قطاع غزة: يقول سكان الأحياء المحيطة بمجمع الشفاء الطبي في غرب مدينة غزة إن الجيش الإسرائيلي الذي ينفذ عملية مركزة فيه منذ فجر الإثنين يعتقل الشباب والرجال ويدفع النساء والأطفال للنزوح باتجاه جنوب القطاع قائلين إن ما يعانونه أصعب من "نار جهنم".

قال الجيش الذي يواصل عمليته لليوم السادس في المجمع الذي تحاصره الدبابات ومحيطه إنه تحرك بناء على معلومات بوجود كوادر من حماس والجهاد الإسلامي بداخل المستشفى وأنه قتل "أكثر من 170" منهم خلال مواجهات معهم، فيما اعتقل 800 من "المشتبه بهم" واستجوبهم. ويؤكد أنه عثر على أسلحة داخل المستشفى.

لكن الجيش يؤكد أنه يتجنب "إلحاق الأذى بالمدنيين والمرضى والطواقم الطبية والمعدات الطبية" في المجمع الذي لجأ إليه الآلاف طلبًا للأمان منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من خمسة أشهر.

ولا تُعرف بعد حصيلة ضحايا هذه العملية. لكن سكان أحياء الرمال والنصر ومخيم الشاطئ يقولون إنهم رأوا جثثًا في الشوارع وأن الاعتقالات تجري بالجملة وأن النساء والأطفال ينزحون تحت وابل القصف المدفعي والغارات الجوية والقصف من المسيَرات، فيما تدور "اشتباكات عنيفة بين مقاتلين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية" في المنطقة.

اقتحمت عشرات الدبابات والمركبات المدرعة الأحياء المحيطة وصولاً إلى مجمع الشفاء الذي طوقته واقتحمته فجر الإثنين. وألقى الجيش منشورات طلب فيها من السكان إخلاء المنطقة والتوجه غربًا ثم سلوك شارع الرشيد الساحلي إلى المواصي، على بعد نحو 30 كيلومترًا في الجنوب.

وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس منذ الإثنين مئات الأشخاص يفرون.

وتحدث محمد (59 عاما) وهو من سكان مخيم الشاطئ القريب من المجمع الطبي وهو الأكبر في القطاع، في اتصال مع فرانس برس الجمعة عن "إطلاق نار وقصف مدفعي طوال الليل. الجيش فجّر خمسة بيوت قرب مستشفى الشفاء".

وأضاف، مفضلا عدم الكشف عن اسمه الكامل، "شاهدت في شارع الشفاء جثثًا كثيرة والدبابات تقف في الشوارع المؤدية للمستشفى. شاهدت النيران تشتعل في منزل بجانب الشفاء".

وأضاف "منطقة الرمال والشاطئ مثل مدينة أشباح. الجيش يقتحم الأحياء بيتًا بيتًا ويعتقل كل الذكور حتى من بينهم أطفال. كل الناس خائفون من الاعدامات والحبس... ما يجري هو انتقام وإبادة. حوّلوا غزة الى أكثر من نار جهنم".

وتقول وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس إن الجيش قصف العديد من مباني المستشفى، بما في ذلك قسم أمراض الشرايين الذي اشتعلت فيه النيران. وتحدث الإعلام الحكومي السبت عن "حرق عدة مباني في المجمع واحتجاز نحو 240 من المرضى ومرافقيهم، والعشرات من الكوادر الطبية".

اقتحامات
وقال ممرض في المشفى فضل عدم الكشف عن اسمه لمراسل في وكالة فرانس برس الخميس إن عمليات قصف ليلية "ألحقت أضرارا بجميع المباني"، ولا سيما قسم الجراحة. وأضاف أن في المجمع الذي لجأ إليه مدنيون نازحون منذ أسابيع، "لا يوجد ما يكفي من طعام وشراب".

وفي اليوم الخامس للعملية، قال محمود أبو عمرة (50 عاما) وهو من سكان حي الرمال إن "قوات الاحتلال اقتحمت فجر اليوم (الجمعة) جميع المنازل والعمارات السكنية في محيط منطقة الكتيبة ودوار الامم المتحدة غرب غزة".

وأضاف "أخرجوا جميع السكان من المنازل وأجبروا كل الشباب الذكور فوق سن 16 عاما على خلع ملابسهم بالكامل إلا الملابس الداخلية السفلية، وقاموا بتقييدهم وضربهم بأعقاب البنادق وشتمهم بشتائم نابية. ثم أخذوهم إلى مدرسة بجانب مستشفى الشفاء للاستجواب".

أما النساء والأطفال فقال "إنهم يرغمونهم على التوجه غربًا باتجاه الساحل ومن ثم إلى الجنوب".

قال الجيش لوكالة فرانس برس إنه يتم إطلاق سراح الأشخاص المعتقلين وغير المتورطين "في أنشطة إرهابية"، وإن "المحتجزين يعاملون وفقا للقانون الدولي".

وأضاف "في كثير من الأحيان، يتعين على المشتبه بهم تسليم ملابسهم حتى يمكن فحصها، والتأكد من أنها لا تخفي سترة ناسفة أو أي سلاح آخر. وتعاد الملابس إلى المعتقلين ما أن يصبح ذلك ممكنا".

هجوم حماس
اندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) عقب هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.

وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في هجوم حماس.

وتوعدت بالقضاء على حماس ونفّذت حملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع، ما أسفر عن مقتل 32142 شخصًا وخلف 74412 جريحًا غالبيتهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.