للمرة الرابعة خلال عامين، يزور وفد كنسي مصري رفيع المستوى مدينة القدس مروراً من مطار تل أبيب، وذلك لبحث ترميم دير السلطان الأثري مع السلطات الإسرائيلية، وتطييب أجساد القديسين.

إيلاف من القاهرة: أعلنت الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، أن وفدا كنسيًا سيزور مدينة القدس، بعد غد الثلاثاء، ليبحث مع مسؤولين إسرائيليين مسألة ترميم "دير السلطان" الأثري، التابع لها، ومن أجل "تطييب أجساد القديس موريس والقديسة فيرنا".

وقال المتحدث باسم الكنيسة، القس بولس حليم، إن "الأنبا رافائيل والأنبا يوسف والأنبا بيمن، سيقومون الثلاثاء المقبل بزيارة القدس".

وأوضح أن الزيارة جاءت "بناء على طلب من الكنيسة الإثيوبية بخصوص دير السلطان، ولمدة 5 أيام، بحضور القائم بأعمال السفير المصري، حازم خيرت، وسفير إثيوبيا في إسرائيل، وذلك لترميم الدير".

وحول اتهام الكنيسة بـ"التطبيع مع إسرائيل"، قال المتحدث باسم الكنيسة المصرية: "الزيارة تأتي بناء على طلب الكنيسة الإثيوبية"، مشيرًا إلى أن "الوفد في مهمة كنسية وبحضور القائم بأعمال السفير المصري وكذلك السفير الإثيوبي، فلا يوجد فيها أي نوع من أنواع التطبيع".

وتعد الزيارة المرتقبة هي الرابعة من نوعها خلال عامين، منها زيارة قام بها البابا تواضروس الثاني في شهر نوفمبر 2015، إلى مدينة القدس، لـ"حضور جنازة مطرانها الأنبا أبراهام، ووصفت الكنيسة تلك الزيارة بأنها "رعوية وليست سياسية".

رعوية وروحية

ويتعرض البابا تواضروس الحالي، لانتقادات بسبب تلك الزيارات، لاسيما أنها تأتي رغم إصدار البابا شنودة الثالث الراحل، قراراً بحظر زيارة الأقباط للقدس في العام 1980، وإنزال عقوبات كنسية على المخالفين، حتى لا يحدث تطبيع مع إسرائيل، وقال إن الأقباط لن يزوروا القدس إلا بعد تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي مع المسلمين.

وقال القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة لـ"إيلاف" إن تكرار الزيارات من وفد الكنيسة إلى القدس لا يعني التطبيع، أو خرق قرار البابا شنودة الثالث الراحل، موضحاً أن الزيارات ليست للسياحة وليس لها طابع سياسي.&

وأضاف أن الزيارات كلها كانت "رعوية روحية"، وتمت بالطرق الدبلوماسية المتعارف عليها، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية، منوهاً بأن الزيارة الحالية من أجل "تطييب أجساد القديسين"، وبحث عملية ترميم دير السلطان الأثري الخاضع لرعاية الكنيسة.

وتناولت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري، التي جرت في 10 يوليو الجاري إلى تل أبيب، أزمة دير السلطان، وتناقش فيها مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والمسؤولين عن شؤون مدينة القدس.&

ووصف كمال زاخر، زعيم التيار العلماني القبطي، إن زيارة الوفد الكنسي بأنها "زيارة دينية وكنسية بحتة للاحتفال بذكرى عدد من القديسين ولا محل لأي قراءات سياسية أو تبعات سياسية في هذه الزيارة".

وأضاف في تصريحات له، أن هناك علاقة وطيدة تربط الكنيسة المصرية ومطرانية الأقباط في القدس، مشيراً إلى أن مطرانية القدس جزء من كنيسة القيامة، ومن يتولى مهام إدارة الكنيسة يتم ترسيمه مطران وهي تعد درجة ثانية بعد البابا.

وتوقع زاخر إلغاء قرار المجمع القدس الذي صدر في عهد البابا الراحل البابا شنودة الثالث بمنع زيارة الأقباط للقدس.

أقدم كنيسة في العالم&

ويقع دير السلطان داخل أسوار مدينة القدس القديمة، ويحظى بمكانة مهمة ومقدسة لدى الأقباط، لاسيما أنه أقصر طريق للوصول إلى كنيسة القيامة.

ويرجع تاريخ بناء الدير إلى العام 1092 ميلادية، وأنشأه الوالي المصري منصور التلبان، فوق كنيسة القيامة، وهي أقدم كنيسة في العالم، بترخيص من السلطان العثماني، جلال الدين شاه، وظل الدير منذ نشأته حتى الآن المنفذ الوحيد لدخول الحجاج المسيحيين إلى كنيسة القيامة حيث قبر المسيح عليه السلام.&

وفي العام 1967، وفي أعقاب هزيمة 5 يونيو، التي احتلت فيها إسرائيل شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، ومدينة القدس، طردت الرهبان المصريين، وسلمت الدير إلى رهبان إثيوبيين. وعليه، قرر البابا الراحل، كيرلس السادس، حظر سفر الأقباط إلى القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد الاستيلاء على الدير، وجدد البابا الراحل شنودة الثالث القرار في العام 1980، وأنزل عقوبات على المخالفين.

ولجأت الكنيسة المصرية، إلى القضاء الإسرائيلي، وأقامت أكثر من 100 دعوى قضائية، أمام المحكمة العليا، وحصلت على أحكام تثبت أحقيتها في الدير وإدارته، إلا أن الحكومة ترفض الاعتراف أو تنفيذ تلك الأحكام.
&