بدأ النواب اللبنانيون صباح الاثنين بالتوافد إلى مقر البرلمان في وسط بيروت للمشاركة في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بعد عامين ونصف عام على شغور المنصب، ووسط توافق بين معظم الأطراف السياسيين على انتخاب قائد الجيش السابق ورئيس الحكومة السابق ميشال عون. 

إيلاف من بيروت: أقفلت القوى الامنية المداخل المؤدية الى ساحة النجمة، حيث مقر البرلمان، باستثناء طريق واحد فقط يتولى الحرس الجمهوري فيه التدقيق في الهويات، ويقتصر سلوكه على الصحافيين والنواب.

اكتمال نصاب الجلسة

هذا واكتمل نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في مجلس النواب مع وصول أكثر من 86 نائبا، من مختلف الكتل النيابية، للمشاركة في الجلسة التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري عند الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم.

ولفت بري خلال جلسة انتخاب الرئيس الى ان "عدد النواب الحاضرين في الجلسة 127 نائبا ولم يسجل اي غياب"، مشدّداً على أنّ النصاب يبقى 86 في كلّ الحالات. يُذكر أنّ النائب روبير فاضل كان قد قدّم استقالته من المجلس النيابي، ولذلك فإنّ عدد النواب هو 127 لا 128.

كما يُذكر أنّ هذه الجلسة يفترض أن تنتهي، كما تشير المعلومات، بانتخاب رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وذلك بموافقة معظم الكتل السياسية الأساسية، التي أعلنت تصويتها لمصلحة الجنرال، في حين اختار معارضو انتخاب عون الاقتراع بأوراق بيضاء للتعبير عن موقفهم الرافض للتسوية الرئاسية الحاصلة.

حكم التوافق
وقال حكمت ديب، النائب في كتلة التغيير والاصلاح النيابية التي يرأسها عون، لوكالة فرانس برس، قبل دخوله مقر المجلس النيابي، "انه حدث وطني بامتياز، لم نمر منذ فترة طويلة بحدث من هذا النوع يجمع معظم الاطراف السياسية التي تمثل طوائف كبرى وطوائف صغرى في هذا البلد".

أضاف "هناك تفاهم وتوافق، لبنان لا يحكم الا بالتوافق"، مؤكدًا على ان انتخاب عون يعد بالنسبة إليه "انجازًا وحلمًا يتحقق".

ويحظى عون منذ بداية السباق بدعم حليفه حزب الله، لكنه لم يتمكن من ضمان الاكثرية المطلوبة لانتخابه الا بعد إعلان خصمين أساسيين تأييده، وهما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يتقاسم معه شعبية الشارع المسيحي، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ابرز زعماء الطائفة السنية. كما انضم الى المؤيدين اخيرًا الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

ويعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو جزء من التحالف الذي يضم عون وحزب الله، يعد أبرز المعارضين لانتخاب عون. وأعلن انه في حال وصول الاخير الى الرئاسة سينتقل الى المعارضة.

الورقة البيضاء
وقال النائب علي خريس، عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري، لفرانس برس، "نحن سنصوّت بالورقة البيضاء، (...) الورقة البيضاء هي اعتراض على طريقة ونهج تم اتباعه (...) البلد لا يمشي باتفاقات ثنائية أو اتفاقات ثلاثية. نحن نؤمن بالحوار". وتابع "اذا العهد الجديد سيستمر بالطريقة ذاتها والاسلوب نفسه، فإن الوضع لن يكون جيدًا".

ومنذ اتفاق الطائف الذي حدّ من صلاحيات الرئيس، انتخب كل الرؤساء بناء على توافق مسبق بين ابرز المكونات الطائفية والسياسية للبلاد وغالبًا بعد ازمات سياسية كبيرة. وينتظر أنصار عون منذ سنوات وصوله الى سدة الرئاسة. وسيكون الرئيس الثالث عشر للبنان منذ الاستقلال. وأعد التيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون، لاحتفالات ستقام بعد إعلان فوز الرئيس، ومنها تجمع ضخم في ساحة الشهداء في وسط العاصمة مساء الاثنين. 

ودعا النائب سليمان فرنجية الذي وصل ايضا الى مقر البرلمان، وهو حليف عون قبل أن يتباعد الرجلان إثر إعلان فرنجية ترشحه للرئاسة، مؤيديه الى التصويت بورقة بيضاء. ويحضر جلسة الانتخاب السفير السوري علي عبد الكريم وسفراء آخرون عرب واجانب.

ونشرت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات على صفحتها الاولى صورة لعون مع عنوان "العماد عون اليوم رئيسا للجمهورية"، مضيفة "انتصر محور المقاومة، وانتصرت سورية وحلفاؤها في لبنان، وانتصر العماد ميشيل عون".

"أنت او لا أحد" 
وينتظر أنصار عون منذ سنوات وصوله الى سدة الرئاسة. وانتشرت في مناطق عديدة من بيروت وخارجها الاعلام البرتقالية الخاصة بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون وبصور الرئيس العتيد. وأعد التيار لاحتفالات ومنها تجمع ضخم في ساحة الشهداء في وسط العاصمة مساء الاثنين.

وتجمع العشرات من مؤيدي عون في الجديدة، ضاحية بيروت الشمالية، وحملوا أعلام التيار الوطني الحر وشعارات "عماد الجمهورية" و"أكيد انت الجنرال" و"أنت أو لا احد"، وصدحت اغاني وأناشيد وطنية وخاصة بالتيار عبر مكبرات الصوت.

وقالت إنديرا علوان (47 عاما) بلباسها البرتقالي لفرانس برس "انتصرنا، عاد لبنان لنا، احتفل انا وعائلتي واولادي وجيراني".وفي الدكوانة المجاورة، قال جان (35 عاما) الذي يعمل حلاقا، "نعد الدقائق لانتخاب الجنرال عون بعدما انتظرنا كثيرا". واضاف "ساقفل الصالون بعد الانتخاب للنزول الى وسط بيروت والمشاركة في احتفالات ستستمر حتى الفجر". وفي الدكوانة (شرق بيروت)، قال جان (35 عامًا) الذي يعمل حلاقًا، "نعد الدقائق لانتخاب الجنرال عون بعدما انتظرنا كثيرًا"، مضيفًا "سأقفل الصالون بعد الانتخاب للنزول الى وسط بيروت والمشاركة في احتفالات ستستمر حتى الفجر".

"اثنين أسود"
في المقابل، وعلى الرغم من التوافق السياسي، يعبّر العديد من اللبنانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن خيبة املهم من انتخاب عون، معتبرين ان حزب الله فرض إرادته على لبنان. وانتشرت تعليقات على موقع "تويتر" مع هاشتاغ "الاثنين الاسود".

وانعكس الشغور في منصب الرئاسة شللا في المؤسسات الرسمية وتصعيدا في الخطاب السياسي والطائفي، وتراجعا في النمو الاقتصادي في بلد صغير ذي امكانات هشة ويرزح تحت وطأة وجود اكثر من مليون لاجئ سوري.