ثمة حقيقة خالدة تقول بأن الطغاة لا يتعظون أبدا؟ و لا يأخذون العبرة من أسلافهم الطالحين!

و اوهام القوة و الإقتدار توحي إليهم بتصورات خاطئة توقعهم في أغلب ألأحيان في مزالق مهلكة لا يعانون من آثارها المؤسفة وحدهم بل أنهم يورثون المصائب لشعوبهم كما حصل في الحالة العراقية التي كانت مثالا للفاشية و حكم الفرد فتحولت بعد الإحتلال لحالة كارثية من الصراعات القومية و الدينية و الطائفية النتنة التي خربت البلاد و شردت العباد، و النظام البعثي الوراثي السوري يبدو واضحا للعيان أنه يسير على خطى سلفه الراحل و الطالح نظام صدام حسين الذي إنتهى شنقا و على نفس منصة المشنقة التي كان فيها جلاوزة نظامه يشنقون بالجملة عشرات المعارضين دون رحمة!

إنها سنة الله و التاريخ فمن إستل سيف البغي قتل به، و الظلم مرتعه وخيم، و إقدام النظام السوري على تجاهل حقائق التاريخ و إرادة الحرية على شن حملة من الإعتقالات التعسفية الجديدة و إعادة إعتقال شيخ الأحرار و المحامين الأستاذ هيثم المالح إنما يؤشر على الأزمة البنيوية العميقة التي يعيشها ذلك النظام المتعيش أصلا على الأزمات و الممعن في التورط في ملفات إرهابية شائكة و في قمع إرادة الأحرار و في الإستمرار في التسلط وفقا لمتطلبات الماضي السحيق، فالبلد قد توقف نموه السياسي عند حدود عام 1963!!

إذ ما زالت البلاد تحكم وفق قوانين الطواريء التي سنها إنقلاب البعث الأسود في آذار من ذلك العام و حيث تحولت العقلية السلطوية للضباط الإنقلابيين لهيمنة عشائرية و شخصية و حيث أختزل التاريخ النضالي العريض و المجيد للشعب السوري بزمرة من الضباط الفاشلين و الفاشيين الذين حطموا كل عوامل النهوض الوطني و تسببوا في خسارة و فقدان الأرض و الكرامة كما حصل في الجولان عام 1968، و الذين مارسوا من النهب السلطوي المنظم ما جعلهم أباطرة و بارونات مالية متضخمة فيما يعيش السواد ألأعظم من الشعب تحت خط الفقر، في صورة مرعبة لم تتغير أبدا منذ عقود، لقد أثبت المحامي الشجاع بل شيخ المحامين هيثم المالح وهو في عقده الثمانيني من أنه أقدر و أسمى منزلة و مكانة من جلاديه القتلة الجبناء الذين يتشطرون و يستأسدون على شيخ جليل و كبير في السن و المقام و يخرسون خرس القبور أمام الإهانات اليومية التي يسددها لهم الصهاينة و آلتهم العسكرية، مأساة هيثم المالح هي أكبر إختبار للقوى الدولية الحرة إن كانت كذلك و ليست منافقة لإفهام نظام دمشق بان الزمن قد تغير، و بإن قتل الشعوب و الإنفراد بها ليست أبدا مسألة سيادة وطنية أو شؤون داخلية بل أنها مسؤولية أخلاقية دولية و إنسانية، هيثم المالح ليس إرهابيا و لم يدع لفتنة أو ثورة بل دعا و هذا من حقه التام لأنهاء الأوضاع المتأزمة و للدفاع عن حقوق الإنسان و فرملة حالة النهب المنظم لخيرات الشعب السوري، وهو ضمير حي و مقاتل خبر السجون و المعتقلات وناصبته الدكتاتورية العداء منذ عام 1966 حينما أبعد عن القضاء بقرارات إستخبارية سخيفة ثم حاولت آلة القمع الإرهابية السلطوية طحنه تماما عام 1980 حينما أعتقل ظلما حتى عام 1986 ليظل تحت سيف المراقبة و المتابعة و حصر الأنفاس، الأحرار دائما أقوى من الجلادين مهما تفرعنوا و ملكوا من أدوات القمع و القهر و الموت، فالحر شجاع بطبعه و الدكتاتور جبان بسليقته و طبيعته، وهيثم المالح ليس أول و لا آخر المضحين و المقاومين للدكتاتورية و الإرهاب و التسلط، و لكن ملف المالح و إقدام ألأمن السياسي السوري على إعتقال شيخ طاعن في السن هو مؤشر على درجة الهلع و التوجس التي يعانيها نظام تعود على أن يكون سيدا مطاعا يعتبر الشعب بأسره مجرد قطعان من العبيد تسبح بحمده و حمد ورثته المقدسين و كل مهامها التاريخية حمل سيارة سيادة الرئيس ( الكاديلاك ) على ألأكتاف!! و عاشت الإشتراكية العربية حتى ظهور المهدي!!

مأساة هيثم المالح هي صورة مصغرة لمأساة الشعب السوري، ولكن برغم كل الظواهر السلبية فالحرية ستنتصر في النهاية و الطغاة سيتحولون لنكتة بايخة في سجلات التاريخ..؟

[email protected]