محمد بن عبدالرحمن البشر

منذ أن قامت الثورة الخمينية، وإيران تعيش متناقضات عجيبة، فهي لا تريد ولا تسعى لاستقرار جيرانها وغير جيرانها في الوقت الذي تبحث عن استقرارها، وهذا تناقض عجيب، فتدخلاتها المستمرة في دول الجوار، جعلت العالم أجمع إلا ما ندر يقف ضدها، في الوقت الذي تتوهم فيه أنها قادرة على الاستقرار، وهذا وهم ليس بعده وهم.

إيران دخلت في حرب مباشرة مع العراق، وأرسلت جنودها وخبراءها إلى سوريا واليمن ولبنان وغيرها، وما زالت، فهي بهذا تدخلت فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهي أيضاً تدخلت في دول كثيرة من خلال دفع الأموال والتحريض، وإنشاء الأذرع هنا وهناك، وتدريب المغرر بهم ومن ثم إرسالهم إلى بلدانهم ليفسدوا فيها ويحرقوا الحرث والنسل، إيران في وهم استقرارها، ارتكزت على الأيديولوجيا، والسلاح النووي والصاروخي بالإضافة إلى السلاح التقليدي.

والسلاح التقليدي إما أن يكون مصنفاً داخلياً، وهو سلاح رديء مقارنة بغيرة، أو أن يكون سلاحاً مستورداً وبعضاً منه جيد الصنع، وإضافة إلى ذلك تجنيد عدد من الأفراد ليكونوا جنداً للدفاع عن أمر غير معلوم لديهم، ولهذا تبرز الأيدلوجيا كعنصر هام في جعل أولئك المغلوب على أمرهم يضحون بأنفسهم في ما ليس لهم به علم، ويسارعون في تلبية نداء أوهموا أنه يستحق الفداء.

والسلاح الصاروخي، استطاعت إيران تصنيعه بشكل ما وبطريقة ملتوية، وأخذت تظهره وكأنه الجالب للاستقرار، وحامي الديار، والقادة الإيرانيون يعلمون أنه وهم لا يجلب الاستقرار، وقد تمادت إيران في ذلك وتوسعت بدرجة جعلت الكثير من دول العالم تفكر ملياً في هذا البرنامج المهدد للسلم العالمي.

السلاح النووي هو الآخر وهو من أوهام قادة إيران ظناً منهم أنه سيكون العامل الرئيسي للاستقرار، والذي تخوف به الدول الأخرى الباحثة عن السلام، وهو ترى أن استمرار البرنامج يصنع لها شأنا في التأثير على الغير وإيجاد تبعية معينة من بعض الدول والأحزاب، وهذا وهم أيضاً.

الإيديولوجيا هي الوقود المستخدم لإيهام الناس بأن ما يفعلونه إنما هو الهدف الأسمى، ويفوق نظرتهم البسيطة، لهذا فما عليهم إلا طاعة قادتهم وتنفيذ أوامرهم واليوم ترى أن كل تلك المرتكزات باءت بالفشل، فما تشتريه من سلاح تقليدي هو أقل كفاءة من غيره والمتاح لغيرها دونها، وبرنامجها الصاروخي، أضحى هدفاً من معظم الدول الفاعلة في المنطقة وخارجها، وأصبح على إيران أن تكون مستعدة لضوابط تقلص من قدراتها الصاروخية وتحد من طموحاتها، ولهذا فإن هذه الركيزة الوهمية سوف تنكسر لا محالة.

والسلاح النووي انتبه العالم لخطره، فكانت تلك المعاهدة التي كانت في صالح إيران، وقد نبهت دول المنطقة لذلك، فاتخذ العالم خطوات جادة لمراجعتها وإلغائها، أو تعديلها أو إضافة ملحق لها، ويبدو أن ذلك حادث لا محالة لا سيما أن الشركات العالمية الكبرى تحرص على مصالحها، ولن تجازف بالتعامل مع إيران في الوقت الذي تفرض فيه دول أخرى ومنها الولايات المتحدة حظرا على التعامل مع إيران. وحتى الساسة في أوروبا وغيرها من الدول يعلمون أنه لا بد لهم أن يكونوا أكثر واقعية فليس من المنطق أن تضحي المجموعة الأوروبية مثلاً بمصالحها الهائلة مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج في سبيل تبادل تجاري مع إيران لا يبلغ سوى عشرين مليار دولار لذا فقد سمعنا من القادة الإيرانيين تصاريح تظهر أن تلك المعاهدة في طريقها إلى الموت وأن استئناف التخصيب قادم، وهم يعلمون أنهم غير قادرين على ذلك وأن مصيرهم الرضوخ للإرادة العالمية، وإنما هي أحد المناورات التي يتبعها الساسة الإيرانيون الماسكون بزمام السلطة.

والإيدلوجيا هي الغلاف والملبس الذي يزين به كل شيء في إيران، رغم أن جل الشعب الإيراني يريد الانطلاق إلى رحاب أوسع والبحث عن لقمة العيش الكريمة، والسير في مركب الحضارة، وهذا التناقض بين ما يريد الساسة إضفاءه على الشعب، وما يرغب الشعب العيش به، هو ما يجعل إيران غير مستقرة مهما كانت أدوات ساستها.

حفظ الله هذه البلاد بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله، وكفانا الله شر من أراد الشر لهذه البلاد المباركة.