إيلاف من بيروت: أما وقد انتهى عهد الفراغ الرئاسي اللبناني بعد عامين وسبعة اشهر، فالكلام اليوم شائع في لبنان، في بداية عهد ميشال عون، عن الاصلاح الموعود في النظام اللبناني. لكن، ما هي هيكلية النظام في لبنان، الذي توافق اللبنانيون في عام 1943، عام نال لبنان استقلاله عن الاستعمار الفرنسي، على توقيع ميثاق وطني يحدد الأسس التي يقوم عليها هذا البلد.

وبحسب بشارة الخوري، أول رئيس لبناني بعد الاستقلال: "ما الميثاق الوطني سوى اتفاق العنصرين اللذين يتألف منهما الوطن اللبناني على انصهار نزعاتهما في عقيدة واحدة: استقلال لبنان التام الناجز من دون الالتجاء إلى حماية من الغرب، ولا إلى وحدة أو اتحاد مع الشرق". هذا العمود الفقري لميثاق لبنان الوطني غير المكتوب، الذي - عرفًا - حدد توزيع السلطة على الطوائف: رئاسة الجمهورية للموارنة، رئاسة البرلمان للشيعة، ورئاسة الوزراء للسنة، على أن ينتخب النواب رئيس الجمهورية.

فصل السلطات

بحسب مقدمة الدستور، لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة كحرية الرأي والمعتقد، وتعتمد الاقتصاد الحر الذي يعزز المبادرة الفردية ويضمن الملكية الخاصة.

لكن تحت غطاء هذا النظام الجمهوري الديمقراطي ثمة نظام توافقي، أو نظام يعتنق الديمقراطية التوافقية، بين طوائف لبنان الكبرى، تتوزع فيه المناصب الأساسية بحسب العرف الدستوري.

يقرّ النظام اللبناني &مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما يكفل الدستور اللبناني للشعب المساواة وحرية التعبير والحرية الدينية، ويصون ممتلكاتهم الخاصة، ويوفر الفرصة للبنانيين بتغيير الحكم بالطرق الديمقراطية.

في هيكلية السلطة التنفيذية في لبنان، يعد رئيس الجمهورية رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ينتخبه مجلس النواب، وتمتد ولايته ست سنوات. يعيّن رئيسًا للحكومة بناءً على نتائج استشارات نيابية ملزمة، ويسمي مع رئيس الحكومة الوزراء لتأليف الحكومة.&

تعدّلت صلاحيات الرئيس اللبناني بعد التعديلات الدستورية عام 1990، التي أقرت تنفيذًا لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.

الطائف

أكد اتفاق الطائف استقلال لبنان وتمسكه بهويته العربية وبشكله السياسي كدولة جمهورية برلمانية ديمقراطية. كما نصت الفقرات على مجموعة من الإصلاحات السياسية التي تم الاتفاق عليها، كتوزيع مقاعد مجلس النواب مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، إضافة إلى إصلاحات أخرى في مجالات مختلفة كالإدارة والتعليم والمحاكم.

خلق اتفاق الطائف تحوّلًا كبيرًا في آليّة إدارة الحكم في لبنان، مقلصًا صلاحيات رئيس الجمهورية بعدما كان الفاعل الأقوى بين الرؤساء الثلاثة. فقد طرأ على منصب رئاسة الجمهورية تغييرات جذرية: إناطة السلطة الإجرائيّة بمجلس الوزراء مجتمعًا؛ منح رئيس الجمهوريّة الحقّ بإدارة جلسات الحكومة إذا حضرها، لكن لا يحقّ له التصويت،؛ سحب الحقّ في دعوة الحكومة للانعقاد؛ نفاذ قرارات الحكومة حتّى لو رفض الرئيس توقيعها ضمن مهل قانونيّة محددة.

أما السلطة التشريعية فيتولاها البرلمان المؤلف من 128 نائبًا يُنتخبون مباشرة من الشعب كل أربع سنوات بالاقتراع السري، بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، وهم ينتخبون بدورهم &رئيسًا للبرلمان من بينهم للمدة نفسها، ونائبًا له وهيئة مكتب، ولجانًا متخصصة تدرس المشروعات وترفعها إلى الهيئة العامة للبت فيها. والجدير ذكره هنا أن نبيه بري هو رئيس للمجلس النيابي اللبناني منذ 20 اكتوبر 1992.

مؤسسات وأحزاب

في لبنان سلطة قضائية مستقلة، ومجلس قضاء أعلى. وهي على ثلاثة مستويات من المحاكم: الابتدائية والاستئناف والتمييز. يصدر المجلس الدستوري الأحكام المتعلقة بتفسير الدستور، والبت في طعون الانتخابات. كما ثمة محاكم دينية تفصل في الأحوال الشخصية لكل طائفة، في قضايا الميراث والزواج والطلاق.

وتقسم الجمهورية اللبنانية إداريًا إلى ستّ محافظات، هي: بيروت، وجبل لبنان، وشمال لبنان، والبقاع، وجنوب لبنان، والنبطية. وهناك استحداث جديد لمحافظة عكار في الشمال، وبعلبك الهرمل في البقاع.

في لبنان 17 طائفة دينية معترف بها، قانونًا ودستورًا، وعشرات الأحزاب الأساسية والأخرى التي فرّخت في أيام الحرب. لذلك، يتباهى اللبنانيون بمجتمعهم التعددي الذي لا عيشة له من دون صون للحريات المختلفة. لكن لبنان اليوم رازح تحت أعباء داخلية وأخرى خارجية. ففائض قوة حزب الله وتحكمه بمفاصل الدولة في لبنان يبقي البلد رهينة التأثيرات الخارجية، خصوصًا بفعل قربه الجغرافي والديمغرافي من الحرب السورية.
&