بغداد: قال رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارزاني انه اتصل برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ليوضح له ان الاستفتاء على استقلال الاقليم حق طبيعي وقانوني للشعب الكردي، وان الكرد يريدون التفاوض بشأن نتائج الاستقلال بطريقة سلمية من خلال الحوار وليس العنف.

واضاف البارزاني، في مقابلة مع مجلة فورين بولسي، ان العبادي "كان متجاوبًا ومتفهمًا، وكان ايجابياً"، مشددًا على ان قضية الاستفتاء تتعلق بمصير شعب كامل، ولهذا السبب هي أكبر من أي اطار سياسي أو أي احزاب سياسية أو أي مشاكل سياسية داخل نظام التعددية الحزبية. واعرب عن ثقته بأن غالبية الشعب الكردي والأحزاب السياسية الكردية تؤيد الاستفتاء.

وأوضح رئيس اقليم كردستان ان الهدف من الاستفتاء هو ان يكون لدى القيادة الكردية تفويض من الشعب وان يعرف اللاعبون الداخليون والخارجيون ما يريده الشعب الكردي، وبعد ان يقرر الشعب ويصوّت "سيكون أول مكان نبدأ مفاوضات سلمية جدية معه هو بغداد، لتحقيق أماني الشعب وتلبيتها"، مؤكدًا "ان الاستفتاء هو على الاستقلال، ونتيجته يجب ان تُنفذ".

وكان استفتاء أُجري في اقليم كردستان عام 2005 على الاستقلال بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية في عموم العراق، واسفر عن تصويت 98 في المئة من الكرد لصالح الاستقلال، ولكن النتيجة لم تُترجم الى استقلال على ارض الواقع.

تقرير المصير 

وفي هذا الشأن لفت البارزاني الى ان منظمات المجتمع المدني هي التي أجرت استفتاء 2005، في حين ان هذا الاستفتاء هو استفتاء رسمي نظامي تجريه الحكومة والأحزاب السياسية وتكون نتيجته ملزِمة.

وقال البارزاني ان حكومة اقليم كردستان تعمل منذ سنوات مع خبراء دوليين وخبراء في القانون الدولي وخبراء سياسيين لمساعدتها في هذا الاستفتاء. واضاف انه خلص منذ فترة طويلة الى ان الاستفتاء ضروري لتمكين الشعب الكردي من تقرير مصيره وانه توصل منذ فترة طويلة الى الاعتقاد بأن "بغداد لا تقبل بشراكة حقيقية ذات معنى معنا، ونحن لا نريد القبول بأن نكون خاضعين لهم، وهذا انما هو لمنع حدوث مشكلة أكبر، ولمنع وقوع حرب دموية وتردي الأمن في المنطقة بأكملها". 

وتابع البارازني ان القيادة الكردية ارادت اجراء الاستفتاء في مراحل عديدة في السابق ولكن بسبب الوضع في العراق وفي المنطقة وبسبب تطورات أخرى ارجأت اجراءه ولكن تأجيله فترة أطول "سيكون له تأثير سلبي على مصير شعبنا ولهذا فإن التوقيت الآن هو الأفضل لاجراء الاستفتاء". 

ورد البارزاني على منتقدي اجراء الاستفتاء قبل تشكيل البرلمان وبعد عامين على انتهاء ولايته بالقول "إذا انتظرنا نشوء الوضع المثالي لحل كل مشكلة فان هذا لن يحدث ونحن نريد اجراء الاستفتاء لتحقيق الاستقلال ومن شأن ذلك ان يساعدنا على حل العديد من المشاكل بصورة تلقائية".

وكانت الولايات المتحدة عارضت الاستفتاء فيما وصفته تركيا بـ"اللامسؤول" وبأنه "خطأ فادح". وقال البارزاني في حديثه لمجلة فورين بولسي انه "إذا كان هؤلاء اللاعبون الدوليون ضد الاستفتاء فهذا يعني انهم ضد قيمهم ومبادئهم ذاتها، أي حق الشعب السلمي الديمقراطي في التعبير عن قراراته بشأن مصيره وإذا وقفوا ضد الاستفتاء فهذا يعني انهم ضد الديمقراطية". ولكنه استدرك قائلا: "المؤسف الآن ان المصالح تأتي قبل القيم والأخلاق والانسانية في هذه العلاقات". 

نفضّل الموت!

ورفض البارزاني مقارنة اقليم كردستان بدولة قطر التي يعتمد اقتصادها بدرجة كبيرة على جاراتها وما تكبدته من خسائر بسبب مقاطعتها بتهمة دعم الارهاب قائلا "ان المسألة مختلفة. فان احد الأسباب التي تُساق لعزل قطر هو انهم يدعمون الارهاب ولكن بالنسبة لنا فنحن حطمنا خرافة الارهاب، نحن وهبنا دماً لكسر خرافة الارهاب ودحر الارهاب". أضاف: "نحن نفضل الموت جوعاً على العيش تحت ظلم الآخرين واحتلالهم وإذا اتُخذ القرار بالاستفتاء وكان رد الفعل هو عزلنا فليمُتْ شعبنا. وسيكون ذلك مجداً للعالم ان يَقتلوا شعبنا بالتجويع لأن هذا الشعب أراد ان يحقق مصيره بوسائل ديمقراطية". 

وعن احتمالات ان يرفض البرلمان العراقي الموافقة على أي اتفاق تتوصل اليه حكومة اقليم كردستان مع حكومة بغداد على الاستقلال قال مسعود البارزاني "نحن سنبدأ التفاوض معهم ولكنها مشكلتهم ما إذا ارادوا التوصل الى اتفاق أو لا. ولكننا سنواصل تعاوننا في مكافحة الارهاب وسنواصل تعاوننا مع بغداد بكل الوسائل في هذا الشأن وسنزيد التنسيق بين قوات البشمركة والجيش العراقي وسنفعل كل ما يلزم لدعم رئيس الوزراء العبادي وإنجاحه في رئاسة الحكومة".

وأكد البارزاني انه ليس قلقاً بشأن الاجراءات التي يمكن ان تتخذها بغداد إذا رفضت التوصل الى اتفاق قائلا "ما الذي لم يفعلوه اصلا. فعلوا كل شيء. قطعوا الميزانية، بمعنى انهم أخذوا لقمة الخبز من شعبنا. نحن لا نحصل على شيء من بغداد. ولعل الشيء الوحيد الذي يمكن ان يفعلوه هو غلق المجال الجوي وإذا فعلوا هذه الأشياء سيكون هناك رد فعل ايضاً ولن نقف مكتوفي الأيدي" مؤكدا من جديد "نحن نريد اتباع وسائل سلمية والتفاوض والتفاهم ونريد ان نتفادى سفك الدماء والعنف".

وقال البارزاني ان الاستفتاء على الاستقلال سيجري في المناطق المتنازع عليها ايضا ولكنها لن تكون قادرة على القول إن كانت تريد ان تكون جزءا من كردستان، موضحا أن هذا لن يكون سؤال الاستفتاء "ولها خيار الامتناع عن التصويت وإذا احتاجت الى استفتاء آخر فذلك قد يجري لاحقاً". وأورد البارزاني مثالا بالاشارة الى "ان بعض العرب والتركمان والمسيحيين إذا لم يريدوا المشاركة فان مصيرهم يجب ان يقرروه بأنفسهم في استفتاء آخر".

مشاكل كثيرة

وتطرق البارزاني في حديثه الى قوات الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية التي سيطرت على مناطق في محافظة نينوى والحديث عن "ممر شيعي" عبر العراق وسوريا. وفي هذا الشأن قال رئيس اقليم كردستان "نحن لا ننظر اليهم على انهم حزمة واحدة بل هناك نوعان من وحدات الحشد الشعبي. جزء منها اولئك الذين حقاً قدموا تضحيات جسيمة في القتال ضد تنظيم داعش، ونحن نقدر عالياً تضحيات تلك الوحدات من الحشد الشعبي التي قاتلت الإرهاب. وهناك ايضاً عناصر تستخدم وحدات الحشد الشعبي غطاء لارتكاب الكثير من الخروقات. ومن واجب الجيش العراقي والشرطة العراقية ضبط المناطق الحدودية وتأمينها. وإذا اصرت وحدات الحشد الشعبي على البقاء في تلك المناطق وممارسة الحكم فان ذلك سيخلق الكثير من المشاكل بكل تأكيد".

واعتبر البارزاني ان وجود قوات من الحشد الشعبي جنوب قضاء سنجار "انتهاك كبير لاتفاق عقدناه مع الاميركيين والعراقيين، حيث اتفقنا على نشر وحدة من قوات البشمركة مع وحدة من قوات الجيش العراقي في المنطقة التي يتمركز فيها الحشد الشعبي الآن" مجدداً تحذيره من ان بقاء وحدات الحشد الشعبي في هذه المناطق ينذر بمشاكل كثيرة.

ودعا البارزاني الى تمكين الإيزيديين من ممارسة حق تقرير المصير وسكان المناطق المتنازع عليها من تقرير علاقتهم بالاقليم أو بغداد. وقال: "إذا اراد سكان هذه المناطق تنظيم استفتاء وقالت الأغلبية نحن لا نريد ان نكون مع كردستان فاننا سنحترم قرار سكان تلك المنطقة بالكامل". 

وقال مسعود البارزاني انه لن يترشح في الانتخابات المقرر اجراؤها في وقت لاحق من العام الحالي في اقليم كردستان، معرباً عن امنيته بأن يموت في كردستان مستقلة. واضاف: "أنا وُلدت من أجل استقلال كردستان".

واعلن رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني في ختام المقابلة: "ان ندائي للعالم الحر ألا يقفوا ضد قيمهم ومبادئهم ذاتها بالوقوف ضد تقرير المصير والحقوق الديمقراطية السلمية لأمتنا. ولمن يقولون ان هذا إذا حدث سيزيد انعدام الاستقرار في المنطقة أقول: على العكس فان ما نريد ان نفعله هو منع المزيد من عدم الاستقرار وسفك الدماء في المنطقة".

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "فورين بولسي". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://foreignpolicy.com/2017/06/15/masoud-barzani-why-its-time-for-kurdish-independence/