في ما يأتي تبويب زمني مختصر لتاريخ الطباعة العربية في القرن التاسع عشر، ابتداءً من انتشار الطباعة في الغرب، ثم تسربها إلى الشرق، بمشاركة عربية وفارسية وتركية.
&
لم تقتصر الطباعة العربية على بلاد العرب، وهذا ما يؤكده محمد سعيد الملاح في سرد موجز وشامل لتاريخ الطباعة باللغة العربية في العالم في مقالة له، تناول فيها الطباعة العربية في أوروبا، ودخول المطابع المصنوعة في البلاد العربية وروسيا عالم الطباعة، وغيرها من المحاور، متسائلًا: "لماذا نشأت الطباعة العربية في أوروبا؟"، ومجيبًا أنه سؤال يجيب عنه الدكتور قاسم السامرائي بقوله إن الطباعة العربية في أوروبا مرتبطة بصناعة الورق أولًا، وحمّى التنصير ثانيًا، والهيمنة الاستعمارية ثالثًا، وتطور الاستشراق ووصله إلى نظام مبني وفق قواعد منظمة رابعًا. فلو لم يصنع الورق في أوروبا لما كان هناك من طباعة، ولو لم يكن الاستعمار الأوروبي لما كان هناك مجال للتنصير المنظم، ولو لم يكن الاستشراق والتنصير لما كانت هناك طباعة عربية في أوروبا. وقد طبعت المطابع الأوروبية زهاء 167 كتابًا عربيًا قبل أن يظهر أول كتاب عربي مطبوع في المشرق.
&
بدايات غربية
&
تأريخ الطباعة العربية بالغرب يعود إلى عام 1486، حين طبع الراهب الدومينيكي مارتن روث كتاب "الرحلة والحج في ما وراء البحار إلى قبر السيد المسيح بمدينة القدس المقدّسة" &لمؤلفه برنارد دي برايندباخ عند الطباع الهولندي إرهارد رويفيتش في ألمانيا. وفي عام 1492، أحضر إسحق غرسون، أحد علماء المهاجرون اليهود، إلى الآستانة مطبعة تطبع الكتب بالعبرية والإسبانية واللاتينية واليونانية، طبعت التوراة في 1494 وقواعد العبرية في 1495، وأنتجت أكثر من مئة كتاب في مختلف العلوم والفنون، لكن بقي استعمالها مقصورًا على اليهود، حتى حرّم السلطان بايزيد الثاني فن الطباعة على غير اليهود. وفي &1505طبعت مطبعة إسبانية في غرناطة للراهب بيدرو دي ألكالا على قوالب خشبية كتابي "طريقة تعلّم اللغة العربية بسرعة" و"قائمة عربية بالحروف القشتالية". وفي 1514، أكد باحثون أن أول مطبعة عربية تطبع بالأحرف العربية ظهرت في فانو بإيطاليا بأمر البابا يوليوس الثاني، دشنها البابا ليون العاشر، وسميت "مطبعة الفاتيكان"، وأول كتاب عربي طبع فيها كتاب ديني ثم سفر الزبور في 1516. ثم طبع القرآن الكريم في مطبعة باغانيني المشهورة بالبندقية، لكن أحرقت النسخ كلها. وفي1516 &طبعت مطبعة بيتروس باولوس في جنوا الإيطالية كتاب "المزامير" بأربع لغات: العربية والعبرية واليونانية والكلدانية. وفي 1524، بدأت الطباعة العربية في انجلترا عندما طبع فينكين دي وُردِه في لندن كتاب روبرت وِيْكفيلد "الأطروحة اللاتينية في موضوع اللغات العربية والآرامية والعبرية". وفي 1538، بدأت فرنسا الطابعة العربية &بكتاب "القواعد العربية"، وفي 1551، طبعت التوراة في الآستانة باللغة العربية. وفي 1566، طبعت مطبعة الكلية الجزويتية بروما طبعت كتاب "اعتقاد الأمانة الأردتكسية كنيسة روما" بالعربية. وفي 1573، طبعت مطبعة إشبيلية "تهافت النحلة المحمدية" لسكاليخر. وفي 1575، طبعت مطبعة ميديتشي في روما الكتب باللغة العربية لتعليم المنصِّرين اللغة العربية.
&
في 1582، بدأت الطباعة العربية في ألمانيا بكتاب "في الألفباء العربية" لمؤلفه يعقوب كريستمان، أول أستاذ للغة العربية في جامعة هايدلبرغ، كما &طبع كتاب عربي آخر في هايدلبرغ في 1583، هو الترجمة العربية لرسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية. وفي1585 ، طبع الطباع البندقي بازا كتاب "البستان في عجائب الأرض والبلدان"، وهو الأول من نوعه باللغة العربية الذي يخلو من الدعاية الدينية. وفي 1585، بدأت الطباعة العربية في بلجيكا وهولندا. وفي العام نفسه، أنشئت مطبعة دير مارقزحيا في لبنان، غير أن بعض المصادر يرد ذلك إلى عام 1610.
&
مشاركة عربية
&
في1611، أسس بطرس كرستن مطبعة عربية في ألمانيا، تولت طباعة مجموعة من الكتب العربية، منها "النحو العربي" في ثلاثة أجزاء. وفي 1613، طبعت مطبعة ليدن بهولندا "قواعد اللغة العربية" للمستشرق توماس أربينيوس، ونشر المارونيان نصر الله شلق العاقوري وجبرائيل الصهيوني كتاب "التعليم المسيحي"، وطبعت المطبعة الملكية في باريس كتاب "في صناعة النحو"، وكتاب "الفلاسفة العرب". وفي 1619، نشر &جبرائيل الصهيوني ويوحنا الحصروني "مختصر نزهة المشتاق" للإدريسي في باريس. في 1636، أنشئت أول مطبعة في إيران في منطقة جلفا بأصفهان، وبعد عامين، أمر &الكاردينال ريشيليو بطباعة كتاب "قواعد اللغة العربية" لتوماس أربينيوس. وفي 1650، أسست في لندن مطبعة عربية، وطبعت كتاب "تاريخ الدولة الخوارزمية".
&
في 1660، نشرت مطبعة أكسفورد "في صحة العقيدة المسيحية"، وفي 1663، حقق إدوارد بوكوك كتاب "تاريخ مختصر الدول" لابن العبري، ونشره بعنوان "ألمع من أخبار العرب".
&
وشهد &1702إنشاء مطبعة الدباس بحلب. وفي 1716، أفتى شيخ الإسلام في اسطنبول بجواز استخدام المطبعة، بعد 222 سنة على إدخال اليهود مطبعتهم إلى الآستانة، فقام سعيد أفندي بن محمد أفندي، السفير التركي في فرنسا، بالتعاون مع ابراهيم أفندي بإنشاء أول مطبعة تطبع بحروف عربية في اسطنبول. وأنشئت في 1720 مطبعة الشوير بلبنان. وبدأ في عام 1723 ظهور مطابع اللغة العربية في تركيا. وفي 1726، انشأ سعيد شلبي وإبراهيم متفرقة مطبعة بإسطنبول بموافقة السلطان. لكن جرجي زيدان يقول إن الطباعة في هذه المطبعة بدأت في 1728. وفي 1727، سمح لمطبعة ابراهيم الهنغاري بإسطنبول بطباعة القرآن الكريم.
&
وفي 1733، أنشأ عبد الله زاخر مطبعة عربية في لبنان بدير مار يوحنا الصائغ بالخنشارة، طبعت 800 نسخة من كتاب "ميزان الزمان" في 1834. وفي عام 1751، انشأ الشيخ يونس نقولا جبيلي المشهور بأبي عسكر مطبعة القديس جاورجيوس للروم الارثوذكس في بيروت، استخدمت شكلين جديدين للحروف أقرب إلى لخط النسخي، أبدعهما عبد الله الزاخر.
&
وفي 1798، أتى نابليون إلى مصر ومعه مطبعة ومترجمون لطبع المنشورات والأوامر باللغة العربية، وكان هناك مطبعة فرنسية أخرى في مصر يديرها مارك أورل.
&
في القرن التاسع عشر
&
تناول الملاح الطباعة العربية في القرن التاسع عشر، ابتداءً بعام 1800 مع مطبعة قازان التي أصبحت مركزًا للطباعة الإسلامية في روسيا، وعام 1814 مع مطبعة لايدن التي طبعت القرآن الكريم ومعجم مفهرس للقرآن الكريم. وفي 1816، أتى المطران بطرس جروة بمطبعة من لندن إلى دير الشرفة بلبنان، ومن مطبوعاتها العربية كتاب "مجمع الشرفة المعقود". &
&
في 1819 أو 1821، أنشئت مطبعة بولاق أو "المطبعة الأهلية" وتمثل هذه المطبعة الباب الواسع الذي دخل منه العرب إلى النهضة الحديثة. وبعد 1820، نهضت الطباعة العربية في مصر والهند وروسيا، مع إنشاء مطبعة دار السلام الحجرية في الكاظمية (1821)، وكباعة مطبعة بولاق قاموس إيطالي عربي (1822)، و"الشافية" لابن الحاجب و"التصريف العزي" لشيخ الأزهر حسن محمد العطار (1824). وفي&1828، أصدر والي مصر محمد علي باشا جريدة "الوقائع المصرية" بالعربية والتركية. وفي 1830، قامت أول مطبعة في أصفهان وطبعت الرسالة الحسينية، كما قامت مطبعة عبرية في فلسطين قبل إنشاء المطابع العربية، وأول مطبعة حجرية في العراق. في 1834، أحضرت الإرسالية الأميركية مطبعتها العربية من مالطا إلى بيروت.
&
في 1846، ظهرت مطبعة بالقدس تطبع بالأحرف العربية، وبعد عام تم إنشاء مطبعة حجرية بالجزائر طبعت جريدة "المبشر"، وفي 1848 أسست المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيون، وكانت تطبع على الحجر ثم صارت تطبع على الحروف في 1854.&
&
في 1850، دخلت الطباعة الآلية إلى الجزائر. وفي 1853، أنشأ الشاعر اللبناني حنا بك الأسعد مطبعة حجرية في قصر بيت الدين. وبعد عام، كانت المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعين أول مطبعة تخرج عن الصبغة المسيحية وتنشر كتب النحو والأدب.
&
في 1854، أنشئت أول مطبعة عربية في دمشق. وفي 1856، أسست المطبعة المارونية في محلة الصليبة بحلب، وفي 1857، أنشأ خليل أفندي الخوري "المطبعة السورية" &في بيروت.
&
في 1858، تم تأسيس مطبعة الدومينيكان الحجرية في الموصل، وفي 1859، أنشأ رومانوس يمين مطبعة "إهدن".
&
في 1860، بدأ العمل بالمطبعة الرسمية التونسية، كما أنشأ الأنبا كيرلس الرابع بطريرك الأقباط المطبعة "الأهلية القبطية". وتوالى إنشاء المطابع في العراق وسورية ولبنان ومصر، واهمها في 1864 كان مطبعة ولاية دمشق التي نشرت جريدتها الرسمية السورية، وأول مطبعة عربية في القدس، وبداية الطباعة في المغرب، والمطبعة اللبنانية في &1869وطبعة الجوائب في الآستانة في 1870، أنشأها احمد فارس الشدياق، ومطبعة ابراهيم المويلحي بالقاهرة، ومطبعة الولاية بحلب في 1880، و"المطبعة الحُمَيْدِيَّة" في بغداد في 1881، وأول مطبعة في الحجاز في 1882، ثم المطبعة الميرية، وهي الأولى في مكة المكرمة، في 1883، والمطبعة الثعالبية في الجزائر في الجزائر في 1885، واول مطبعة في البصرة في 1888، والمطبعة الأدبية المصرية بالقاهرة في 1899.