في الذكرى السوداء السابعة والثلاثين لإنقلاب العسكر في ليبيا لم يجد (قائد) الإنقلاب من ألفاظ أو عبارات أو دعوات أو برنامج مستقبلي سوى العودة لمرحلة الصبا والشباب وتبني الخطاب (العنتري) القمعي الإقصائي الشامل ضد المخالفين وأصحاب الرأي الآخر والساعين إلى التغيير الذي هو في النهاية سنة كونية وحتمية تاريخية شاء من شاء وأبى من أبى !، فالعقيد الجماهيري في خطابه المتوتر الأخير قد تخلى عن كل أطر (التقية)!! وتخلص من أطنان (الماكياج) الزائد لتحسين الوجه والصورة ليعود للغة الماضي القريب وتطبيقاتها الفورية والميدانية على أجساد الليبيين الأحرار ومن يقع تحت أجهزة نظامه من الأحرار العرب ! فهو لم يتردد عن إستعمال عبارات باتت غريبة عن السياق الدولي والحضاري العام وتعبر عن روح إرهابية صرفة يتبرأ من آثامها ومتعلقاتها الكثير من الأطراف اليوم نتيجة لتغيير المناخ الدولي أو الإقليمي وللتطورات المذهلة التي حدثت في العالم على ذلك الصعيد؟، ومع ذلك تلذذ (قائدنا الورد) بعبارات السحق والسحل والتصفية والقضاء على كل من يطالب بالتغيير!! وعلى كل من يفكر بصوت عال؟ وعلى كل من هو خارج الحظيرة؟؟ وهو إنجاز متميز يسجل لأهل الإنقلاب الليبي الذين تمكنوا من خداع العالم أو بالأحرى شراء صمته المريب والمنافق عبر الإغراق في سياسات الرشوة الدولية المعيبة وإسكات من يمكن إسكاته والتفرغ النهائي والشامل لسحق الشعب الليبي بمختلف أساليب المداهنة والمراوغة وصولا للقوة المفرطة التي هي السلاح المفضل للنظام؟ وقد جرب الشعب إنتقادات الورثة من الأبناء! ولكن هذا الشعب ممنوع عليه أن يقول رأيه الصريح لأنه سيتحول من فصيلة (الكلاب المدللة)!! لفئة (الكلاب الضالة)!! في حديقة الحيوان الجماهيرية العظمى؟.
وثمة حكمة تاريخية مجربة ومضمونة النتائج تقول بصراحة : (إن الطغاة لا يمكن أن يتعظوا) فهم مجبولين فطريا على الطغيان وعلى معاكسة مجرى الرياح وعلى تحدي متغيرات التاريخ وحتمياته وهذه الحكمة التاريخية جربتها شعوب عديدة وسلالات أكثر عددا سادت وهيمنت وتجبرت ثم بادت! وحينما يعود العقيد هذه الأيام للغة التهديد التي لم تجرب ضد الأعداء الحقيقيين لليبيا بقدر ما جربت في أجساد المضطهدين والأحرار فإن في الجو غيم؟ فهذه اللغة أو العودة إليها تعبير عن إستفحال الأزمة البنيوية الخانقة وعن إستشراء حالة الإفلاس الفكري والسياسي وعن الفزع من أي حديث عن البدائل والمتغيرات !، وقد تصور النظام الليبي أنه بشراء الذمم وتوزيع الأعطيات من أرزاق الليبيين ودمائهم يستطيع تعويم نفسه والإنفراد بغنيمته وضمان تحويل التركة الوراثية بكل إشكالياتها للأحفاد والأبناء من سلالة (الهكسوس)!! وما دروا من أن أحرار ليبيا الصابرة لا تنام عيونهم أو تغمض جفونهم قبل تصحيح التاريخ، وحديث النظام عن السحق أو حث الرعاع والقتلة على إعادة دورات العنف والتقتيل والإغتيال لا يعني سوى الفشل التام لكل مشاريع إعادة الطلاء والتسويق، ولا يعني سوى تقرير حقيقة أن تغيير الثعابين لجلودها لا يشمل تغيير سلوكها !! فالإناء ينضح بما فيه، ومن عاش على الإرهاب لا يستطيع الحياة بدونة، ورياح الحرية هي وحدها الكفيلة بقبر أوهام الطغاة ورد كيدهم لنحورهم مهما تطاولت وأرعدت وأزبدت، فالحرية هي الحقيقة الخالدة الوحيدة... ولا عزاء للمتهسترين.
لقد قلناها سابقا ونقولها الآن ودائما من أنه (مفيش فايدة) فلقد سبق السيف العذل !.

[email protected]