن الوثائق، كي يقدم دفاعه عن نفسه، وهو ما فعله في تقرير مثير قدمه إلى الكنيست.
واصدر زعيرا أيضًا كتابًا حاول فيه الدفاع عن نفسه، وادلى بمقابلات عديدة، كان اشهرها لاهرون بريغمان، الذي اسر له فيها عن اسم اشرف مروان.
وتوثقت علاقة بريغمان بأشرف مروان، على الرغم من أن الأول هو أول من نشر اسمه كعميل مزدوج، وكان على اتصال به حتى يوم الثلاثاء قبل يوم من وفاة مروان، وربما كان آخر شخص قداتصل به.
التعليقات