باريس: بعيد عودته من واشنطن واصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند جهوده الدبلوماسية الاربعاء حيث يستقبل المستشارة الالمانية انغيلا ميركل قبل ان يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس في موسكو، لكن جهوده لتشكيل ائتلاف واسع ضد تنظيم داعش تصطدم بالخلافات الروسية الأميركية.

لكن رغم الوحدة المعلنة الثلاثاء بين فرنسا والولايات المتحدة بعد هجمات باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) (130 قتيلا، 350 جريحا) التي تبناها التنظيم الجهادي لم ينل الرئيس الفرنسي اكثر من حفنة التزامات من نظيره الأميركي الى جانب الوعد بتكثيف الغارات الأميركية وتعزيز تبادل معلومات الاستخبارات بين اجهزة البلدين.

وأبدى أوباما تحفظات كبرى إزاء امكانات التعاون مع روسيا في الملف السوري طالما لم يقم نظيره الروسي فلاديمير بوتين ب"تغيير استراتيجي"، ما يبقي امكان تشكيل "ائتلاف" كبير يشمل موسكو امرا نظريا.

وتنتقد واشنطن وباريس موسكو بالتركيز في غاراتها على مواقع المعارضة السورية المعتدلة بدلا عن تنظيم داعش، وبدعم الرئيس السوري بشار الاسد الذي يطالب الغرب برحيله. واسفر النزاع السوري حتى الان عن مقتل 250 الف شخص على الاقل منذ 2011 واجبر ملايين السوريين على النزوح.

لكن الثلاثاء اصطدمت المساعي الدبلوماسية الماراتونية التي باشرها الرئيس الفرنسي لتنسيق المعركة ضد الجهاديين في شكل افضل باسقاط تركيا مقاتلة روسية على الحدود السورية متهمة اياها بانتهاك مجالها الجوي.

وقتل طيار روسي في الحادث الخطير الذي اعتبره الرئيس الروسي "طعنة في الظهر" من جانب "شركاء الارهابيين". والاربعاء اكد السفير الروسي في باريس الكسندر اورلوف ان الطيار الثاني "انقذه الجيش السوري".

مع ذلك بدا الدبلوماسي انه يمد اليد الى الغرب مؤكدا ان بلاده على استعداد لتشكيل "هيئة اركان مشتركة" ضد تنظيم داعش تضم فرنسا والولايات المتحدة وحتى تركيا رغم تصاعد التوتر بين انقرة وموسكو.

وأوضح برونو ترتريه الخبير الفرنسي في مؤسسة البحوث الاستراتيجية لفرانس برس "يمكن بسهولة تخيل بعض العمليات المشتركة بين الروس والغربيين التي يتم التخطيط لها معا. فبين التنسيق الذي يريده الجميع ورئاسة الاركان المشتركة التي طرحتها روسيا لا شك من وجود خيار وسط".

بروكسل تستعيد حياتها الطبيعية

من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاربعاء ان بلاده تدعم اقتراحا للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند باغلاق الحدود التركية-السورية بهدف "وقف تدفق المقاتلين" الجهاديين.

كما سعى الى الطمأنة مؤكدا ان بلاده لن "تعلن الحرب" على تركيا بعد اسقاط الطائرة معتبرا ان الحادث اقرب ما يكون الى استفزاز متعمد". وسعى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى تهدئة التوتر الاربعاء مؤكدا ان بلاده تريد تجنب اي "تصعيد" مع موسكو مكررا تبرير استخدام طائراته القوة.

وأعلنت الحكومة الالمانية قبل اللقاء بين هولاند وميركل نيتها ارسال جنود اضافيين يصل عددهم الى 650 الى مالي للتخفيف عن فرنسا التي تشارك في مكافحة تنظيم داعش في سوريا.

أما في بلجيكا، فقد حاولت بروكسل الاربعاء استعادة نمط الحياة المعتاد بالرغم من الابقاء على الانذار بهجوم ارهابي باقصى مستوياته، فاعادت تشغيل خطوط المترو تدريجيا وفتح المدارس وسط رقابة امنية مشددة.

ولا تزال المطاردات جارية بصورة حثيثة في بلجيكا بحثا عن المشتبه به الرئيسي في اعتداءات باريس صلاح عبد السلام البالغ من العمر 26 عاما حيث تتوالى عمليات الدهم منذ بضعة ايام.

كما أصدر القضاء البلجيكي مذكرة توقيف دولية بحق شخص يدعى محمد ابريني (30 عاما) كان برفقة صلاح عبد السلام قبل يومين على اعتداءات باريس ووجه التهمة الى شخص خامس بتهمة "عمليات قتل ارهابية.

في فرنسا ما زال الغموض يلف الدور الذي لعبه الجهادي البلجيكي المغربي عبد الحميد ابا عود الذي قتل في 18 تشرين الثاني/نوفمبر خلال دهم شقة في سان دوني شمال باريس مع قريبته حسناء آيت بولحسن ورجل ثالث ما زالت سيرته وهويته غامضتين.

والثلاثاء، أعلن القضاء الفرنسي ان الجهادي البالغ من العمر 28 عاما كان يعتزم تفجير نفسه بمساعدة شريك في الاسبوع الذي اعقب اعتداءات باريس في حي لاديفانس للاعمال غرب باريس حيث يعمل 180 الف شخص.

وطلب الرئيس الفرنسي الاربعاء من مواطنيه بوضع الاعلام الفرنسية على منازلهم في ا ثناء مراسم التكريم الوطنية التي ستجري الجمعة لضحايا هجمات باريس.