إعداد عبد الاله مجيد: أخفقت إيران حتى الآن في إعداد النص النهائي لصيغة العقود التي تراهن عليها حكومة الرئيس حسن روحاني لاستدراج شركات النفط العالمية إلى العمل والاستثمار في إيران بسبب الصراعات الداخلية بين المعتدلين والمحافظين.

والغى المسؤولون الإيرانيون مؤتمرًا كان من المقرر عقده في شباط (فبراير) الحالي في لندن حيث قالوا في وقت سابق إنهم سيعرضون خلاله العقود الجديدة لعمل الشركات الغربية في إيران بموجبها. وقال المسؤولون إن سبب الغاء المؤتمر هو عدم الحصول على التأشيرات البريطانية اللازمة.&
&
صراعات

ولكن صحيفة وول ستريت نقلت عن مصادر مطلعة أن السبب الأهم لالغاء المؤتمر هو معارضة المحافظين في قطاع الطاقة وخارجه الذين يعتقدون ان العقود تقدم تنازلات كبيرة للشركات الأجنبية. وفي وقت تشهد اسعار النفط هبوطا متواصلا تطلب الشركات الغربية شروطا أفضل للعمل بموجب ما يُعرف باسم "العقود البترولية الإيرانية".

ويؤكد الصراع الذي فجرته مجددا العقود النفطية بين المعتدلين والمحافظين التحديات التي تواجه إيران في إعادة بناء صناعتها النفطية بعد سنوات من العقوبات التي وجهت ضربة قاصمة إلى صادراتها النفطية.

وهبطت اسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ 10 سنوات في الشهر الأول من عام 2016 على خلفية العودة المتوقعة للنفط الإيراني إلى سوق متخمة اصلا بالامدادات.

وتحتاج طهران إلى مساعدات الشركات العالمية التي كانت تعمل في إيران لتحقيق اهدافها في زيادة الانتاج 500 الف برميل يوميا خلال الأشهر المقبلة ومليون برميل بحلول نهاية العام. ولكن من المستبعد أن تعود هذه الشركات ما لم تُحدَّد بنود العقود النفطية في صيغتها النهائية.

قضية حساسة

وتشكل العقود النفطية قضية سياسية حساسة في إيران التي تمنع الملكية الأجنبية في صناعة النفط والغاز. وأعدت إيران صيغة العقود الجديدة قائلة انها تتيح مجالا للمرونة في عمل الشركات الأجنبية واستعادة تكاليف عملياتها والمشاركة في تطوير الحقول النفطية فترة تكون عادة 20 عاما.

وقالت مصادر مطلعة لصحيفة وول ستريت إن الإيرانيين لم ينتهوا حتى الآن من إعداد 19 ملحقا تتعلق بقضايا مثل شحن النفط الخام والقواعد الحسابية والتحكيم في حالة نشوء نزاع.

ويعود التلكؤ في اعداد هذه الملاحق إلى خلافات بين اعضاء اللجنة المكلفة بكتابة العقود وظهور معارضة من داخل شركة النفط الوطنية الإيرانية. وامتنع رئيس اللجنة مهدي حسيني ومدير الشركة النفطية المسؤول عن الاستثمارات الأجنبية علي كردور عن التعليق على هذه الخلافات.
&
وبالاضافة إلى البنود التقنية يرفض بعض المسؤولين الإيرانيين وضع فقرات تشترط على الشركات الأجنبية تطوير صناعة الغاز ايضا ويعترضون على طريقة إشراك الشركات الإيرانية التي ليس لديها خبرة في ادارة عمليات التنقيب والمشاريع الانتاجية.

اعتراض الباسيج

وقال مصدر آخر مطلع إن قضيتين تكمنان وراء هذه السجالات الداخلية هما "هبوط أسعار النفط والمعارضة السياسية". إذ يخشى بعض المسؤولين النفطيين الإيرانيين ألا تكون العقود مغرية بما فيه الكفاية لانهاء ممانعة الشركات العالمية عن الاستثمار بسبب هبوط الاسعار. ويخشى آخرون الانتقادات المتزايدة من المتشددين الذين يقولون إن العقود تتنازل عن الكثير من ثروة إيران النفطية لهذه الشركات.

وانتقدت قيادة قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني العقود النفطية الجديدة. وأفادت وكالة انباء "تسنيم" بأن عددا من اعضاء الجناح الطلابي لقوات الباسيج تعرضوا للاعتقال بسبب احتجاجهم على العقود. ولكن كردور نفى في تصريحات صحافية في اليوم نفسه ان تكون هذه المعارضة هي سبب الغاء مؤتمر لندن.