ربما كان على الغالبية منهم وهم رجال دين أن يعودوا لمحاريبهم ويطلبوا الغفران لما وقع عليهم من ذنوب في ضلوعهم مع صدام ويكفروا عن ذنوبهم بتطهير الدين من لوثة الحكم والنأي به عن السياسة.لكنهم لم يفعلوا ذلك وأصروا على ممارسة السياسة وتولي القيادة أو الواجهة فيها وليتهم مارسوها وفق مبادئ السياسة التي أضحت بديهية في كونها فن الممكنات لا فن المستحيلات.بل مارسوها وفق إراداتهم المتعالية والواهمة فوقعوا بمنزلق خطير واندفعوا لمواقف خاطئة وقاتلة وأوقعوا الناس معهم في مهالك ومحن ومصائب. كانت نتيجة قراراهم الانفعالي بالمقاومة غير المتكافئة وبين زحام الناس وبيوتهم ومدارس أطفالهم المستند لفهم سطحي لموقف الإسلام أو الفكر السياسي من الغزاة أن وقع ملايين السنة تحت سطوة الإرهابيين وقاطعي الرؤوس فعطلوا حياتهم ومصالحهم وخربوا مناطقهم وعزلوها وحرموها فرص الاعمار وإعادة البناء بل جعلوها عرضة لحروب ومعارك طاحنة مع القوات الأمريكية أدت لمقتل عشرات الآلاف من السكان الأبرياء! لم يكن من مصلحة السنة على الإطلاق مطابقة أهدافهم مع أهداف حزب البعث الذي ضرب مصالحهم لعشرات السنين ومن المؤكد إنه سيضربها لو قدر له جدلاً استعادة سلطته الغاشمة!

إنهم لم يأخذوا هذا الموقف المتشنج من العهد الجديد ومن الأمريكان استناداً لتراث طيب أو قيم أصيلة بل خضوعاً لأجندة البعثيين المخلوعين والمنبوذين وفلول القاعدة الوافدين وفق مشروعهم التدميري، ومخططات حكومتي إيران وسوريا في جر أمريكا لحرب إستباقية على أرض العراق وبدماء العراقيين، وهما حكومتان مكروهتان من شعبيهما ومطلوبتان دولياً لجرائمها الداخلية والخارجية.
إن قرار مراجع وقيادات سنية في المقاومة غير نابع من ضرورات تراثية أو وطنية والدليل إن أسلافهم السنة كانوا قبل ثلاثة أرباع قرن من الزمان تقريباً قد تحالفوا مع المحتلين الإنجليز أو في الأقل تلقوا كأس السلطة المسكرة من أيديهم عندما دخل قادة ووجوه سنية بارزة معهم ومع أبناء الشريف حسين السنة إلى بغداد والتقوا مع قادة وممثلي طائفتهم، فكونوا قاعدة الحكم السنية بوصاية الإنجليز ولعشرات السنين. ولم يكن موقفهم هذا خاطئاً، على العكس كان واقعياً وصائباً وهو الذي وضع أسس الدولة العراقية الحديثة التي يحاول الناس المعذبون اليوم استعادتها بعد دمارها منذ نصف قرن تقريباً! ومن هنا لا أحد يستطيع أن ينكر لرجال السنة أنهم كانوا بناة الدولة العراقية الحديثة على العكس كان موقف الشيعة بابتعادهم عن الحكم آنذاك خاطئاً وقد دفعوا ثمنه فيما بعد،ثم أخذوا اليوم العبرة منه!
إن تبني هكذا حال من قبل قادة ومراجع السنة هؤلاء لا يمكن أن يتعلق بالوطنية وأداء الواجب الديني بل بخنوع مخز لحثالات من الأشرار احتلت مناطقهم سراً وقسراً فكيف يقبلون بهذا الهيجان والجنون والانفلات الحربي في عقر دار طائفتهم والذي دمر كل ركائز الحياة العامة (الأمن الكهرباء والماء والدراسة والنفط وقطع الطرق والبناء وغيرها) أهكذا تكون المقاومة؟

كأنهم لم يروا أن طريق الإرهاب والقتل الجماعي والتصدي للحياة في تدفقها التاريخي الجارف هو سير في طريق العدم وضرب من الانتحار الجماعي. كيف وهم يدعون الحرص على طائفتهم يدعونها تنتحر وتنحر معها أرضها وأبناءها وضرعها وزرعها دون جدوى ؟ هل هذه من أخلاق الطائفة أم من أخلاق الطائفية ؟
ليس هذه سوى مزايدة عقيمة في الوطنية على للطائفة الأخرى وكل مكونات الشعب العراقي الآخرين من كرد وتركمان وكلدوآشوريين ومندائيين وعراقيين آخرين؟ وإذا كان لدى قادة الطائفة السنية كل هذه الحساسية والقدرة على الحدس بالحلول الصحيحة والقدرة الكبيرة وغير المدعومة من الخارج لماذا لم ينهوا بها نظام صدام وبذلك يكونوا قد حموا البلاد من الاحتلال والحرب وشرورهما؟

وإذا كان لهم نفوذ على أبناء طائفتكم السنية لماذا يسمحون لهم بالتجمع حول جماعات تزايد عليهم في فهم الدين وجعل جنته مكافأة لمن يفجر أجساد الناس لا لعمل الخير؟وكيف اكتفوا بالشجب الكلامي والإدانة اللفظية لدعوات صدرت عن الزرقاوي وعصاباته الصدامية في استباحة دماء الشيعة والدعوة لقتلهم ومواصلة تنفيذها بأعمال فظيعة قتلت الآلاف منهم وهم في بيوتهم وأماكن عملهم ومساجدهم. لماذا لم يستنفروا كل طاقات طائفتهم لاستئصال كل هذا الشر والعار الذي يلحق بها كل يوم جراء هذه الجرائم التي أثارت اشمئزاز العالم كله؟ لماذا لا يساعد هؤلاء الأئمة في كشف القتلة الموغلين في الشر وطردهم من مناطق وبيوت السنة بدلاً من شجب الملاحقة القانونية والعسكرية التي تقوم بها القوات الحكومة وقوات التحالف لهم وتسميتهم بالمقاومة الشريفة أو غيرها من النعوت غير الصحيحة والمشجعة والمحرضة ؟

لقد جمد قادة ومراجع السنة على موقفهم السلبي من تطورات الأحداث العامة سنين طوال، إن اكتفاءهم بشعار المطالبة بخروج الاحتلال لا ينم عن لإدراك لحقائق الأمور أو هو مغالطة مفضوحة فخروج القوات الأمريكية أو متعددة الجنسيات ليس في صالحهم وليس في صالح الشيعة فإذا كان الشيعة كما يدعي السنة يريدون التهامهم،وإذا كان السنة كما يدعي الشيعة يريدون التهامهم فإن وجود القوات الأمريكية هي أفضل سياج للطرفين أو في الأقل هي العوازل المطمئنة حقاً أو وهماً التي تمنع شرارة الحرب الأهلية والتي ستطال الآخرين معهما طبعاً. فلم لا تقبل هذه القوات كشر لا بد منه ريثما يجري ترتيب الأوضاع بما يمكن جميع الأطراف من أن تأخذ فرصتها المشروعة؟ ثم إن معظم المؤشرات تشير إلى أن الأمريكيين يمكن أن يسحبوا جزءاً من قواتهم لكنهم على المدى الطويل لن ينسحبوا نهائياً( فقط سيتغير شكل وجودهم في قواعد عسكرية كبيرة ثابتة أو متنقلة ويمكن مراجعة التجربة الألمانية واليابانية) فهل يبقى قادة السنة ومراجعهم والسنة معهم دون فاعلية أو وزن سياسي طيلة هذا الزمن؟

إن أحد أسباب وقوع قادة ومراجع السنة في هذا المأزق وجرهم الناس والبلاد لمحن شتى خطأهم في ترتيب أولويات المجابهة والعمل السياسي الذي أعقب سقوط النظام!
فهم اعتبروا الوجود الأمريكي هو الخطر الأكبر على العراق بينما كان الخطر الأكبر على العراق وما يزال هو النفوذ الإيراني الذي ظل يزحف بخبث وقوة راكباً طائفية شرسة صفراء مسمومة، وفي طويته ملف ساخن رهيب لا يرتضي بأقل من الهيمنة على العراق ونفط العراق وموقع العراق وجر الشيعة إلى دويلة طائفية ملحقة به تعزل السنة والطوائف الأخرى وراء كثبان من رمال الصحراء! وتكون ركيزة أخرى له للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط! لقد أفلح حكام إيران وأجهزتهم الاستخبارية في دفع السنة إلى مجابهة مع أمريكا بزرع أجهزتهم السرية المتعاونة مع الزرقاوي،وخليفته الآن وبقايا البعث وقد حققوا من وراء ذلك هدفين أساسيين الأول استنزاف المناطق السنية وتشريد سكانها وتدميرها وإبعادها عن الاعمار والتطور، وقطع الطريق عليهم في أي تحالف أو لقاء مع الأمريكان بينما هو أجازه لنفسه وأتباعه الطائفيين الشيعة في العراق. والأمر الثاني هو أنه أبعد الأمريكان عنهم حين جعلهم يغوصون بدماء أبناء السنة! لقد أكل قادة ومراجع السنة الطعم الإيراني الطائفي وهاهم يسمعون من إيران نفسها وفي خطب الجمعة الإسلامية بالذات نذر اليوم الذي سيجدون فيه إيران تقرع بيد الطائفية الضاربة أبواب بيوت السنة تأمرهم بالخروج من العراق أو التجمع في معسكرات لجوء داخلية فقد صاروا غرباء في وطنهم!واليوم تقوم عصابات من غلاة ومنحرفي السنة بمعالجة هذا الكابوس بإنجاز كابوس مضاد مماثل إذ راحت تداهم أشخاصاً أو عوائل من الشيعة في مساكنهم أو أحيائهم،فتقتلهم أو تجبرهم على الرحيل واللجوء إلى معسكرات الحماية وهذه بالطبع بداية التخندق للحرب الطائفية إن لم تكن هي الحرب الطائفية ذاتها !

***

لقد أقلق النفوذ الإيراني أوساطاً واسعة من المثقفين والأحرار والمستقلين الشيعة قبل السنة وأدركوا أن الوجود الأمريكي مهما طال أمد مكوثه في العراق فهو كالاحتلال الإنجليزي الذي سبقه في بداية القرن المنصرم زائل لا محالة وإذا ترك أثراً فهو أثر حضاري مهما اختلفنا حوله وحول فوائده أو مضاره فهو في كل الأحوال اقل ضرراً من الوجود الإيراني الذي هو استيطاني استحواذي ويعمل بجهد مسعور على تغير هوية الأرض والبشر ومسخهم على شاكلة نظامه البشع. لذا فإن التصدي لطائفيته ومراكز نفوذه وأجهزته السرية والعلنية داخل أجهزة الدولة والمجتمع هو الذي ينبغي أن يأخذ الأولوية وينبغي أن يأخذ شكل عمل سياسي ناضج ولا ينجر إلى أية احتكاكات دموية قد تؤدي للحرب الأهلية التي يريدها حكام إيران فهي البوابة الشرعية لدخول جيشهم ومليشياتهم بحجة حماية المراقد المقدسة وأشقاءهم الشيعة (الذين لقوا منهم الويل والثبور أيام وجودهم في إيران)! لابد لمراجع وقادة السنة من صحوة سريعة وبدء علاقة نوعية جديدة تماماً مع الشيعة وقادتهم ومراجعهم غير الطائفيين تقوم على أساس الاعتراف بأخطاء ومظالم حقبة صدام كلها والاعتذار لهم وتقديم كل ما من شأنه كسب ثقتهم وطمأنينتهم لعلاقة تاريخية طويلة للمستقبل وتدشين علاقات نوعية جديدة مع أمريكا وغيرها من دول العالم المتحضر مثلما يفعل قادة ومراجع الشيعة غير الطائفيين والمدركين لخطر مطامع القيادة الإيرانية على العراق!
كما ينبغي البدء بطرد عصابات القاعدة (القادمة عبر إيران أو سوريا)وبقايا شراذم البعث ومخابراته فهم يجهلون أو يتجاهلون أن تصعيد النعرة الطائفية ضد الشيعة هو ما يريده حكام إيران للتدخل ولإحكام سيطرتهم على العراق أو في الأقل وسطه وجنوبه. والبعثيون كما كانوا طيلة ظهورهم المشؤوم على أرض العراق لم تهمهم يوماً مصلحة العراق،فكل همهم الوصول للسلطة! لابد لقادة ومراجع السنة إذا أرادوا للعراق أن ينجوا من أي وجود أجنبي مدمر من العمل على إطفاء سعار الطائفية في المناطق السنية واستئصال كل صوت يعادي الشيعة أو يحاول النيل من معتقداتهم ورموزهم والاقتناع بحقهم في نصيبهم من حكم البلاد وفق الأسس الدستورية،وأن لا يكون ثمة شرط على الحاكم سوى أن لا يكون قد جاء على أس طائفية أم من حزب أو ميليشيا أو برنامج طائفي مرتبط بحكام إيران (وتطبق طبعاً نفس الشروط إذا كان الحاكم سنياً) كما ينبغي التخلي عن تلك النغمة الرتيبة السقيمة بإلحاق كل شيعي بإيران،فهكذا نهج يريده حكام إيران ويسعون إليه،فالأكثرية المطلقة من الشيعة لا يقلون حذراً عن أكثرية السنة من المخطط الإيراني وهم عرب أصائل وفي صميم قلب العراق ونبضه!
لم يطح الغزو الأمريكي بصدام وحسب بل أطاح أيضاً بمنظومة كبيرة متداخلة من أيدلوجيتين: الأولى عصرية حديثة فاشية، والأخرى قديمة دينية سنية ضيقة مع تقاليدها وخرافاتها البالية، والتي تقف في مقدمتها عودة لقيم عشائرية وعائلية متحجرة وقد تطايرت كلها هباءً رغم غطائها من الحديد والنار. لكن الوجود الأمريكي في العراق لم يلبث أن راح يتخبط في تعامله مع أيدلوجية دينية شيعية ضيقة أخذت في الصعود والهيمنة وهي واقعة لحد كبير تحت تأثير حكام إيران ومخابراتهم ومطامعهم.إن على مراجع وقادة ومراجع السنة أن يدركوا أنهم أضحوا في موقف جديد دقيق وحساس ويتوقف حله وانفراجه على قدرتهم على الخروج من مواقعهم القديمة ليعينوا أنفسهم وطائفتهم وجماهير الشيعة وكل الشعب لتحقيق توازن في التعامل مع الأمريكان والقوى الخارجية.إن موقفاً متزناً ورادعاً للإرهاب من قبل مراجع السنة يساعد الجماهير العريضة من الشيعة للحد من انزلاق بعض قادتهم باتجاه إيران ومشاريعها الخطرة اتجاه العراق!
لقد لوحظ في الآونة الأخيرة شيء من المرونة في تعامل بعض المراجع السنية في التعامل مع العلمانيين والمستقلين من طائفتهم والطائفة الأخرى وهذا أمر يبشر بآفاق أفضل وقد يفتح ساحة للقاءات أوسع تخلق قواعد عمل مشترك بين جهة ثالثة هي الساحة الكبرى لتجمع أبناء الشيعة والسنة. وحين يكون هناك شريك آخر بين فقهاء ومراجع الطائفيتين يكون من السهل رؤية وإدراك أي تعامل طائفي شاذ والعمل على تلافيه. إن هذه القوة الجديدة،خاصة وهي تتمتع بنظرة علمية ضرورية لتنقي الأجواء قدر الإمكان من التحسس أو التحفظ الطائفي.
من الضروري أن يحقق هؤلاء القادة والمراجع هذه الصحوة الضرورية والشجاعة والتخلص من تأثيرات صدام ونظامه المباد ووعي ما جرى وما يجري من تحولات نوعية خطيرة والوقوف وقفة فكرية شرعية عميقة تليق بكونهم ورثة جوانب مضيئة في الاجتهاد الفقهي والروحي ويغتنموا الفرصة التاريخية السانحة ليفترقوا وإلى الأبد عن أيدلوجية صدام،ويحرروا دينهم ومذهبهم من موبقات وجرائم وسطوة قامعة داخلته أزماناً طويلة،وأن يتيحوا الفرصة لبروز قادة من الأجيال الجديدة تريدهم قطاعات كثيرة عريضة ويتعاونوا معاً لتكوين قيادات حديثة وناضجة للناس في مناطقهم في هذا الوقت العصيب توصلهم لشاطئ آمن طال إبحارهم العاصف نحوه.
ورغم كل ما حدث وعلى فداحته فإن آلام الناس المبرحة ونداء الحياة تتيح فرصة عدل وإصغاء للحقيقة للجميع ومن مختلف الأطراف وعلى قادة ومراجع السنة أن لا يفوتونها فهي ربما الفرصة الأخيرة للتكفير عن مآسي الماضي ولتمنحهم دوراً إنسانياً جديداً قد لا يكون ضمن جمع السلطة الزمنية والدينية بل ضمن الدور الأرقى للدين وهو أن يكون قوة جذب روحي للناس نحو سعادتهم وخلاصهم عبر عملهم وأمنهم وامتثالهم لقيم الخير والسلام!
وإذا اعتقدوا أن للدين رسالة غير هذه فلا ينبغي لهم حلها بالسلاح خاصة في أجواء الإرهاب المدمرة المحتدمة الحالية بل عليهم بصفتهم أصحاب تجربة طويلة في وضع الفقه الإسلامي على محك التجارب السياسية أن يقفوا مع النفس وقفة جدية صادقة لتفهم نتائج هذه التجارب بمرها وحلوها ونشرها بما يفيد في الدراسات الخاصة في العلاقة بين الدين والسياسة حتى لو جاءت بآراء ونظريات جديدة ومختلفة عن قناعات الآخرين أو قناعاتهم السابقة أي بكلمة أخيرة أن يعبروا عن رفضهم بكل الوسائل الممكنة للإرهاب أو تأييده بالكلام أو الصمت! وعدم قطع طريق الناس لحياتهم الجديدة التي يختارونها بإرادتهم!
إن الدور اللائق بهم كفقهاء ومراجع دينية هو أن يستمدوا ثقلهم الخاص من نظرة جديدة للعراق وللعالم ومن تمسكهم بقيم العدالة والتسامح وحقوق الإنسان وفي ضرب المثل على تطهير النفس من نزعاتها القديمة وما رافقها من مظاهر زائلة والوصول لموقف جديد نحو أنفسهم ونحو الشيعة والطوائف والقوميات الأخرى ويستوعب نبض العصر وقيمه الصحيحة ويجعلهم قوة بناء لمستقبل سعيد لا قوة جذب لماضي مكتظ بالآلام والمصائب!
وعليهم أن لا يظلوا قابعين في قوقعتهم الذهنية والتي تراكم عليه الكثير من غبار القرون الطويلة ويدركوا ما حدث في العالم من هزات وثورات وما طرأ عليه من تغيرات وتحولات عظيمة، ولم يعد مجدياً لهم أن ينظروا هازئين لما يعرف اليوم بالعولمة،والعلمانية أو عصر تفجر المعلومات أو حقوق الإنسان أو صدام الحضارات أو تحالف العالم في حرب ضد الإرهاب أو مشروع الشرق الأوسط الكبير. بل عليهم أن يقفوا حيال كل هذا جادين متأملين بعمق واجتهاد فيتلمسوا النبض الحقيقي للعالم وهو يغلي بالتطورات والاكتشافات والفتوحات الفكرية والروحية! فهي واحدة من مهمتهم كرجال دين تصدوا لقيادة طائفتهم دينياً وروحياً أو حتى سياسياً كحالة قائمة فعلاً. لذا فإن مهمتهم في هذه المرحلة الدقيقة المساعدة في تكوين رؤية صحيحة فاعلة مفيدة لأتباعهم لا رؤية سلبية أو منحرفة تحملهم المزيد من الآلام!ومهما بدا العالم متناقضاً أو متنافراً فهو بحكم تشابك اقتصاده وتصاعد اتصالاته ومخزونه النووي أضحى كياناً واحداً يخشى على جسده من أية خلية مختلة فيستأصلها على الفور. وهو لدقة جدول مواعيده نحو المستقبل لا ينتظر المتخلفين أو الكسالى أو النائمين مستمتعين بأحلامهم حتى لو كانت في الجنة!