ليست إيمان السراج الأولى في الرسم بالقهوة، لكنها متميزة بروحية الجزيرة العربية، التي يفوح طيب زعفران وهيل وقهوة من ثنايا لوحاتها. 


منى الجعفراوي من جدة: لم تنفك تداعب القهوة مخيلتها، وترسم قصص ووجوه وأسرار بمزاج عالٍ، فليس فنجان قهوتها لصباح بطعم البن والهيل فحسب، بل يعكس على مساحتها البيضاء لوحة تخلصت من تقليديتها بألوان الزيت، لتصبح على حد قول رسامتها لوحات صديقة للبيئة.

الفنانة التشكيلية إيمان سراج أول سعودية تذهب في أدواتها الفنية نحو محاكاة الطبيعة وما انجبته من أسرار تفرز ألوانًا تعكس الضوء والظلال ليشكل الهيل والزعفران والكركديه والكركم مواد متوحدة في لوحة فنان. 

عائلة فنية

لم تكن إيمان سراح فنانة تشكيلية وليدة الصدفة، بل نتاجًا عائليًا يهوى جميع أنواع الفن، وخصوصًا الفن التشكيلي، لتبدع أناملها منذ الصغر لوحات تحمل توقيعها الخاص، إلا أنها أحبت الخروج على المألوف، والتفرد بما هو غير موجود في السعودية تحديدًا حين قررت أن تدخل مطبخ بيتها وتنشيء معملًا خاصًا لتجاربها في استنباط الألوان من البهارات والخضروات التي تعطي لونًا غنيًا مفعمًا بالأمل.

عن هذا قالت سراج لـ"إيلاف: "شغفي للتميز دفعني إلى اكتشاف بقايا مواد غذائية جديدة للرسم هادفة لصنع بصمتي الخاصة في اللوحات بمواد وخامات جديدة غير مألوفة كالزعفران والشمندر والكركديه والكركم". 
واضافت أن المواد الطبيعية تشكل تحديًا للفنان، فهي أكثر صعوبة من الألوان العادية في التشكيل والدمج والتدرج.

صديقة للبيئة 

لم تتوقف سراج عن المحاولة حين لفتت نظرها بقايا قهوتها وقررت خوض غمار أول تجربة لها، إذ عشقت رائحة البن، فعكست ذلك على واقع فنها قائلة: "في العادة، أرسم بالباقي من فنجان قهوتي، وتختلف درجات اللون معي باختلاف تركيز القهوة، والاضافات التي يمكن أن استخدمها معها، فلكل مادة من هذه المواد معاملتها الخاصة من حيث درجة الكثافة، ودرجة الحرارة، وأسلوب استخراج اللون، ولا أستهلك المواد نفسها بل أستخلص منها اللون وأطمح إلى الوصول إلى لوحات متكاملة بجميع المقاييس باستخدام المواد الطبيعية الصديقة للبيئة وحدها".

تشكل سراج بذلك بصمة خاصة بها، بعيدًا عن المعهود في الفن التشكيلي. تقول: "لا شك في أن فن الرسم بالقهوة حديث في العالم كله لا في السعودية فحسب، فأنا واحدة من قلة تفعلها، لكني تميزت بالدمج بين القهوة والمواد الطبيعية الأخرى مكونة لوحة يصعب على الجمهور تمييز مكوناتها".

ثقافة 2030

لعل المطلع على الساحة الفنية التشكيلية في السعودية يلاحظ أنها غنية بأسماء نسائية لمعت في كثير من المحافل الداخلية والعربية والدولية، إلا أن سراج كان لها مزاج آخر من خلال قهوتها، ومكونات مطبخها: "أتأثر بكل ما يدور حولي، والإلهام يمكن أن استوحيه من أبسط حدث مر بي، وفي كثير من الأحيان تلهمني قهوتي، إلا أن من يتابع معارضي ومشاركاتي يجد أني أركز على نقل الثقافة والتراث وفقًا لرؤية 2030 حيث أن احد مرتكزاتها هو الالتفات إلى العمق الحضاري والتاريخ الموجود في الجزيرة العربية". 

عن لوحاتها تقول:" فن الرسم بالقهوة والمواد الطبيعية لفت نظر كثير من محبي الفن التشكيلي، وحققت بالفعل تواجد على الساحة التشكيلية سره بقايا كوب قهوتي، ووجدت أن الكثير يشاركني هذا الولع بالخارج عن المألوف، لذا بعت العديد من اللوحات، للمنشآت العامة وللأفراد، من ابرزها لوحة بيعت للأميرة جوهرة بنت عبد الرحمن آل سعود، إضافة إلى عدد من الناشطين الاجتماعيين، والمنشآت العامة كمستشفى الملك عبدالله الجامعي التابع لجامعة الأميرة نورة، ونادي القراءة في جامعة دار العلوم". 

معارض ولوحات 

لم يكن "حكايا مسك"، المعرض الذي أقيم خلال نوفمبر الجاري في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، أول معارضها، إذ أرست سراج قواعدها في كثير من المعارض، منها النخبة، والسمو الخليجي، ومعرض 36، وارتولوجي، وآرتيفر، ومعرض الرياضة الدولي، ومعرض قهوة وشوكولاتة 2014-2015، متمنية أن تنتقل إلى مشاركات عالمية خلال الفترة القادمة.