علي المعني من لندن: ظل اشرف مروان الذي يعيش في بريطانيا منذ أكثر من عشرين عاما مع زوجته منى كريمة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بكونه لا أكثر من رجل أعمال من بعد أن ترك منصبه مستشارا سياسيا للرئيس المصري الراحل أنور السادات وهو أمضى في ذات المناصب عقد السبعينيات الماضية قبل أن يذهب نحو الغربة قاصدا لندن.
وفي تقارير فجرها كتاب نشرت بعض تفاصيله صحيفة (ها آرتس) الإسرائيلية نقلا عن مقال لمؤرخ إسرائيلي هو أهارون بريغمان كتبه في صحيفة (يديعوت آخرونوت) في سبتمبر (أيلول) الماضي في تقديم لكتابه (تاريخ إسرائيل) وكتاب لمؤرخ آخر هو يوري بار عنوانه (ذي ووتش مان هو سليب) بمعنى (الرجل الحارس الذي ينام) الذي نشره المؤرخ الإسرائيلي المعروف يوري بار، فإن أشرف مروان رجل الأعمال المصري المعروف والشهير سياسيا كونه كان مدير مكتب الاتصالات الخارجية للرئيس المصري الراحل أنور السادات كان يقوم بدور العميل المزدوج لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ومصر سواء بسواء.
ونشرت صحف المعارضة المصرية اليوم تقارير عن بعض تفاصيل الكتاب وهي وقفت في شكل حاسم ضد ما زعمه في بعض التفاصيل ولكن لوحظ أن هذه الصحف لم تكن تمتلك المعلومات الكافية بما جاء فيه من معلومات يؤكد المؤرخ أنها صحيحة.
ويزعم الكتاب حسب ما نشرت بعض فقراته صحفة (هاآرتس) أن أشرف مروان قدم خدمات إلى سفارة إسرائيلية في دولة أوروبية في العام 1969 مقابل مبالغ مالية، ولكن هذا العرض قوبل بالشك والريبة من جانب جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) الذي كان يعتقد أن الرجل بصفته الشخصية قد لا يكون عميلا مزدوجا موثوقا، حيث هو صهر الرئيس المصري جمال عبد الناصر العدو الرقم واحد لإسرائيل.
ولكن كتاب يوري بار يزعم أيضا أن أشرف مروان قدم معلومات كانت غالية الثمن ومهمة و"هي تتصور حدود المألوف والتصور لدى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي"، إضافة إلى أنها أدهشت وزير الدفاع الإسرائيلي الراحل الأسبق موشي دايان الذي قاد حرب العام 1967 ضد العرب الذين خسروا سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية في تلك الحرب.
ويشير الكتاب إلى أن معلومات اشرف مروان لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي كانت مهمة جدا عن مصر والعالم العربي "وهي كلها كانت صحيحة ووزعت على أوسع نطاق ما عدا بعض المعلومات التي لم تكن صحيحة عن استعدادات حرب يوم كيبور (حرب أكتوبر) العام 1973 ".
ففي تقاريره إلى جهاز الموساد، أبلغ أشرف مروان (حسب الكتاب) هذا الجهاز أن الحرب ليست قادمة ولن تحصل،&كما أبلغه&أيضا أن الرئيس أنور السادات لن يخوض حربا في وقت وشيك.، ويقول الكتاب "وهذا ما كان غير صحيح في معلومات أشرف مروان، فالرئيس السادات شن الحرب وضرب العمق الإسرائيلي تحت ما كان يسمى وقتها في العرف الاستراتيجي (سياسة التوقع)".
وحسب الكتاب، فإن رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي كان يثق بكل التقارير التي تصله من أشرف مروان، حيث كان يصر دائما على أن الحرب لن تقع ابدا، وأن مصر غير مستعدة لها "حيث مقاتلاتها بعيدة المدى وصواريخها غير قادرة على ذلك الفعل في مدى منظور".
ويكشف الكتاب عن أن الرئيس الراحل أنور السادات نأى بنفسه عن فكرة الحرب المتوقعة في العام 1972 ، وبدل أن ينتظر دعما سوفياتيا لدعم منظومة الصواريخ بعيدة المدى لشن حرب شاملة، فإنه شن حربا على نطاق محدود في غرب سيناء، وأحرز انتصارات مرموقة، إلى ان جاءت حرب أكتوبر العام 1973 .
وليس كتاب المؤرخ يوري بار هو الوحيد الذي كشف دور العميل المزدوج لصهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومدير مكتب الاتصالات الخارجي للرئيس الراحل أنور السادات في عقد السبعينيات، بل أن التقارير تعيد إلى الأذهان كتابا كان نشره الجنرال إيلي زائيرا الذي كان رئيسا لجهاز الموساد الإسرائيلي قبل ثلاثين عاما يشير إلى معلومات تلقاها جهازه من عميل مزدوج (قد يكون أشرف مروان).
وكلام زائيرا الذي هو أول شخص يشير على وجود عميل مزدوج عشية حرب أكتوبر 1973 يؤكد حسب العميل المزدوج إلى أن مصر "لن تعلن حالة النفير العسكري العام". والعميل كما يقال انه كان أشرف مروان الذي كان وقتها يقوم بمهمة السكرتير الخاص للاتصالات الخارجية للرئيس الراحل أنور السادات.
يذكر أن اشرف مروان كان واحدا من ألمع نجوم السياسة العربية في السبعينيات من القرن الفائت، إلى أن استقر به المقام في العاصمة البريطانية مستثمرا ورجل اتصالات مالية واقتصادية واجتماعية بعيدا عن الشان السياسي، وهو ترأس لسنين طويلة&جمعية الجالية&المصرية في بريطانيا، وعولج قبل سنتين من مرض في القلب لكنه الآن معافى ويزاول مهماته كرجل أعمال كالمعتاد.