أعوام ٌ مضت وأنا أجد الكثير من الصعوبة حين أحاول تحبير شيء عن علاقتي بناشر quot;إيلافquot; ومؤسسها سيدنا الصحافي الكبير عثمان العمير..
وأعوام مضت أيضاً وأنا أحاول دون جدوى مقاومة سحر السباحة في سماواته العلى، وعوالمه المتناثرة ، وحقوله الظليلة الوارفة، محاولاً قدر استطاعتي الإمساك به دون جدوى ، إذ هو بحد ذاته حراك لا يهدأ طرفة عين، مهما كانت الظروف، ومهما كان وقع المياه وصخبها تحت النهر أو فوقه.
حين الحديث عنه، أجد نفسي مجبراً بشكل كبير على تبيان الألفاظ ومخارجها، والحكمة ومعناها، دون إفاضة في ما وراء الحدث، وما وراء اللغة، وما وراء قواميس العالم وأحاجيه، ذلك أنك أمام شخص بلغت من أنهاره ما بلغت، وعبقت من عطوره ما عبقت، ولك منه موقف مقيم في داخلك، حتى وإن كان الزمان عابراً في حدود تلك اللحظة أو الدهشة الأولى.
كيف ستكون حيادياً مع شخص له موقف منك تعرفه جيداً ؟، حتى وإن كان الآخرون لا يعرفون هذا الموقف - الذي يأتي في سلسلة مواقف تتوالد - وطبيعته وتفاعلاته التي تحتم عليك ndash;أحياناً- أن تكون مسيحاً جديداً يسير على طريق الآلام حاملاً ألمه وصليبه من أجل مرضات من يبتغيه، وما يبتغي quot;جل أن يُسمىquot; كما يقول شيخنا الكبير المتنبي، ألا وهو رد القليل من بهاء الكثير الذي حصل عليه من قامة صحافية باسقة.
ومن هنا تنبع ميزة الموقف العثماني، وصفاء لحظته الزاهية، وترتيلة الحديث عن جناب سيدنا وسمحاته وقدسياته المتواترة، وهو كذلك ما يجعلك تصمتُ عنه ndash; أي المواقف وأخوتها- أبداً طويلاً استنادا على الحكمة القرآنية التي تقول ( ولا تقصص رؤياك على أخوتك..) إلى آخر ما تشير إليه الآية الكريمة.
بناء على ذلك فإنني في تمام الثقة المطلقة في أنني سأفشل حين أريد أن أكون حيادياً وقت أن أكتب عنه أو أن آتي على ذكره الذي لا ينقطع عني طرفة عين، إذ إنك لا يمكن أن تكون سوى متطرف في حبه، ومتطرف في الولاء إليه منذ أن اعتبرك مصطفاه، مثلما كنت دوماً قبل الاصطفاء وما بعده، وأن تكون أحد فدائييه حين تُقرع طبول المعارك، وما أقلها وما أكثرها في آن.
في هذا العيد الخامس لصحيفتنا أجد أنه من المُلزم علي أن ألوّح بورقة ورد إلى صانع quot;إيلافquot; ومحييها من رماد العدم. مهما كنا ومهما فعلنا، ومهما أتى آتون وذهب آخرون، فإن إيلاف تظل هي صنعته التي نفخ فيها من روحه حتى اخضرّت وربت وصارت في أحسن خلق.
وعلاوة على ذلك فإنني أعتبره فناناً كبيراً في إثارة الدهشة. أتذكر كيف لمعت عيناي أنا ومدير تحريرنا اللامع الأستاذ البهي وفائي دياب وقت إحدى اجتماعاتنا الثلاثية في مدينة دبي قبل أشهر، حين أرانا العمير فكرة جديدة ستدشنها إيلاف قريباً، وهي بحق ثورة جديدة في عالم الإعلام الإلكتروني العربي. عثمان سينقل الورق المطبوع إلى عالم الإنترنت الكوني في سابقة لا تليق إلا بأمثاله.
أتذكر في هذا الصدد أيضاً ابتسامات شيخي الصحافي الكبير بكر عويضة مستشار ناشر إيلاف الأستاذ عثمان العمير حين تلقيت أنا وإياه سوياً قنبلة عثمانية جديدة في بهو منزل العمير المرّاكشي الواسع عن إطلاق نسخة خليجية من صحيفة quot;لوماتانquot; الناطقة بالفرنسية والتابعة لمؤسسة موروكو سوار العريقة التي يملكها quot;الأستاذquot;.(حين نقول quot;الأستاذquot; نحن جنود إيلاف فإن الذهن ينطلق مباشرة إلى سيدنا عثمان دون حاجة إلى نطق اسمه فهو مرادفه)، وهو بحق اقتراح لم يكن متوقعا أبداً في سائر مكاتب المؤسسة.
وإن كنت سأختم فإنني لن أقول له سوى أننا بشوق إلى مقابسات كتابية جديدة..
إلى محابر وأوراق وحقول جديدة من أنهارك وغيومك وأمطارك..
إلى سيل من حبرك المغري كأي جدول فردوسي من الطبقة الرفيعة..
هيا يا سيدي ... حيّ على الكتابة.
تنبيه: بسبب كثرة المقالات المكتوبة بمناسبة الذكرى الخامسة لصدور إيلاف، لن يبقى المقال على الصفحة الأولى... أكثر من عشر ساعات... ثم يتحول إلى القسم الخاص بهذه المناسبة:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Anniversary/WellDone.aspx
التعليقات