محمد الحمادي

 أمام النظام الإيراني فرصة جديدة كي يضع الأمور في نصابها ويصحح من وضعه، وتكون إيران دولة مسؤولة ضمن المجموعة الدولية، فالشروط التي تحدث عنها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها، وعدم السماح لطهران للتمادي فيما هي فيه، وإذا لم تستجب فالعقاب سيكون قاسياً.

يجب أن يدرك النظام الإيراني أنه يسير في طريق الخسارة، وأن الدائرة تضيق عليه، ووضعه يزداد سوءاً ليس من الداخل فقط، بل وحتى من الخارج، والتصريحات الروسية الأخيرة حول ضرورة خروج القوات والميليشيات الأجنبية من سوريا، مؤشر يجب ألا تغفله طهران وألا تقفز عليه، فضلاً عن أنها يفترض ألا تكابر أكثر في التعامل معه، فوضعها في سوريا خاطئ وغير سليم، وطلب حليفتها الأولى روسيا يبدو طلباً عقلانياً في المرحلة الحالية قد ينقذها من خسائر أكبر.

ما فعله وزير الخارجية الأميركي، أمس، هو أنه شرح وجهة نظر الرئيس الأميركي في انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، وقال إن الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض على اتفاق جديد مع إيران، وعرض الوزير الأميركي النقاط الاثنتي عشرة للاتفاق، والتي يبدو أنها منطقية، وتضمن التوافق بين جميع الأطراف، بل وتجعل الاتفاق حقيقياً يخدم المجتمع الدولي بأسره ودول المنطقة عندما يضع حدوداً واضحة لتصرفات إيران، ويرفع عنها العقوبات مقابل التزامها بشروط تساعد على حفظ الأمن والاستقرار في دول العالم.

والمطالب الاثنا عشر تأتي ضمن الاستراتيجية الجديدة لواشنطن تجاه إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وأعربت واشنطن عن استعدادها لرفع العقوبات في نهاية المطاف في حال تجاوب طهران، والمطالب هي: النقاط الأربع الأولى مرتبطة بالنشاط النووي الإيراني، ثم طلب إطلاق سراح المواطنين الأميركيين وكل مواطني الدول الحليفة، إيقاف دعم إيران لمجموعات إرهابية في الشرق الأوسط مثل حزب الله وحركة حماس والجهاد، احترام الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية، إيقاف دعم الميليشيات الحوثية، سحب كل القوات التي تخضع لأوامر إيران من سوريا، إيقاف دعم طالبان وجميع العناصر الإرهابية وإيواء عناصر القاعدة، إيقاف دعم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني وشركائه من الإرهابيين، وأخيراً التوقف عن السلوك الذي يهدد جيرانها، وكثير منهم حلفاء للولايات المتحدة.

من الواضح أن تلك المطالب لا ترضي طهران، فهي تريد الاتفاق القديم الذي يعطيها كل شيء دون أي مقابل، وهي بذلك تضغط على الدول الأوروبية كي تدعمها في رفض الانسحاب الأميركي، وفي الوقت نفسه بقاء الاتفاق السابق، ولكن من الواضح، وحسب أغلب الخبراء، أن أوروبا لن تستطيع المواصلة في الاتفاق دون الولايات المتحدة، لذا على طهران أن تعيد كثيراً في حساباتها، فدول المنطقة ودول العالم التي تضررت من ممارساتها طوال عقود لن تسمح لها بأن تستمر في سلوكها العدواني، واحتفاظها بالهدية المجانية المتمثلة في الاتفاق النووي السابق.