صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تباينت ردود فعل المصريين على المستويين الرسمي والشعبي حيال الضربة الأميركية ضد مطار الشعيرات في سوريا، ردًا على قصف المدنيين بغاز السارين السام، ما أدى إلى مقتل العشرات غالبيتهم من الأطفال والنساء.

وبينما أيدت غالبية المصريين على المستوى الشعبي الضربة الأميركية، اختلف السياسيون حولها، فرفضها القوميون والعسكريون السابقون، لا سيما أنهم يرونها اعتداء على "سوريا العروبة"، وقبلها آخرون من تيارات مناوئة.

ردًا على ضرب المدنيين السوريين في قرية خان شيخون بالأسلحة الكيميائية، "غاز السارين"، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى غالبيتهم من الأطفال، قصفت أميركا بالصواريخ مطار الشعيرات العسكري في حمص، وقوبلت الضربة بردود فعل متباينة من مختلف أنحاء العالم، لكن الغالبية العظمى من الدول الغربية والعربية أيدتها بقوة، معتبرة أنها رد مقبول ضد استخدام الأسلحة الكيميائية بحق المدنيين السوريين.

وفي مصر، تباينت أيضًا ردود الفعل. وجاء رد الفعل الرسمي باهتًا، من دون أن يؤيد أو يرفض، وقالت وزارة الخارجية: "تتابع جمهورية مصر العربية بقلق بالغ تداعيات أزمة خان شيخون التي راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين الأبرياء، بتأثير الغازات السامة المحرمة دوليًا، وما ترتب على ذلك من تطورات خطيرة"، دون أن تذكر بوضوح الضربة الأميركية.

وأضافت: "مصر تؤكد أهمية تجنيب سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مخاطر تصعيد الأزمة حفاظا علي سلامة شعوبها".

ودعت وزارة الخارجية المصرية، أميركا وروسيا إلى "التحرك الفعال علي أساس مقررات الشرعية الدولية، وما تتحلي به الدولتان من قدرات، لاحتواء أوجه الصراع والتوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة السورية".

وعلى المستوى الشعبي، رحبت أغلبية المصريين بالضربة الأميركية، لا سيما أنهم أصيبوا بآلام نفسية شديدة، بعد تعرض العشرات من الأطفال للقتل باستخدام غاز السارين القاتل، بينما تباينت ردود الفعل السياسية، حسب الهوى السياسي لكل حزب أو تيار، وأيدها التيار الإسلامي، وقال أحمد إمام، عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية، ذي التوجهات الإسلامية، إن الضربة الأميركية لمطار الشعيرات تمت لتحقيق أهداف أو مصالحة أميركية تحت غطاء إنساني.

وأضاف لـ"إيلاف" أن الرئيس الأميركي ترامب أراد أن يبعث بعدة رسائل في الداخل والخارج من هذه الضربة، وقال إنه أراد القول إن أميركا ما زالت سيدة العالم، لا سيما أنه خسر بعض المعارك السياسية في الداخل، وأنها لن تتخلى عن دور القائد ويمكنها معاقبة أية دولة في العالم، إذا أرادت ذلك.

وأشار إلى أن ما حدث لا يمكنه فصله على الصراع الطويل بين روسيا وأميركا، منوهًا بأنه يجب على هاتين الدولتين الاتفاق على طبيعة العمل في سوريا، متسائلًا: كيف يتم السماح باستمرار بشار الأسد المجرم في السلطة، رغم أنه ارتكب&مجازر&بحق الشعب السوري، أبشع مما ارتكبه هتلر؟

ولفت إلى أنها ليست المرة الأولى التي يضرب بشار الأسد شعبه بالأسلحة الكيميائية، بل أن في المرات السابقة كان عدد الضحايا أكبر من عملية خان شيخون، وبالتالي فإن الضربة الأميركية ذات مدلولات سياسية، وتأخرت كثيرًا للرد على مثل هذه الجرائم.

وقال إن الموقف المصري باهت تمامًا من الثورة السورية، مشيرًا إلى أن السلطة في مصر ليس لديها موقف واضح أو ما يمكن وصفه بـ"اللاموقف".

وأعلن التيار القومي والناصريون رفضهم للضربة الأميركية، معتبرين أنها اعتداء على السيادة السورية.
وقال النائب في البرلمان محمد عبد الغني، وهو من التيار الناصري، إن "الشعب العربي استقبل العدوان الأميركي الجديد علي مطار الشعيرات في سوريا بمشاعر الغضب و الرفض".

وأضاف في تصريح لـ"إيلاف": "هذا العدوان مخالف لكافة قواعد القانون الدولي"، وتابع: "نصبت الولايات المتحدة الأميركية نفسها كشرطي وقاضٍ للعالم دون تحقيق ولا معرفة صحيح الاتهامات للنظام السوري بضرب خان شيخون بالأسلحة الكيماوية والتي يبرهن سرعة القصف الأميركي علي زيفها".

وقال: "أعلن رفضي الكامل للعدوان الأميركي علي الشعب السوري ونري أن ما حدث استهانة أميركية بالموقف المصري الذي يريد سوريا عمقًا استراتيجيًا لمصر وأمنها القومي ولن تتنازل مصر عن ثوابها الوطنية والقومية تحت حفاوة استقبال قد ينال من مستقبل أمتها"، في إشارة إلى الحفاوة التي استقبل بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره المصري في البيت الأبيض الأسبوع الماضي.

وأضاف: "نعزي الشعب العربي السوري في ضحايا العدوان، وندعو لتحقيق عربي دولي في أحداث خان شيخون والشعيرات".

ووصفت النائبة عن الحزب الناصري نشوى الديب، الضربة الأميركية بـ"العدوان على الجيش الأول في سوريا هو بمثابة عدوان علينا في مصر".

وأضافت في تصريح لها، إن الضربة الأميركية "تهديد صريح للأمن القومي المصري وإفساح المجال لتنفيذ المخطط الأميركي لترسيم خريطة الشرق الأوسط الجديد بعد أن تم إيقاف مخطتها&بفضل ثورة 30 يونيو".

واعتبرت ان الضربة الأميركية &هي اعتداء سافر على سيادة دولة عربية لها سيادة وعضو في الأمم المتحدة وعضو في الجامعة العربية، وتؤكد جليًا أن أميركا صانعة للإرهاب وداعمة للإرهابيين".

وتابعت قائلة: "الاعتداء السافر على الشقيقة سوريا سيزيدها قوة ويزيد الشعب العربي إصرارًا على المضي في طريق الصمود والمقاومة من أجل أمة عربية ترفض الخضوع والخنوع للغطرسة الأميركية التي خرقت القوانين الدولية والأعراف الإنسانية واستهدفت تدمير الجيش العربي في العراق وليبيا وتمد نيرانها صوب الجيش السوري وليس الجيش المصري ببعيد عن مخططها الدنيء"، على حد قولها.

وأصدر حزب المحافظين بيانا، مساء الجمعة، أعلن فيه عن رفضه الهجوم العسكري الأميركي على مطار الشعيرات، في انتهاك واضح وتحد للقانون الدولي، واعتبره دعما للمنظمات الإرهابية، واستمرارًا لسياسة الإرهاب الدولي.

وحسب وجهة نظر حزب المحافظين، فإن "هذه الهجمة تمت بالمخالفة لمبادئ الشرعية الدولية، وأهدرت مواثيق واتفاقيات الأمم المتحدة".

وذهب الحزب ذو التوجهات القومية أيضًا إلى القول إن الضربة الأميركية، "تؤدي إلى تقوية الإرهاب، وتعقيد الأمور في سوريا أكثر"، معتبرًا أن "الهجوم العسكري جاء لتخفيف الضغط الداخلي على إدارة ترامب من جهة، ومن جهة أخرى محاولة لإرضاء دول بعينها، من أعوان وحلفاء أميركا في المنطقة".

ويرى العسكريون المصريون أن الجيش السوري شريك في معركة التحرير في العام 1973، ويرفض العسكريون السابقون الضربة الأميركية ضد مطار الشعيرات، وقال عضو لجنة الشؤون الأفريقية في البرلمان، اللواء السابق حاتم باشات، إن "رد الولايات المتحدة الأميركية بضربة عسكرية على سوريا، جاء سريعا ويثير علامات الاستفهام".

وأضاف في تصريح له، أنه من المهم أن يتم وقف التصعيد العسكري في سوريا، مشيرًا إلى أنه يتمنى أن "تكون هذه الضربة محدودة للغاية، وألا يمتد الأمر لأكثر من ذلك".

ودعا إلى ضرورة التحقيق في مدى إدانة الجيش السوري في أزمة "خان شيخون" التي راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين الأبرياء بتأثير الغازات السامة المحرمة دوليًا، مشددًا على أنه "من الضروري العمل على الوصول لحل سياسي للأزمة السورية".