اكثر ما يثير جدلا بين الناس هو الدين. وقد لاحظت انه عند الكتابة عن مسألة الايمان والدين، تكثر الآراء والرسائل.
دعوني اكون اكثر وضوحا وأقول انه عند الكتابة عن الاسلام امام المسيحية تحديدا، تتقاطر رسائل هي في معظمها من المسيحيين في العالم العربي.
وبدراسة هذه الرسائل يمكن الخروج بأكثر من ملاحظة:
اولا، ان الاقليات الدينية في العالم الاسلامي تعيش حالة خوف من تطرف اسلامي ضدها. ولا يمكن تجاهل هذا الخوف في ظل تنامي الغلواء الاسلامية ضد كل ما هو نصراني او يهودي او أممي.
ولا تقولوا اننا ضد هذه الغلواء، بل اننا نغذيها حتى في قلوب اطفالنا.. نعم نغذيها.
وسأعطي مثلا على ذلك برمضان حيث تكثر في هذا الشهر الكريم البرامج والملسلات الدينية على قنواتنا الفضائية. ولو دققنا قليلا سنرى انها كلها بلا استثناء تصور المسلم كمقاتل لا يغمد له سيف قبل ان يرويه بدماء النصارى، اعداء الله.
من قال انهم اعداء الله؟ ثم كيف تتخيلون وقع ذلك على ابنائنا ومستقبل تعاملهم مع من يختلف عن دينهم وهم يشاهدون مسلسلات كهذه منذ طفولتهم؟
الأهم من ذلك كيف تتخيلون موقف النصارى العرب وهم يشاهدون مسلسلات كهذه، وهم يعيشون معنا وبيننا؟ بل وهم منا وفينا؟
الملاحظة الثانية، ان معظم رسائل القراء المسيحيين في العالم الاسلامي، تبدي تفهما واضحا للاسلام، اكثر مما يبدي بعض المتطرفين الاسلاميين تفهما واضحا للمسيحية.
واذكر هنا بمواقف بعض الكتاب الاقباط في مصر وبعض الكتاب المسيحيين في لبنان والعراق الذين وقفوا ضد ما نشر على لسان الحبر الاعظم مؤخرا، ومن قبله ما نشر من رسوم مسيئة عن الرسول الكريم عليه السلام.
لست اقول ان المسيحيين العرب يفعلون ذلك مهادنة للمسلمين، بل هو اعتراف بأن لكل انسان حريته في ممارسة شعائره، دون الحاجة الى استفزاز متبادل. هو الاسلام كما قال الله تعالى: quot;لا اكراه في الدينquot;.
الملاحظة الأخيرة، هي أن المسيحيين العرب باتوا يشعرون كل يوم بوطأة تهميش المجتمع الاسلامي لهم، وهم الذين لعبوا دورا وطنيا كبيرا في تاريخ هذا المجتمع.
نعم، هناك من احتل منصبا او موقعا من المسيحيين في بعض المؤسسات السياسية او الاقتصادية او العسكرية او الاجتماعية، لكن هؤلاء لا يعدون على اصابع اليد الواحدة. كما انهم لا يقابلون بالترحاب دوما من العامة المسلمة.
الاقليات الدينية في العالم الاسلامي لا يجب ان تصبح اقلية الا في طريقة ممارسة شعائرها كما تريد، لكنها يجب ان تذوب سياسيا في المجتمع. لأن الجميع في الوطن سواء، او يجب ان يكونوا سواء.
المستقبل يحمل رائحة اسلام متعصب في الطريق الينا. ونحن نغذي هذا التعصب دون ان ندري، او لعلنا ندري، فنعطي بذلك الفرصة لاضعافنا امام الآخرين الذين يقتنصون فرصة انقسامنا بأي طريقة كانت.
وصدق الله القائل لرسوله الكريم: quot;افأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنينquot;؟ يونس الآية 89
- آخر تحديث :
التعليقات