لا ينبغي السكوت على محاولات التكفيريين استعادة فتاوى بعض فقهاء السنة المتزمتين(بن تيمية خاصة،أو الوهابيين المتوحشين،ينبغي ملاحظة أن الوهابية لا يعترف بهاالحلقة الأولى
كمذهب جدي لدى فقهاء السنة بل هي تعتبر انحرافاً وضلالاً ومرفوضة ممقوتة لدى الكثيرين منهم حتى قبل مجيء بن لادن والقاعدة ومنذ ظهورها قبل ما يقرب من قرن ونصف)تلك الفتاوى القائلة إن مذهب الشيعة طارئ على الإسلام وانشقاق عليه وليس نمواً صحيحاً ومعقولاً في سياقه والذي حوروه التكفيريون لما هو أسوء فوصموا الشيعة بالوثنية والكفر وأحلوا دماءهم،لذا ينبغي الرد على هكذا فتاوى قبيحة من مركز فقهيٍ سني مرموق، ولا بأس من مجادلتهم فقهياً ودينياً، وليس بالتصريحات السياسية المجاملة أو المدارية، أو المسفهة.إذ لا بد من استيعاب المذاهب الإسلامية كافة في رحاب دين يريد له فقهاؤه أن يكون واسعاً ومنفتحاً يتعايش فيه جميع أتباعه وفق مذاهبهم المتعددة في وئام وتفاهم أو حوار دائم!
لقد نشطت المؤسسات الدينية السنية على مدى حقب تاريخية طويلة في إنتاج فقهاء ودعاة مصلحين تقاة لكنهم كانوا قلة مغمورة ضاعت للأسف في خضم زحام وعاظ السلاطين وما يسمون بشيوخ الإسلام الذين كان همهم كسب ود الخلفاء وعطاياهم لقاء طمس القيم الطيبة في الدين والدنيا وإصدار الفتاوى المباركة لجور السلاطين وموبقاتهم وفسادهم وما ينزلونه في البلاد والعباد من خراب وانحراف!
وكان رعاياهم السنة دائماً هم من يدفع الثمن من أرواحهم ودمائهم ومعاناتهم!
بالطبع لا يقع اللوم كله على قادة ومراجع السنة في عدم تمكنهم من جعل حكم البلاد حكماً مستنداً على كل الطوائف والأديان، فهناك سيف السلطان مسلط على الرقاب، ولكن لم يكن لهم رأي أو موقف ونضال ثابت في ذلك. على العكس كانت لهم فتاوى مجيزة ومتسامحة في موائد وأسرة وفراش السلاطين أكثر من الفتاوى في دواوين حكمهم وفصلهم في أمور الناس! لا يمكن لهم الاحتجاج بعزلة ونأي الطوائف الأخرى عن الحكم خاصة الشيعة بل تبقيه مسؤولية كبرى في عنق الفقيه والمرجع الديني خاصة ذاك الذي يدعي تحمل المسؤوية مع السلطان!
كل هذه وغيرها قضايا خطيرة وأليمة ينبغي أن يراجعها اليوم ورثة هؤلاء القادة والمراجع السنية ويعكفوا على تحليلها والاعتراف بخطئها وبطلانها والعمل على عدم تكرارها. ويتخلوا عن بقاياها وآثارها. ولعل أفضل حل في ذلك هو أن لا يزجوا الدين في السياسة، ليقوا دينهم من الخطايا والآثام التي وقعت على منابره طيلة العصور الماضية حين كان كتاب المسلمين تحت سيف الخليفة أو الحاكم. أما إذا أصروا على ممارسة السياسة كما هو الحال اليوم وكما يجري الحوار كأمر واقع فلتكن كلمة خير وحق لا دعوة فرقة وأذى!
كان وعاظ السلاطين والدجالون من مراجع السنة يجدون وشائج للتقارب والتحالف مع الأجانب والغزاة والمحتلين ما داموا من طائفتهم،وهذا ما حدث مع الأتراك ودولتهم العثمانية لأربعمائة عام لكنهم لم يجدوا،ولم يبحثوا بإخلاص عن وشائج تقارب مع الشيعة وهم أبناء وطنهم وقوميتهم!
لا يجوز تبرير ذلك بكون الشيعة فعلوا ذلك مع الصفويين أيضاً،فقد يكون من باب رد الفعل إزاء تجاهلهم طويلاً ومع أن الخطأ لا يبرر الخطأ طبعاً لكن من المعروف أن فترات تولى الشيعة الحكم أو السلطة في هذا البلد أو ذاك من العالم الإسلامي القديم كانت قصيرة نسبياً ولا ترقى لآماد حكم السنة التي وصلت لحجم إمبراطوري في بعض الأزمان لذا تبقى مسؤولية قادة ومراجع السنة أكبر عن هذا الانحراف الرهيب في اصطفاف رعايا الإسلام. وما دام الشيعة أقلية في العالم الإسلامي والسنة أكثرية فيه، وكون بغداد المركز السني القديم والمؤسس فخطأ السنة في العراق يغدوا أكبر وأشد ضرراً على المسلمين والعراقيين خاصة!
لقد تعرض الشيعة في العهد العباسي وفي العهود التي تلته خاصة العهد العثماني لمظالم كبيرة ومجازر شنيعة كما تعرض السنة في الاحتلال الصفوي لمجازر لا تقل هولاً وفظاعة ومن غير الإنصاف إلقاء تبعة هذه الجرائم على عامة السنة أو الشيعة ولكن يظل ثمة لوم أو مسؤولية على قادة ومراجع السنة بصفتهم من واكب الحكام على مدى أزمان طويلة، أو بشكل ما كانوا حكاماً لمئات السنين والشيعة كانوا محكومين لمئات السنين بغض النظر إن كان ذلك بإرادتهم أم لا فإن على قادة ومراجع السنة تبيان أن ما وقع على الشيعة من حيف كان أكبر مما وقع على السنة وإن ذلك يقتضي الاعتراف والاعتذار المتكرر وتفهم ما يصدر عن الشيعة من شعور بالظلم، أو تعبير عن المكبوت الطويل والعمل على حله بحوار يوصل إلى مفاهيم مشتركة عن ممارسة مسؤوليات الحكم والإدارة وتكوين فكرة صلبة منسجمة عما يجمعهم وغيرهم في وطن واحد بغض النظر عن اختلاف المفاهيم الروحية والعبادية والطقوس الدينية وطرائق العيش!
وإذ لا يسع الناس نسيان الحقب المعاصرة كمعاناة قسرية أو في محاولة لتفهمها للانطلاق نحو مستقبل آخر مختلف في الكثير من قوامه وملامحه عن الماضي الأليم الذي ما يزال يلقي بظلاله على تفاصيل حياة الناس في العراق ويحدد مصائرهم ومطامحهم.يجدون أن معظم رجال الدين السنة قد تبنوا (صداماً) ونظامه والتفوا حوله بينما هم لو كانوا قد أخذوا عبرة من التاريخ لكانوا الأكثر نباهة وحساسية في رفضه كرجل معادٍ لجوهر دينهم ولقيم العدالة والخير ولوجدوه يحاول بسذاجة وشراسة معاً أن يكون تكرارا بائساً ليزيد والحجاج الذي لم يجن منه الإسلام والمسلمون سوى التمزق والضعف إضافة لدمار النفوس والبلدان!
لقد تجاهل رجال الدين السنة ثورة زميلهم رجل الدين السني عزيز البدري الذي كان أول رجل دين تصدى مع صحبه لحزب البعث ولصدام منذ تكشفت حقيقة مشروعهما التدميري،ومهما اختلف معه في أفكاره وشعاراته لكنها كانت تحمل في جانب منها رفضاً لصدام واستبداده الذي أسفر عن وجهه فيما بعد بأفظع صورة. zwj;لقد كان عليهم في الأقل الاحتفاء بثورية البدري كرجل رفض شمولية ودكتاتورية حكم صدام. لكنهم بدلاً من ذلك تجاهلوا مقتله على يد صدام وطمسوا ذكراه وراحوا يجارون صدام في جرائمه بل انبرى بعضهم ليجعل مهمة رجل الدين استجلاب النكات لإضحاك الطاغية وتفسير أحلامه الغبية وإتيانه بأضغاث أحلامهم مدعين أنهم رأوه يطوف الكعبة مع النبي محمد وقاموا بالحج نيابة عن أمه وأبيه وأجازوه في كتابة القرآن بدمه،والدم البشري نجس حسب مفهومهم! كل ذلك منحه السلطة المطلقة ليلغ في دماء المسلمين zwj;وغيرهم محمولة على إجازة وفتاوى المذهب السني ورجال الدين السنةzwj;.وهذه جريمة دينية وإنسانية لا يمكن أن تمر دون عقاب.وينبغي أن يكون هؤلاء سعداء لو قابلها الناس اليوم بالتسامح أو محاولة التجاوز.
لا بد إن صداما والبعث على إيقاعه شعرا بالفرح بزوال حكم الشاه في إيران لكن صدمتهما بالثورة الإيرانية كانت مزلزلة فهي لم تقدم مثلاً على إمكانية الشعب للإطاحة بأعتى وأكبر سلطة في المنطقة تدعي اللبرالية وموالية لأمريكا بثورة شعبية بل إنها أطلقت مبدأ ولاية الفقيه على يد الخميني قائد ومنظر هذه الثورة فأخرج الشيعة من سباتهم الطويل ودفعهم للعمل من أجل أخذ السلطة بأيديهم وبناء الدولة وفق رؤيتهم الخاصة بعيداً عن أية رؤية مشتركة مع السنة أو غيرهم! ولا ينال من زخم هذا المبدأ الاستنتاج القائل بأن المخابرات المركزية الأمريكية قد دفعت باتجاه هذه الثورة أو ساندتها لهدفين أساسيين الأول هو جعل إيران الإسلامية سداً منيعاً بوجه الثورة الشيوعية في أفغانستان والنفوذ السوفيتي المنحدر للخليج العربي، والثاني هو التمكن من مواجهة الإسلام عبر إضعافه بوضع مذهبيه الرئيسيين في كيانين دوليين لا يلبثان أن يتحاربا وهذا ما حدث فعلاً!
***
لقد زج صدام العراقيين في حرب خائبة مع الإيرانيين خوفاً على كرسيه من انقضاض مبدأ ولاية الفقيه عليه بثورة مماثلة فتكبد العراقيون ملايين القتلى والمعوقين وخراباً عاماً للبلاد والمجتمع ما يزالون يعانونه. صحيح أن صداماً هو الذي بدأ الحرب والخميني هو الذي أصر على استمرارها لأطماع معروفة وبذلك صار شريكاً له في هذه الجريمة الرهيبة،بل هو الطرف الأكثر إجراماً لكن قادة ومراجع السنة لم يبذلوا من الجهد ما يكفي لتفحص هذه الحرب ومدى شرعيتها وضرورتها لا في بدايتها ولا لاحقاً والخروج باستنتاجات عقلانية مفيدة تفصل بين رؤيتهم الدينية التي ينبغي أن تكون مستقلة عن تخبط حاكم العراق وادعاءاته في الانتماء السني.لقد كان لاجتهادهم الديني والفقهي لو كان صادقاً وشجاعاً أن يؤثر بقدر ما ويعجل بإيقاف هذه الحرب رغم إرادة الخميني وصدام. على العكس لقد عمدوا على تسعيرها فانبرى بعضهم يصدر الفتاوى في كون هذه الحرب جهاداً وفرض عين، وآخرون صاروا مبشرين لها ودعاة بل صاروا على منابرهم جزءاً من ماكنتها الإعلامية مطبلين لما أسموه أمجادها الدنيوية والأخروية. ما أن خرج صدام من هذه الحرب بنصر أبشع من هزيمة حتى فاجأهم باحتلاله للكويت ثم هزيمة جيشه ونظامه أمام قوى عالمية كبرى وجره الحصار على العراقيين لأكثر من أثني عشر عاماً فكان هؤلاء الفقهاء والوعظ الذين تصدروا المحفل الديني السني يدورون مثابرين ملفقين المصادر الشرعية في أيجاد الفتاوى والتبريرات الدينية وفق المذهب السني لها.بل لقد أقدم صدام على فعلة شنيعة انطلت على المراجع السنية إذا اختتم كل ألاعيبه وأكاذيبه الأيدلوجية والمرضية بمحاولة أخيرة للاستنجاد بالدين فأطلق ما سمي بالحملة الإيمانية والتي استندت في قاعدتها العبادية المزيفة على قيم من المذهب السني قام صدام بتحويرها وتشويهها في محاولة يائسة لإلقاء تبعة فشله وهزائمه على إرادة الله وعلى الدين ومقدراته لا على نهجه المتهور وشعارات حزبه الطائشة الفارغة كل ذلك والفقهاء والمراجع لعبة بين يديه تتدفق فتاواهم وإجازاتهم باسم الشرع وخطبهم سيولاً حتى باغتتهم أمريكا بالإطاحة بصدام بغزو شامل!
لقد عمل صدام بنهجه وسلوكه الشائن في الحكم على جعل العراق هشاً ونهباً للتدخلات الأجنبية، بل أن صداماً قد عمل أكثر من بوش في جعل العراق مهيئاً للاحتلال! فلم سكتت المراجع السنية عنه وهي تراه يدفع العراق نحو الهاوية؟
ربما يقول هؤلاء القادة ورجال الدين أنه مطلب تعجيزي لهم أن يجابهوا حاكم مثل صدام خاصة في قضايا حروبه!ولكن لم أخذوا على عاتقهم مهام رجل الدين؟ أما كانوا يعلمون أنها
ثقيلة وليست فقط عبادة وأكل وشراب ونساء وقصور وسيارات فارهة؟ أليس هناك حديث نبوي يقول أن الجهاد الأكبر هو قول كلمة حق في وجه سلطان جائر؟ ولكن لم اليوم تتعالى دعواتهم في الجهاد ضد أمريكا ومن معها في العراق وهذا يعني فتح جبهة واسعة ثقيلة في القتال. لماذا يستطيعون هذه وما استطاعوا قول كلمة الحق في وجه صدام؟ ترى أيحق لمن لم يقل كلمة الحق في وجهة السلطان الجائر أن ينظر ويفتي متحمساً للجهاد اليوم؟
ولم يعادون الديمقراطية رغم شوائبها الحالية وهي التي تمنحهم فرصة قول كلمة الحق في وجه سلطان جائر؟ ثم ما هي الحياة التي داسها الاحتلال ويجري البكاء على شرعيتها والتنادي لاستعادتها بالدم والدموع ؟
ألم تكن حياة مجدبة قاحلة تعوي بها ذئاب الرعب وأشباح الموت والجوع والضلال؟ألم يكن الظلم والقسوة والطغيان يعشش في كل مكان؟ هل رأى الناس آنذاك أماناً أو طمأنينة أو لحظة فرح أو سلام؟ أين كانت فتاواهم وأحكامهم ومنابرهم عنها؟ إذا لم يكونوا ضالعين في صنعها فلا بد أنهم راضون عنها أو مدلسون أو ساكتون وكل هذا لا يتوافق مع ادعاء الورع والتقوى. وبالطبع لا تلقى عقبى ذلك على الرعايا من السنة فمهما كان بينهم من خانعين مهطعين مستفيدين فاسدين فهم لم يكونوا مجدبين في الرفض والمعارضة. لقد كان بينهم ثوار ومنتفضين صفعوا صدام بوجهه بكلماتهم النارية وهم يساقون للموت. بل يمكن القول أن الرجال الأباة الذين تصدوا لصدام من السنة هم أكثر من أولئك الذين بقوا أذلاء معه ليسلموا العراق للقوات الأمريكية ويحافظوا على جلودهم ولو إلى حين!
إن حديثهم عن شرعية دولة صدام وحكومته محض هراء فصدام كان قد اغتصب السلطة في 17 تموز 1968 ودخل القصر الجمهوري بطبخة أمريكية أعدت في بيروت كان عرابها وطباخها الماهر سفير العراق في لبنان ناصر الحاني الذي عينه صدام أول وزير للخارجية ثم اغتاله بعد أيام! وصدام هو الذي جر البلاد إلى الاحتلال فلماذا قبلوا أن يستلم حكمه من يد الأمريكان ولم يقبلوا أن يسلم حكمه ليد الأمريكان؟ وأي حكم في العراق أو في أي بلد عربي لا يقوم على مباركة وترتيب خارجي أجنبي؟ لماذا يتجاهلون واقع وقدرات الواقع العربي والإسلامي كله؟ ولماذا يتحتم على العراق وحده أن يكون مطهراً قدسياً سماوياً لا أرضياً واقعياً في عالم ملوث ويتلوث فيه كل شيء؟
لماذا لا يشاركون اليوم وبقلب نقي وعقل متفتح في بناء شرعية جديدة لمستقبل العراق تقوم على ما هو موضوعي وعادل وممكن ومرضٍ لكل قوميات وطوائف العراقيين؟
لقد اختار قادة ومراجع السنة لأنفسهم أن يواجهوا الأحداث مركبة ومتدخلة فهم قد خلطوا بين زوال نظام ادعى الخلود وباركوه بفتاواهم الفاسدة ونهوض الشيعة يريدون حقهم في الحكم بعد أن قلب مبدأ ولاية الفقيه زهدهم في الحكم قروناً طويلة! فكانت صدمة مروعة استعصت على فهمهم. أو في الأقل لم يستطيعوا الفصل بين القضايا فيواجهوها كل على حدة مما يسهل عليهم الوصول لحلول صائبة ناجعة لها. زاد من صعوبة الأمر ومرارته أنهم لم يفهموا لماذا دخلت القوات الأمريكية للعراق دون أن يكون لهم رأي أو مشاركة فاعلة في ذلك. بينما كان الأمر واضحاً. فهم ظلوا لا يستطيعون التخلص من اختلاط أوراقهم بأوراق صدام ولم ينضجوا رؤية سليمة وعادلة لحكم البلاد منفصلة عنه وعن نظامه يمكن أن تتعامل معها القوى الدولية بوضوح وطمأنينةzwj;.وبالطبع إن هذا لا يمنح تبريراً كاملاً وكافياً للإدارة الأمريكية لتجاهل الحجم الحقيقي للسنة مثلما كان على قادة ومراجع السنة أن يغتنموا يوم 9 نيسان ليتخلصوا من ورطتهم مع صدام ونظامه ويمدوا جسور تفاهم مع الأمريكان والعراقيين الذين جاءوا معهم في الأقل كأمر واقع،ودعك من التكتيكات والمناورات الذكية للوصول لأوضاع أفضل لهم وللشعب العراقي!
لكنهم للأسف ذهبوا في الاتجاه المعاكس تماماً !فهم لم يروا في الأفق سوى الدبابة الأمريكية فراحوا يناطحونها بكلماتهم النارية من منابرهم داعين الناس لمناطحتها برؤوسهم فسفحت دماء شبان أغرار كثر ولم يتزحزح الاحتلال سنتمتراً واحداً. ولا يعرف أحد الوصفة السحرية التي جعلت قادة ومراجع حقيقية أو زائفة في أوساط السنة يرون وحدهم دون غيرهم من ملايين المسلمين في العراق ومنذ الساعات الأولى لسقوط النظام أن لا طريق للخلاص من الاحتلال الأمريكي للعراق سوى العبوات الناسفة والآربيجي والسيارات المفخخة. فيعلنون أن مقاومة الأمريكان ورجال العهد الجديد من ساسة ومثقفين وشرطة وجيش جديدين وبالسلاح هي واجب شرعي. بينما تجارب العراق والشعوب الأخرى تقول إن هكذا قرار مصيري يقتضي دراسة وتأملاً واستعداداً قد يستغرق سنوات وجهود فكرية وميدانية كبيرة! فماذا جرب قادة ومراجع السنة من العمل السياسي أو حتى من دراسات نظرية أو ميدانية في التاريخ والسياسة والفلسفة؟ وماذا اتخذوا من خطوات متأنية عملية أو فكرية ليتبين لهم ولغيرهم أن العمل المسلح أصبح ضرورة لا مناص منه؟ وأذ افترضنا أنهم وجدوا المقاومة حتمية ولا بد من النهوض بها فهل كان الأفضل أن يكون شركاؤهم بها بقايا البعث وشراذم القاعدة أم الجماهير العريضة من الطائفة الأخرى ومن الكرد وكافة القوميات والأديان الأخرى والوصول إليها بقرار إجماع وطني؟ يعلن على الملأ عبر البرلمان أو مؤتمر وطني حاشد رصين!
يتبع
التعليقات