شملان يوسف العيسى

يبدو أن شهر العسل بين الحكومة الكويتية ومجلس الأمة قد انتهى بعد مرور أقل من شهرين على جلسة الافتتاح للمجلس الجديد الذي حققت فيه المعارضة انتصاًرا جزئًيا للمعارضة التقليدية وبعض تيارات الإسلام السياسي.

فقد شهدت الكويت في الأسبوع الماضي أزمة سياسية جديدة بصعود الشيخ سلمان الحمود الصباح، وزير الإعلام ووزير الدولة لوزارة الشباب بالوكالة، منصة الاستجواب حول توقف الرياضة الكويتية بعد الخلاف بين اللجنة الأولمبية الكويتية والاتحاد الدولي لكرة القدم، ولا يتسع المجال هنا لاستعراض طبيعة الخلاف وخلفياته.

ما يهمنا هنا أن طبيعة الخلاف حول الرياضة سياسية أكثر منها رياضية؛ فالخلاف بدأ بين الشيخ أحمد فهد الأحمد رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية، ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم حول قوانين الرياضة وإدارتها.

في جلسة الاستجواب، تبين أن هنالك بعض النواب المؤيدين لموقف الشيخ أحمد الفهد الأحمد رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية السابقة، حيث هدد النواب باستجواب رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح إذا لم يستقل الوزير سلمان الصباح وزير الإعلام والرياضة بالوكالة.

السؤال: هل إذا استقال الشيخ سلمان الحمود من الوزارة، فستهدأ الأمور وتنتهي الأزمة السياسية بين الحكومة والمجلس؟

لا نتصور ذلك، خصوًصا أن بعض النواب استغلوا ضعف الحكومة واستقالة الوزير بطرح قضايا شعبوية جديدة من خلال دغدغة مشاعر الناخبين بإثارة موضوع سحب بعض الجنسيات، حيث قررت لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الأمة منح المحاكم حق الفصل في القرارات المتعلقة بها أو إسقاطها، كما طالبوا بتعديل جديد يمنع سحب الجنسية أو إسقاطها في حالات التزوير بعد مرور 30 عاًما.

الحكومة بدورها ترفض تغيير قانون الجنسية وتعده خًطا أحمر لا يجوز تجاوزه لأنه يتعلق بمبدأ السيادة للدولة.

الآن المطلوب مراجعة وتحليل ما حدث في الأزمة الحالية التي أدت إلى استقالة وزير بعد أقل من شهرين من انعقاد المجلس، وحصول النواب على 30 عضًوا لطرح الثقة بالوزير.

الأزمة الحالية مؤشر خطير على كيفية تعامل الحكومة مع الملفات الساخنة المقبلة، التي من أهمها الملف الاقتصادي، حيث بينت الأرقام الرسمية أن دخل الدولة من النفط وصل إلى 12 مليار دينار، بينما ميزانية الدولة المتوقعة 18 مليار دينار، مما يعني أن لدى الدولة عجًزا بمبلغ 6 مليارات دينار (20 مليار دولار تقريًبا).

كيف يمكن تقليص العجز من دون أخذ إجراءات حكومية تقشفية؛ إما عن طريق فرض الرسوم والضرائب، أو إلغاء سياسات الدعم الحكومي للغذاء والبترول والكهرباء والماء والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها؟ وهذا يعني أن الحكومة اتخذت قرارات إصلاحية غير شعبية لتفادي العجز.

الآن وقد تشكلت أغلبية نيابية قد تصل إلى 30 نائًبا باستطاعتهم سحب الثقة من أي وزير يعترض على مطالبهم، فكيف ستكون علاقة الحكومة مع المجلس؟.

يجب أن تعمل الحكومة على كسب الشارع وإعادة الثقة بينها وبين المواطنين بعد أن ثبت عدم نجاح الأسلوب التقليدي المعمول به سابقًا، وهو شراء الولاءات. اليوم في عصر المعلوماتية أو «تويتر» ووسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد هذا الأسلوب ينفع أو يغير.

لقد اتخذت الحكومة خطوات كثيرة إزاء دور المعارضة في مجلس الأمة؛ منها على سبيل المثال تغيير الدوائر الانتخابية، وتغيير نظام التصويت من 4 أصوات إلى صوت واحد، كما تم التشدد في قانون المرئي والمسموع والجرائم الإلكترونية وغيرها... كل هذه الأمور القصد منها كسب الشارع.

على الحكومة الإقرار بأن الأساليب القديمة لم تنجح، لذلك عليها إعادة النظر في أسلوب عملها وكيفية التعامل مع الشعب أو نوابه.
علينا التأكيد هنا أن السلطة، ممثلة بأسرة الحكم (آل الصباح)، لديها شعبية كبيرة من جميع أطياف المجتمع الكويتي، لكن المشكلة تكمن في سوء الإدارة الحكومية، فالتعامل مع برلمان منتخب شعبًيا في دولة بالعالم الثالث تختلط فيها المصالح الشخصية والقبلية والطائفية مع المطالب الوطنية، أمر صعب ومزعج يتطلب مفاهيم الدولة الحديثة التي عمادها الدستور وحكم القانون، وليس إرضاء البعض على حساب مصالح الوطن.