جمال شنيتر من عدن: عاد الحديث مجددًا في أروقة مجلس الامن الدولي عن ميناء الحديدة اليمني، المطل على البحر الاحمر والذي تسيطر عليه جماعة الحوثي، ليكشف ما يحمله من ميزة استراتيجية لطرفي النزاع.

بيان مجلس الامن الاخير، الذي صدر امس الاول، دعا جميع الاطراف الى المشاركة بصورة بناءة مع آخر مقترحات المبعوث الخاص اسماعيل ولد الشيخ لزيادة الشحنات التجارية والإنسانية من خلال موانئ البحر الاحمر، بما في ذلك ترتيبات جديدة لإدارة ميناء ومدينة الحديدة.

وأعرب مجلس الأمن الدولي عن امله في أن تؤدي هذه المقترحات الى بناء الثقة بين الطرفين المتصارعين في اليمن، بغية وقف الاعمال العدائية بشكل دائم كخطوة نحو استئناف محادثات السلام بإشراف الامم المتحدة.

وشدد بيان مجلس الامن على اهمية بناء الثقة بين الجانبين بطريقة تفضي الى اجراء مفاوضات سياسية وترتيب اوضاع ميناء الحديدة الاستراتيجي.

تفضي هذه المقترحات الى التوصل الى اتفاق سريع بشأن نشر مراقبين اضافيين لآليات التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة في الميناء وزيادة قدرة جميع الموانئ اليمنية، بما في ذلك تركيب الرافعات في الوقت المناسب في ميناء الحديدة لزيادة قدرة الميناء، وزيادة امكانية الوصول الى مطار صنعاء من اجل توفير الامدادات الانسانية لإنقاذ الارواح.

الورقة الرابحة 

يقول المحلل السياسي الخضر السالمي إن ميناء الحديدة بات نقطة محورية ومفصلية في الصراع المسلح، الذي يشهده اليمن منذ عامين، وان طرفي الحرب يعملان على الاحتفاظ بالحديدة كورقة رابحة.

ويرى السالمي في تصريحات لـ"إيلاف" أنّ قوات الجيش الوطني للحكومة الشرعية المسنودة من قوات التحالف العربي، ورغم الانتصارات التي حققتها في الساحل الغربي لليمن وخاصة في المخا، الا انها تجد صعوبة في استعادة الحديدة والسيطرة عليها.

يضيف: "هناك فرق كبير بين المخا وباب المندب، اللذين حررهما التحالف، والحديدة التي تسيطر عليها الجماعات الانقلابية، فالحديدة مدينة كبيرة وذات استراتيجية سياسية وعسكرية واقتصادية وسكانية استثنائية، وتدرك الحكومة الشرعية ومعها التحالف أن المشكلة ليس في تحريرها، بل في كيفية تأمينها وإدارة الامور فيها، هنا المشكلة، إذ سيعجز التحالف والحكومة الشرعية بالطبع في إدارتها مثلما فشلا في كثير من المدن المحررة الاخرى".

مجرد اسطوانة

ويستبعد السالمي قيام التحالف العربي بإطلاق معركة تحرير الحديدة ومينائها، مشيرًا الى ان التحالف والجيش الوطني يرددان هذه الاسطوانة للضغط على ميليشيا الحوثي وعلي عبدالله صالح للتنازل عن الحديدة والانسحاب منها، كما ان الحكومة والتحالف العربي يرددان نفس الاسطوانة مع الامم المتحدة لإجبار الانقلابيين على الانسحاب"، على حدّ تعبيره.

مخاوف من كارثة انسانية

يقول السالمي إن بيان مجلس الامن الاخير يكشف عن مخاوف الامم المتحدة من اندلاع مواجهات في الحديدة، مما يعني خطرًا كبيرًا على العملية السياسية التي يعمل عليها المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ.

ويضيف أن المخاوف تمتد لتشمل الجانب الانساني وتداعياته السلبية، وقلق العالم من أن تودي معركة الحديدة الى قتل اكبر عدد من السكان الابرياء ووقوع كارثة انسانية كبرى.

ويعترف بأنّ "عملية تحرير الحديدة اذا تمت ستشكل ضربة موجعة للميليشيات، باعتبار أن ميناء الحديدة الشريان الحيوي الاخير الذي يغذيهم بالسلاح والعتاد" مستدركًا: "لهذه الاسباب، نجد الانقلابيين يستميتون في الدفاع عن الحديدة، ويرفضون أي انسحاب منها".

الحوثي يعتبر الحديدة خطًا أحمر

رئيس الحكومة الصادرة عن تحالف الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي، كشف في مقابلة خاصة مع"إيلاف" قبل اسبوعين، فحوى النقاش الذي دار بينه وبين المبعوث الاممي ولد الشيخ خلال زيارته الاخيرة حول وضع الحديدة، لافتًا إلى أنّ المبعوث الاممي اقترح أن تسلم الحديدة لمجلس عسكري محايد.

وأضاف عبد العزيز صالح بن حبتور في المقابلة: "قلنا له هذا الموضوع الجزئي مرفوض مناقشته من قبلنا، لأننا لن نناقش موضوع الحديدة إلاّ في إطار السياق الوطني إجمالاً، أي أننا لن نفرط أو نسلم شبرًا واحدًا من الأرض اليمنية لم تستطع الحرب أخذه منا بقوة السلاح طيلة عامين وأكثر، وتأتي أنت كممثل دولي تريدنا تسليمه للأعداء، هذا أمر مرفوض من كل الشعب اليمني".

الجيش والتحالف يحشدان

عسكرياً، دفعت قوات الجيش اليمني والتحالف العربي، بتعزيزات عسكرية باتجاه الساحل الغربي لليمن، استعداداً لمعركة تحرير الحديدة ومينائها الاستراتيجي.

ومنذ أيام، تداولت وسائل اعلام يمنية تصريحات لمصادر عسكرية لم تسمِها، تقول إنّ تعزيزات عسكرية جديدة وصلت منطقة المخا الساحلية، في إطار التحشيد العسكري المستمر لقوات الشرعية والتحالف، استعداداً لاستكمال تحرير الساحل، والبدء بمعركة تحرير محافظة الحديدة.

ولفتت تلك المصادر إلى أنّ المناطق الشمالية لمديرية المخاء شهدت معارك عنيفة خلال الايام القليلة الماضية، وقصفاً مدفعياً وصاروخياً متبادلاً، بين قوات الجيش بمساندة التحالف العربي من جهة، وجماعة الحوثي من جهة أخرى، في وقت شنت مقاتلات التحالف غارات مكثفة على أهداف متقدمة للانقلابيين في مديرية الخوخة المجاورة، خلفت أكثر من 26 قتيلاً، بينهم قيادات عسكرية كبيرة.