قطاع غزة: أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الإثنين أن الجيش الإسرائيلي انسحب من مجمع الشفاء الطبي في غزة، مؤكدة انتشال "عشرات الجثث" وتعرّضه لدمار "كبير جدا"، بعد عملية عسكرية امتدت أسبوعين في هذا المرفق والأحياء المحيطة به.

ولم يؤكد الجيش بعد انسحابه. وهو كان أعلن في 18 آذار (مارس) بدء عملية عسكرية "دقيقة" في المجمع الطبي الأكبر في القطاع، بعد معلومات استخبارية عن وجود "مسؤولين كبار من إرهابيي حماس" في المنطقة.

وكانت هذه المرة الثانية ينفّذ فيها الجيش عملية في هذا المستشفى منذ اندلاع الحرب في غزة ضد حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس في وقت مبكر الإثنين بأن "الاحتلال انسحب من مجمع الشفاء الطبي بعدما قام بإحراق مبانيه وخروجه بالكامل عن الخدمة وحجم الدمار في داخل المجمع والمباني المحيطة به كبير جدا".

وأكدت "انتشال عشرات جثث الشهداء بعضها متحللة من داخل مجمع الشفاء الطبي ومحيطه"، مشيرة الى أن "بعض الجثث مهشمة نتيجة دهسها بالدبابات والجرافات العسكرية".

وأفادت بأن "كافة المباني في مستشفى الشفاء تعرضت للحريق أو أصيبت بأضرار بما في ذلك ثلاجة الموتى وساحات وممرات المستشفى".

وأكد مراسل لوكالة فرانس برس وشهود في المكان، مشاهدة دبابات ومركبات عسكرية إسرائيلية تنسحب من المجمع. وأشار الى أن مباني عدة داخل المجمع تضررت، وبدت على بعضها آثار حرائق.

وأشار مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس الى أن الجيش شنّ غارات جوية وقصفا "للتغطية على تراجع دباباته وآلياته من مجمع الشفاء الطبي".

وأعلن الجيش في وقت سابق أنه قضى على "أكثر من 200" عنصر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في منطقة مجمع الشفاء، متعهدا مواصلة العملية العسكرية حتى "القبض على آخر" مقاتل.

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت الأحد أن المستشفى لا يزال يضم 107 مرضى و50 عاملا في المجال الصحي.

وذكر المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس بأن 21 مريضا توفوا في مجمع الشفاء منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية 18 آذار (مارس)، مضيفا أن المستشفى لا تتوافر فيه سوى زجاجة مياه واحدة لكل 15 شخصا.

ضربة في مستشفى الأقصى
ووفق أرقام نشرتها منظمة الصحة في أواخر آذار (مارس)، لا يزال أقل من ثلث المستشفيات في القطاع يعمل بشكل جزئي.

ومنذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، شنّ الجيش الإسرائيلي عددا من العمليات التي طالت مستشفيات ومرافق طبية ومحيطها، متهّما حماس باستعمالها كستار لنشاطاتها. لكن الحركة نفت بشدة استخدام مقاتليها الشفاء وغيره من المرافق الصحية.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية الأحد مقتل أربعة أشخاص وإصابة 17 آخرين في قصف إسرائيلي على مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط القطاع.

وقال تيدروس عبر منصة إكس "كان فريق من منظمة الصحة العالمية في مهمة إنسانية في مستشفى الأقصى في غزة عندما تعرض مخيم داخل مجمع المستشفى لغارة جوية إسرائيلية اليوم. قُتل أربعة أشخاص وأصيب 17 آخرون"، موضحا أن موظفي المنظمة بخير.

كذلك، أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن القصف كان "غارة إسرائيلية". ونقلت عن أحد منسّقيها قوله "عندما سمع فريقنا دوي انفجار قريب، أوقف (أفراده) ما كانوا يقومون به ولجأوا للاحتماء داخل المستشفى".

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن طائرة تابعة لسلاح الجو "قصفت مركز قيادة عملياتيا تابعا لحركة الجهاد الإسلامي وإرهابيين متمركزين في باحة مستشفى الأقصى في منطقة دير البلح".

وأضاف "بعد هذه الضربة الدقيقة، لم يتضرر مبنى مستشفى الأقصى ولم تتأثر وظيفته".

وتوازيا مع العملية العسكرية في مجمع الشفاء، أفادت حماس بأنّ القوات الإسرائيلية تتواجد في مجمّع مستشفى ناصر، فيما ذكر الهلال الأحمر الفلسطيني أنّ عمليات تجري في مستشفى الأمل، والواقعَين في مدينة خان يونس.

مقتل 600 جندي
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، إثر هجوم نفّذته حركة حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1160 شخصاً معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصاً ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.

وتعهّدت إسرائيل "القضاء" على حماس وهي تشنّ منذ ذلك الحين قصفا مكثّفا، وبدأت هجوما بريا في 27 تشرين الأول (أكتوبر)، ما أدى الى مقتل 32782 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

والإثنين، أعلنت الوزارة أن القصف الإسرائيلي أدى الى مقتل 60 شخصا على الأقل ليل الأحد الإثنين.

وأشار مكتب الإعلام الحكومي الى شنّ إسرائيل غارات جوية في أنحاء عدة أبرزها خان يونس ودير البلح ورفح.

وأفاد شهود عيان عن وقوع اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في وسط مدينة خان يونس (جنوب)، وحي الرمال وتل الهوى بمدينة غزة (شمال).

والاثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي أن 600 من جنوده قتلوا منذ اندلاع الحرب، من بينهم 256 على الأقل داخل القطاع منذ بدء العمليات البرية، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى أرقام رسمية.

كذلك، قضى أكثر من نصف الجنود القتلى أثناء هجوم حماس، في حين سقط آخرون في الضفة الغربية المحتلة حيث تصاعد التوتر منذ اندلاع الحرب في غزة، أو في شمال إسرائيل حيث يسجّل تبادل يومي للقصف عبر الحدود مع حزب الله اللبناني.

وليل الأحد، أعلن جهاز الطوارئ الإسرائيلي أن رجلا طعن ثلاثة أشخاص وأصابهم بجروح في مركز تجاري بالقرب من مدينة أسدود في جنوب إسرائيل.

ضغوط على نتانياهو
ومع اقتراب الحرب من إتمام شهرها السادس، تتزايد الضغوط في الشارع على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي خضع الأحد لعملية جراحية "ناجحة" لإزالة فتق، وفق ما أعلن مكتبه.

وفي ليلة ثانية من الاحتجاجات، تظاهر آلاف الإسرائيليين مساء الأحد في القدس للمطالبة باستقالة نتانياهو وتأمين الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة، في وقت تبدو المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق هدنة وتبادل قد وصلت إلى طريق مسدود.

وأغلق المتظاهرون طريقا سريعا رئيسيا في المدينة بعدما تجمعوا في وقت سابق أمام مقر الكنيست ملوحين بالأعلام الإسرائيلية. واستخدمت الشرطة خراطيم المياه ضد المتظاهرين لابعادهم إلى الخلف بينما كانوا يهتفون بأن نتانياهو "يجب أن يرحل".

لكن التوصل إلى اتفاق يتضمن إطلاق سراح الرهائن لا يزال بعيد المنال، رغم النداءات الصادرة عن المنظمات الدولية التي تحذر من خطر المجاعة على غالبية سكان قطاع غزة المحاصر البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.

وقال مسؤول في حماس لوكالة فرانس برس الأحد إن الحركة لم تتخذ قرارا بعد بشأن إرسال وفد إلى جولة تفاوض جديدة في الدوحة أو القاهرة، مؤكدا أن المواقف بين حماس وإسرائيل لا تزال "متباعدة"، قائلا إن الحركة "أبدت مرونة واستعدادا للتوصل لاتفاق".

لكن نتانياهو اتهم حماس بأنها "شددت" مواقفها. وقال الأحد "في حين أظهرت إسرائيل مرونة في مواقفها خلال المفاوضات، قامت حماس بتشديد مواقفها".

منذ بداية الحرب، تم التوصل إلى هدنة لمدة أسبوع واحد فقط في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، أتاحت الإفراج عن حوالى مئة رهينة في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.