للمرة الأولى منذ أن دخل الإسلام مصر قبل أكثر من 1400 عام، ستشهد جميع مساجد مصر إلقاء خطبة موحدة مكتوبة ومعتمدة من وزارة الأوقاف، حيث يكتفي الخطباء يوم الجمعة بقراءتها على المصلين.

أحمد حسن من القاهرة :أعلنت وزارة الأوقاف المصرية اعتزامها تطبيق فكرة الخطبة المكتوبة والموحدة يوم الجمعة في جميع المساجد، بحيث يمنع الخطيب من أي ارتجال أو خروج عن نصها، وقالت الوزارة :" إن هذه الفكرة ستمنع استغلال المنابر في الترويج لأي أفكار منحرفة أو متطرفة تدفع المجتمع إلى الفتنة أو التفرقة، كما أن القرار يأتي ضمن جهود الوزارة لتجديد الخطاب الديني "، وأثار هذا القرار موجة من الغضب بين أئمة المساجد وعلماء الدين الذين أكدوا أن هذا القرار خطوة جديدة لمحاربة الدين.

القرار مسيس

من جانبها، اتهمت حركة "أبناء الأزهر الأحرار" الرئيس عبد الفتاح السيسي بالوقوف وراء القرار، عن طريق إلزام &خطباء الجمعة بالقراءة من "ورقة الأوقاف" بناء على تعليمات أمنية وسياسية، وقالت الحركة في بيان لها :" إن هذا القرار الخطير هو استمرار لسياسة هدم الثوابت وتكميم الأفواه، وفي سابقة لاحتلال المساجد والمنابر وسيضر بالدعوة الإسلامية والخطابة الدينية والأئمة والدعاة على وجه الخصوص، فهو يصادر حق الخطباء والأئمة في اختيار موضوع الخطبة وعرضه بما يتناسب مع البيئة والمجتمع اللذين يعيشون فيهما ".

وأكدت الحركة أن الارتجال في الخطبة من سمات الأئمة والخطباء، ابتداء من النبي – صلى الله عليه وسلم – والخلفاء الراشدين والأئمة الأعلام إلى يومنا هذا، مؤكدة أن ذلك سيؤدي إلى تجميد الخطاب الديني وليس تجديده ، وإهانة وضياع هيبة الإمام والخطيب، ومحو شخصيته وسط جمهوره، وسيقضي على التميز والتفوق وعدم التحضير، وسيضعف الخطيب علميًا، ويقتل الإبداع فتصبح الخطبة بلا روح، ومنعدمة من الانفعال العاطفي والفصل الروحي بين الخطيب وجمهوره، ولن تتحقق الرسالة التي تهدف إليها خطبة الجمعة.

في السياق ذاته ، تمسك أئمة المساجد برفض تطبيق القرار، واستمرار إلقاء خطبة الجمعة القادمة بشكل ارتجالي، كما أعلنوا عن تنظيم وقفات احتجاجية &أمام مجلس النواب المصري لحين تراجع وزير الأوقاف عن قرار الخطبة المكتوبة.

عزوف المصلين&

وقال الشيخ وحيد عبد التواب عضو جبهة ائتلاف الأئمة&:"إن القرار يعكس فشل الوزارة في تجديد الخطاب الديني والنهوض بمستوى الإمام ، وسوف يؤدي القرار إلى هروب &المصلين &للمساجد التي ما&زالت تسيطر عليها الجماعات الإسلامية والسلفية في مصر، كما سيؤدي القرار إلى مزيد من فقدان الثقة بالخطيب وعزوف الناس عن سماعه، فبعد فشل الخطبة الموحدة وانعكاساتها السلبية على الخطيب والمستمع تأتي الخطبة المكتوبة لتزيد الأمر سوءا".

وأضاف الشيخ وحيد عبد التواب ،أن الشعب المصري يرفض الخطبة المكتوبة ،ويقفون مع أئمة المساجد ضد القرار المسيس والأمني ، وهو ما يجعل القرار ضربة قاضية تنهي دور المسجد.

مشيرًا إلى أن فشل وزارة الأوقاف في مواجهة سيطرة الإخوان والسلفيين على المساجد لا يعني اللجوء إلى تكميم أفواه خطباء المساجد، فالقرار لا يصب في صالح تجديد الخطاب الديني كما ينتظر وزير الأوقاف.

وتوقع عضو جبهة ائتلاف الأئمة فشل الوزارة في تطبيق الخطبة المكتوبة على جميع مساجد مصر، وخاصة المنتشرة في القرى، وقد تطبق فقط على المساجد الكبرى. &

تأهيل الدعاة لمواجهة التطرف

من جانبه قال الدكتور عبد الغني سعد ، أستاذ الفقه في جامع الأزهر&:" إن قرار تطبيق الخطبة المكتوبة يمثل تضييقًا على الخطباء في المساجد، وعزوف الأئمة على الاجتهاد في أمور الدين، وهو ما يميز علماء الأزهر على مر التاريخ ،كما أن الخطبة المكتوبة ضد المطالب بتجديد الخطاب الديني "،&وأضاف : أن موضوع خطبة الجمعة يختلف من مكان لآخر فكل منطقة لها لغة خطاب ديني تختلف عن الأخرى، فالخطبة المكتوبة سوف تصب في صالح الجماعات المتشددة،&مشيرًا إلى أن تحجيم التطرف لا يأتي من خلال ورقة مكتوبة يتم توزيعها على المساجد، وإنما بعقد لقاءات ومناقشات مع الخطباء وكبار شيوخ الأوقاف،&مؤكدًا أن الخطبة الموحدة ليس لها علاقة بالخطاب الديني ومحاربة الإرهاب والتطرف كما ذكرت وزارة الأوقاف، بل إن الأمر يتطلب أولًا بدلًا من توحيد الخطبة المكتوبة، العمل على تأهيل الدعاة ليكونوا قادرين على مواجهة الفكر المتطرف بعلمهم هم، وليس بمجرد ورقة تقرأ على المصلين.

تجديد الخطاب الديني

من جانبه &قال الشيخ جابر طايع&وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد&:" إن&قرار وزير الأوقاف &بشأن الخطبة المكتوبة، لقى موافقة وكلاء الوزارة وترحيبهم&في 27 محافظة، وليس صحيحًا رفض الأئمة تطبيق قرار الوزير"،&وأوضح أن القرار سوف يأخذ حيز التنفيذ، وعدم الالتزام بقرار الخطبة الموحدة سيكون له إجراءات جزائية من قبل الوزارة تجاه المخالفين،&مشيرًا إلى أنه لا يوجد تضييق أو تقييد للسادة الأئمة والدعاة على الإطلاق من تنفيذ الخطبة المكتوبة ؛ لأن الإمام له متسع كبير مع جمهوره من خلال الدروس والقوافل والندوات ،فالهدف الأساسي من القرار هو تحجيم الفكر المتطرف في إطار تجديد الخطاب الديني،&لافتًا إلى أن هناك الكثير من كبار العلماء والفقهاء أجازوا بالخطبة المكتوبة من بينهم الإمام أحمد بن حنبل.