تحدث المخرج السينمائي الشهير هنري بركات في مذكراته عن موهبة الفنانة الراحلة فاتن حمامة وقدرتها التمثيلية التي جعلته يفكر فيها لبطولة أعماله. علماً أنه تعاون معها في 12 فيلماً سينمائياً شكلت علامات& فارقة بتاريخ السينما المصرية.


القاهرة: قدمت الفنانة الراحلة فاتن حمامة 12 فيلماً سينمائياً مع المخرج العالمي هنري بركات التي جمعتها به علاقة طيبة وخاصة جداً. وكانت هذه الأفلام من أنجح وأروع الأعمال السينمائية التي قدمتها في مسيرتها الفنية، وأبرزها "لحن الخلود"، "إرحم دموعي"، "دعاء الكروان"، "الحرام"، "حين نلتقي"، "موعد غرام"، الباب المفتوح"، "الخيط الرفيع"، و"ليلة القبض على فاطمة".

وبحسب ما ذُكِرَ عن بركات في الكتاب الصادر عن سيرته الفنية خلال تكريمه بمهرجان القاهرة في منتصف التسعينات، فإن التعاون بينه وبين سيدة الشاشة العربية بدأ عندما اشتركت معه في فيلم "الهانم 1946" بدورٍ صغير لمدة يومين أو ثلاثة، ولم يكن ذلك كافياً لتوطيد المعرفة بينهما، إلا أن علاقتهما الطيبة بدأت تتوطد بفيلم "العقاب عام 1948 حتى جاء فيلم "لحن الخلود" عام 1952 ليرسخ التعاون بينهما ليس فقط على المستوى الفني، بل أيضا على المستوى الشخصي حيث صار التعاون بينهما يشعرهما بالراحة المتبادلة. ولقد تعززت هذه العلاقة مع استمرار التعاون بحيث أصبحت خبرتهما بالعمل معاً تشكل دافعاً لاستمرار هذا التعاون، الأمر الذي كان يدفعه للتفكير بـ"حمامة" دوماً كبطلة أفلامه ويدفعها هي لاختياره مخرجاً لأفلامها.

ويشرح "بركات"& أن "أداء فاتن حمامة&بفيلم لحن الخلود في دور فتاة تعيش مع أختها وهي مريضة بالقلب وتقع في حب فريد الأطرش، كان دوراً من نوع سندريللا، لكن ليست كل أدوار سندريللا قادرة على الوصول للجمهور، إلا أن هذا الفيلم قد وصل بشكلٍ مميّز بسبب تميّزها& هي بأداء الدور"، ويتابع: "بعد هذا الدور أصبحت بدون& تعمد كلما قرأت رواية لفيلم، أجد نفسي أفكر بفاتن حمامة باعتبارها بطلة الفيلم، لأني أدركت أنني أستطيع أن أحصل منها على نتائج مؤثرة، وأشعر وأنا أعمل معها بأني سعيد، ومش أبقى متنكد!!". ويكمل شارحاً: "لذة العمل هي أفضل ما يجنيه الفنان من عمله. في فيلم "الحرام" طلعت روحي في الشغل إنما كنت سعيداً. أروح البيت بالتراب على جسمي إنما أبقى سعيدا، وفاتن نفس الشيء اتفرجت عليه من يومين اتخضيت من حركة المجاميع عملتها إزاي معرفش".

وحين يستذكر "بركات" اللحظات عند إعادة عرض فيلم "الحرام" في أوائل التسعينات في مهرجان "مونبليه" ضمن برنامج تكريم لأعماله مع الراحلة،& يقول أنه اتفق معها على الحضور في بداية العرض من باب الذوق. ويضيف أنهما عند بدء عرض الفيلم انجذبا بدورهما لمشاهدته حتى النهاية مع الجمهور، وعندما انتهى العرض فوجئِا بكثافة التصفيق للفيلم بقدر لم يخطر على بالهما إطلاقاً، علماً أنهما خرجا من قاعة العرض حتى خارج منطقة المهرجان بزفة تصفيق بفضل الإعجاب، الأمر الذي دفع "حمامة" لتسند رأسها على كتفه وتبكي من شدة التأثر، بينما في مصر لم يستقبلوا فيلم "الحرام" بهذا الإعجاب ! في المقابل، يوضح "بركات" أن فيلمهما "دعاء الكروان" لم ينل الإعجاب نفسه في الخارج نظراً لأن الأوروبيين لا يتقبلون فكرة قتل العم للفتاة بسبب علاقة جنسية مع رجل، على العكس من فيلم "الحرام" الذي نقل كمية الصدق في تصوير واقع الفلاح.

ويذكر أيضاً أن المشهد في فيلم "الباب المفتوح" الذي ظهرت فيه "حمامة" بين الأب والأستاذ الجامعي لتبدو كما لو كانت محاصرة بينهما، قد تم تصميمه مسبقاً بالذهن، ولم يأتِ تلقائياً بالإحساس، لكن تأثيره وصل للمشاهد. ويقول: "هذا الفيلم منح فاتن حمامة فرصة واسعة للتعبير عن معاني القهر التي تواجه المرأة في علاقتها بالرجل، وذلك من خلال علاقتها بالأب المتسلط المتمسك بالتقاليد القديمة أو الحبيب الذي يعشق فيها الجسد أو الاستاذ الذي يطلب يدها لأنه يرى فيها الطاعة، وفي كل مرة كان وجه&فاتن ينقل إلينا التعبير الدقيق عما يدور بداخل الشخصية&من صراع. فكان وجهها هو الكلمة، الشعر والموسيقى، بل كان هو نفسه الذي لا مثيل له أو بديل عنه للتعبير عن المعنى في كل مشهد".
&
وفي ما يلي مجموعة من الروابط تحمل مشاهد متنوعة من أفلامهما معاً: