بشار دراغمه من الضفة الغربية: تحل الأسبوع المقبل الذكرى الحادية والثلاثون لحرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 ، ورغم طول الفترة الزمنية على انتهاء الحرب إلا أن حربا داخلية من نوع آخر تشهدها الساحة الإسرائيلية هذه الأيام.

فجنرالات الحرب مازالت الاتهامات توجه إلى بعضهم ويحمل كل منهم الآخر المسؤولية حول الخسارة التي تلقتها إسرائيل لا سيما على الجبهة المصرية، ومن المتوقع أن تنتقل هذه المعركة الداخلية لتصل إلى المحاكم إذ أعلن ايلي زعيرا رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في ذلك الوقت، نيته مقاضاة رئيس الموساد الإسرائيلي، في حينه، تسفي زمير، بتهم عديدة أولاها القذف والتشهير.

وكان زمير قد أدلى بتصريحات إلى القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بمناسبة ذكرى الحرب، وجه خلالها اتهامات شديدة إلى زعيرا، كان أبرزها القيام بعملية تضليل للجيش الإسرائيلي ورئيسة الوزراء في ذلك القوت غولدا مائير بشكل متعمد، وإخفاء معلومات عن مائير وعن القيادة العامة للجيش الإسرائيلي عشية الحرب.

وحسب زمير فان مصدرا مصريا موثوقا نقل إلى إسرائيل، قبل الحرب، معلومة تقول إن التدريبات التي أجراها الجيش المصري آنذاك، من شأنها إن تنتهي بشن هجوم على إسرائيل، كما حدث على أرض الواقع، لكن زمير يدعي أن زعيرا لم يحول هذه المعلومة إلى وزير الدفاع، موشيه ديان، آنذاك. ويقول زمير: "فرض زعيرا رقابة على المعلومات وأوصل ما تلاءم منها مع تفكيره المريض فقط" ، وأضاف قائلا: "وأنا أطالب بمحاكمة زعيرا بتهمة تسريب هوية المصدر المصري الرفيع الذي عمل في خدمة إسرائيل قبل الحرب"، وكان زعيرا قد أدلى، قبل أسبوعين، بتصريحات صحافية اثر صدور الطبعة الجديدة من كتابه "الأسطورة مقابل الواقع - حرب يوم الغفران: إخفاقات وعبر"، أشار فيها إلى رجل الأعمال المصري الدكتور اشرف مروان، زوج ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي كان يتولى وقتذاك منصب مستشار الأمن القومي للرئيس أنور السادات. ويقول زمير ان تصرفات زعيرا هذه أدت إلى إلحاق الضرر الكبير بإسرائيل في الماضي وكذلك في المستقبل. وقال إن اشرف مروان، كان جاسوسا مزدوجا خدم مصر بنجاح كبير، وشارك في الخديعة المصرية لإسرائيل.

ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" عن زعيرا قوله ردا على اتهامات زمير، انه لا ينوي تجاوز "الأكاذيب التي يروج لها رئيس الموساد الأسبق"، حسب تعبيره. وقال انه سيلتقي مستشاريه قريبا لتقديم دعوى قضائية ضد زمير.

وفي تصريحاته أعلن زعيرا تحمله للمسؤولية الكاملة عن الأخطاء التي ارتكبتها شعبة الاستخبارات العسكرية، لكنه أكد أن موشيه ديان، وديفيد اليعزار رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، لم يأمرا في حينه باستدعاء الجيش الاحتياطي، رغم رفض ديان، في الخامس من أكتوبر 1973، قبل يوم واحد من الحرب، للتقديرات التي قدمتها إليه شعبة الاستخبارات بشأن "الاحتمالات الضئيلة" لاندلاع الحرب، وشدد على أن احتمالات اندلاع الحرب كانت "عالية جدا".

وقال زمير تعقيبا على ذلك: "كان زعيرا هو المراقب، وكان هو من يتحمل مسؤولية التحذير من الحرب, كانت هذه هي مهمته، وقد فشل في ذلك. وأنا أقول انه فشل عن سابق علم".

وطالب زعيرا بالتحقيق في الموضوع بشكل جذري، مدعيا انه "إذا لم يتم ذلك فان أجهزة المخابرات الإسرائيلية ستقع، في المستقبل، أيضا، ضحية للعملاء المزدوجين وللتضليل".

وتقول يديعوت أحرونوت ان الموساد يدعي منذ سنوات أنه يدرس الموضوع، وانه لم يتوصل حتى الآن إلى ما يثبت دور أشرف مروان كعميل مزدوج. إلا أن زعيرا وجهات أخرى يصرون على موقفهم.