بعد أيام من رفض رئيس الحكومة البريطانية لتوصية البرلمان الأوروبي وقف توريد الأسلحة للمملكة العربية السعودية لشراكتها القوية في الحرب ضد الإرهاب، وقفت فرنسا الموقف نفسه، ولكن من زاوية أخرى.

نصر المجالي: دافعت وزارة الخارجية الفرنسية ومساعدون للرئيس فرانسوا هولاند بقوة عن قرار منح وسام جوقة الشرف، وهو أعلى وسام فرنسي، لولي العهد وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف بسبب جهوده الواضحة في الحرب ضد الإرهاب.

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قلّد ولي العهد السعودي وسام جوقة الشرف خلال زيارته لفرنسا يوم الجمعة الماضي، حيث أجرى محادثات على مستوى عالٍ " تقديرًا لجهوده في محاربة الإرهاب والتطرف".

عرف دبلوماسي

وقال وزير الخارجية الفرنسية جان مارك آيراولت في رده على انتقادات صحفية: " انه عرف دبلوماسي، وبإمكاني أن أعدد لكم أسماء العديد من الأشخاص الذين منحوا هذا الوسام".

وفي حين أبدى الوزير آيراولت تفهمه لردود الفعل السلبية، فإنه قال: "لم تضم مراسم تقليد الوسام شيئًا استثنائيًا خاصًا". ويشار إلى أن فرنسا لم تنشر الخبر رسمياً ، لكن وكالة الإنباء السعودية هي التي نشرته أولا.

ويشار إلى أن الامير محمد بن نايف يحظى باحترام بالغ في مراكز القرار في الغرب لجهوده في الحرب على الإرهاب لاسيما بعد ان شن حربًا على تنظيم القاعدة الذي استهدف الأجانب المقيمين في المملكة العربية السعودية ونجح في كبح جماحه بين عامي 2003 و2007.

كما أن فرنسا مثلها مثل بريطانيا والولايات المتحدة باعت للمملكة أسلحة بمليارات الدولارات، حيث هي ودول الغرب تنظر الى المملكة باعتبارها مصدرًا هامًا للمعلومات عن المجاميع الإرهابية.

اجراء بروتوكولي

وعلى هذا الصعيد، أوضح متحدث باسم الرئيس الفرنسي أن هذا الإجراء هو بروتوكولي بحت، لأن المملكة العربية السعودية كانت قلدت هولاند أوسمة شرف في وقت سابق، فجاء تصرف هولاند ردًا على منح المملكة السعودية وساماً له.

وترى مصادر دبلوماسية أن باريس تريد البقاء على علاقات جيدة مع السعودية، وهي حليف مهم للقتال ضد الرئيس السوري بشار الأسد، ولما بين البلدين من عقود تسليح كبيرة وعلاقات أخرى في مصالح عديدة.

منتقدو التكريم

ويرى منتقدو تكريم الأمير محمد بن نايف أن السعودية "أمضت عقوداً طويلة في تمويل ونشر التعاليم الوهابية عبر العالم، وهي تعد عمومًا دعامة أساسية في دعم الجهاديين الذين تسعى فرنسا إلى دحرهم".

كما أنهم يقولون إن "السعودية تعبر واحدة من أكثر الأنظمة انتهاكًا لحقوق الإنسان ، وخاصة في مجال تطبيق أحكام الإعدام، وهو ما ارتكزت&عليه اغلب الانتقادات الموجهة لمنح الأمير محمد بن نايف الوسام الفرنسي الأرفع".

وكانت صحيفة (جوش دو كومبا) الفرنسية المعارضة التي ساهمت بحملة الانتقادات، قالت: "إن غالبية الفرنسيين يشعرون بالعار والسخط على ما فعله الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بتسليمه وسام جوقة الشرف الرفيع للأمير محمد بن نايف، ولي العهد السعودي ووزير الداخلية".

وبينت الصحيفة أن هذه الزيارة لقصر الاليزيه كانت مدرجة في جدول أعمال محمد بن نايف، لكنهم لم يتوقعوا أن يقوم هولاند بهذه المبادرة، وأشارت إلى أن "تقليد محمد بن نايف بهذا الوسام لا يصب في مصلحة الأمة الفرنسية، وأن هولاند يتصرف ببالغ الحمق".

وإلى ذلك، فإن موقع (قناة فرانس 24 ) النسخة الفرنسية نشر تقريراً بعنوان "هولاند يقلد بخبث الأمير محمد بن نايف وسام جوقة الشرف"، وبيّن التقرير أن قرار هولاند واجه الكثير من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح الموقع أن هولاند الذي كان في مقابلة مع مجلة (ايل) الفرنسية صرح بأنه "نسوي" ( مؤيد لحقوق المرأة) حتى النخاع قد سلم هذا الوسام الرفيع لممثل البلاد التي تنتهك فيها حقوق المرأة كل يوم.