أعلنت الدول العربية الخميس من شرم الشيخ تأييدها عملية "عاصفة الحزم"، التي بدأتها السعودية على رأس تحالف يضم 10 دول خليجية وعربية وإسلامية لإنقاذ الشرعية في اليمن من الانفلاب الحوثي، مؤكدة أهمية مشروع القوة العسكرية العربية المشتركة.


قوة مشتركة
فقد اجتمع وزراء الخارجية العرب في شرم الشيخ الخميس تحضيرًا لمؤتمر القمة العربية السادسة والعشرين، التي تبدأ أعمالها السبت، وأعلنوا بالإجماع تضامنهم مع "عاصفة الحزم".

وشهدت شرم الشيخ لقاءات هامشية بين وزراء خارجية عرب والأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، لتنسيق المواقف من التطورات المتسارعة في الخليج، فيما كان اليمن البند الوحيد، تقريبًا، على جدول هذه اللقاءات، وفي بيان ختامي جرى إعداده أكد حرص العرب جميعًا على وحدة التراب اليمني واستقلاله وسيادته واستقراره.

وقال نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، إن وزراء الخارجية العرب وافقوا في اجتماعات شرم الشيخ على إنشاء "قوة عسكرية لمواجهة التهديدات الأمنية التي تتعرّض لها دول عربية، والمشاركة في هذه القوة اختيارية من الدول العربية".

للمرة الأولى
قال العربي إن المواطن العربي يشعر بقلق شديد، لأن الأمن القومي العربي مهددٌ أكثر من أي وقت مضى، "وهناك اقتتال شرقًا وغربًا، وعمليات إرهابية تمتد من مكان إلى آخر، وعندما تبيّن أن هناك حالة تستدعي التدخل العسكري لإعادة الشرعية في اليمن، والمحافظة على الشرعية المعترف بها دوليًا، كان هناك تحرك من الدول العربية".

أضاف: "في ما يتعلق باليمن كان هناك تفهم تام، وصدر قرار، على الرغم من وجود بعض التحفظات، لكن القرار أعطى قوة لما تم اعتماده، واستند إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق الجامعة العربية. وللمرة الأولى يتم الاستناد إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك، التي وقعت سنة 1950، والقرار خطوة كبيرة للجامعة، وقرار تاريخي، ومنذ فترات طويلة كان الجميع يسأل أين الجامعة العربية، وكأن الجامعة لديها جيوش، سوف تقوم باستخدامها في الحروب، وأستطيع أن أرد للمرة الأولى، بأن هناك قوة ستنشأ وتعمل باسم الدول العربية، والقرار سيتم رفعه إلى القمة العربية، كما تقوم اللجنة بالاتصالات والمشاورات لإعادة طرح مشروع أمام مجلس الأمن الدولي".

تحت الدراسة
وردًا على سؤال حول دعم الشرعية في ليبيا، قال العربي: "القرار الذي تم اعتماده بالتأكيد يزكّي احترام الحكومة الشرعية في ليبيا ممثلة في مجلس النواب المنتخب، والقرارات التي تتخذ من الحكومة الليبية معبّرة عن الشعب الليبي، وتتناول دعم جهود المبعوث الأممي للوصول إلى تسوية سياسية للأطراف التي نبذت العنف".

ونفى العربي أن تكون قوة الائتلاف الداعم للشرعية في اليمن نواة للقوة العربية المشتركة المزمع تأليفها، وقال إن هذا مجرد تحالف لإعادة الشرعية في اليمن، "فالأمر يحتاج& دراسات، ولم يحدث هذا منذ 70 عامًا، وسيكون مثالًا واضحًا على أن الدول العربية تستطيع أن تُجمع على خطة للدفاع عنها".

لا ازدواج معايير
وعن تجاهل وزراء الخارجية العرب للأزمة السورية وانشغالهم بالأزمة اليمنية، وعن الازدواج في المعايير في التعامل بين الأزمتين، قال العربي: "منذ بدأت الثورة السورية، ونزل الشعب السوري في درعا في آذار (مارس) 2011، والجامعة العربية تناقش الموضوع، وتبحث سبل وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين، والدخول في عملية إصلاح حقيقي، لكن تم رفض كل هذه الجهود".

أضاف: "تم إيفاد مراقبين للتحقق من وقف إطلاق النار، إلا أن التعنت السوري كان يقف أمام كل الجهود التي تقوم بها الجامعة العربية، وتمت إحالة الموضوع على مجلس الأمن في 22 كانون الثاني (يناير) 2012، وسوريا تشكل عنصرًا مهمًا في منظومة الأمن القومي العربي، ولا يمكن إهمال الأوضاع هناك، ويتم بحث هذا الأمر بكل اهتمام، لكن الأمر معقد، وله جوانب كثيرة، وما يحدث في سوريا اعتداء على إرادة الشعب السوري".

أقوال وأفعال
وقال سامح شكري، وزير الخارجية المصري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع العربي: "قرار إنشاء القوة العربية سيرفع إلى القمة العربية، التي ستعقد يومي السبت والأحد، لمناقشته وإقراره".

أضاف شكري: "القمة العربية تنعقد في لحظة تواجه فيها الأمة العربية تحديات وتهديدات غير مسبوقة، نظرًا إلى تعددها وخطورتها على الأمن القومي العربي، والدول العربية قادرة على التعامل معها بحزم، وأن نكون على مستوى المسؤولية".

وتابع قائلًا: "الوزراء العرب اجتمعوا في جلسة خاصة حول الأزمة في اليمن، وصدر بيان يوضح عزم الدول العربية والجامعة العربية على المضي قدمًا في انتهاج سياسة فعالة وتحول الأقوال إلى أفعال، وهذه الروح الإيجابية التي سادت اجتماعات وزراء الخارجية العرب هي عينها التي تعتزم مصر تعزيزها في القمة العربية وطول رئاستها للقمة العربية في الدورة المقبلة".

تنسيق وتعاون
وقال شكري إن الأزمة اليمنية استحوذت على اهتمام بالغ من قبل المجلس الوزاري، وتم عقد جلسة خاصة عن اليمن، وصدر من الجلسة بيان يؤكد دعم العمل الذي يقوم به الائتلاف لدعم الشرعية في اليمن بطلب من الرئيس الشرعي ومقاومة العناصر الانقلابية.

أضاف: "الدول المشاركة في الائتلاف تنسق في ما بينها، ولم يتطرق المجلس إلى إنشاء آلية تابعة للجامعة العربية تشرف أو تنسق هذا العمل، وهو عمل اختياري تقوم به دول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة دول أخرى، مثل مصر والأردن، وهناك تنسيق مشترك بين الدول التي تدعم تثبيت الاستقرار في اليمن".

وأكد شكري أن هناك دعمًا من شركاء دوليين يشعرون بأهمية اضطلاع الدول العربية بهذه المسؤولية ومواجهة تحديات الأمن القومي العربي، "ولا نعتمد على الإسهامات الخارجية أو التدخلات الخارجية، ونحن نعلم ظروف واحتياجات المنطقة، ونستطيع أن نواجهها، ولم تكن هناك خلافات في الرؤى حول القوة العربية المشتركة".

تحديات
وأوضح شكري طبيعة الائتلاف المشكل للتعامل مع الوضع في اليمن واستعادة الشرعية، قائلا: "تم الاتفاق على هذه الخطوة ووفق إطار، وبقدر من التنظيم، لأن هذه القوة ستواجه تحديات ما يتعلق بالأوضاع في اليمن، ومن يحاول الانقضاض على الشرعية ستتم مقاومته في إطار العمل الشرعي الدولي وميثاق الأمم المتحدة والجامعة العربية".

وقال شكري: "بالتأكيد لا يخلو اجتماع على المستوى العربي من أن تكون القضية الفلسطينية محورية ورئيسة، ويتم تداولها بكل اهتمام، وبحث الجهود المبذولة لتسوية الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67، وتمت صياغة مشروع قرار يعطي بداية أخرى للجنة العربية المشكلة والمجموعة العربية في مجلس الأمن للاجتماع وتقدير الخطوات المقبلة لدفع جهود التسوية على أسس من قرارات الشرعية الدولية".
&