على أثر الانتفاضة والتحرکات الاحتجاجية المتواصلة خلال الأشهر السبعة الماضية وماأعقبتها من عزلة دولية غير مسبوقة للنظام الإيراني، فإن مسألة سقوطه لم تعد مستبعدة بل وإنها واردة أکثر من أي وقت آخر. وهناك العديد من الاحتمالات و السيناريوهات الواردة بهذا الخصوص والتي من أهمها:

ـ تغيير في سلوك ونهج النظام والعمل من أجل إجراء التغيير من داخل النظام ومجيء الجناح المسمى بالمعتدل إلى السلطة وإقالةالمرشد الاعلى خامنئي.

ـ تغيير من الخارج على أثر هجوم عسكري خارجي ومن قبل الولايات المتحدة الامريکية على وجه التحديد على غرار العراق في عام 2003.

ـ انتفاضة عفوية وجماهيرية واسعة دون قيادة وتنظيم محددين.

ـ انتفاضة شعبية منظمة بقيادة وتنظيم محددين.

إن العقود الأربعة الماضية أثتبت بوضوح أن قضية التغيير منالداخل أو تغيير سلوك النظام ليست إلا سرابا. كما أن قضية تغيير النظام من الداخل وتغيير سلوكه هي خدعة أعلن عنهاالنظام ولوبياته وأصحاب المساومة للحفاظ على حياة هذا النظاممنذ موت خميني ومجيء هاشمي رفسنجاني إلى السلطة. ونرىبصورة واضحة أنه وفي المجالين الأساسيين للقمع الداخليوتصدير الإرهاب إلى الخارج لم يحدث تغيير في هذا النظام في أية فترة أبدا والوضع بقي على ما كان عليه في عهد الخميني. في انتفاضة ديسمبر/كانون الأول 2017 ختم وأثبت المواطنون نهاية قضية تغيير النظام من الداخل بهتاف "أيها الإصلاحي،أيها الأصولي انتهت لعبتكما".

مقولة الهجوم العسكري الخارجي لإسقاط النظام هي من طبخة تحلو لطهران وأصحاب المساومة ولوبياته. كما أنهم ونظرا للتجربة الفاشلة لاحتلال العراق يحاولون طرح أخطار ناجمة عن الهجوم العسكري على إيران للمضي قدما بسياسة المساومة مع النظاموجعلها شرعية. ولكن بما يعود الأمر إلى الإدارة الأميركية الجديدة فإن كلا من الرئيس ترمب ووزير الخارجية الأميركيبومبيو أكدا أكثر من مرة أن الهدف الأميركي الجديد هو تغييرسلوك هذا النظام وليس تغيير النظام.

إن تجربة جميع الثورات التي أدت إلى التغيير الجذري في النظام الحاكم، توضح جيدا أن الانتفاضات العفوية إذا ما لم تحظ بقيادة وجهة تقودها، فلن تحقق غاياتها وأهدافها في نهاية المطاف إذ إنها إما أن تواجه الانکسار والتشتت والضياع وإماأن تنحرف عن أهدافها الرئيسية. إذن يكمن شرط النجاح لانتفاضة شعبية وإسقاط النظام الحاكم في وجود قيادة ومنظمة قيادية، وتحظى هذه الضرورة بأهمية فائقة لايمکن تحديدها فيما يتعلق بإسقاط نظام ولاية الفقيه لأن القمع بلا حدود وعدم إمکانمقارنته مع الأنظمة الدكتاتورية يشكل واحدا من أهم مميزاتنظام ولاية الفقيه.

وتأتي تصريحات ومواقف يعرب عنها القادة والمسٶولون الايرانيون والتي تتضمن تخوفهم المستمر من خطر مجاهدي خلق خير دليل على هذه القضية، لأن الساحة الإيرانية لا ولمتشهد منظمة جادة في عزمها على إسقاط النظام کما هو الحال مع منظمة مجاهدي خلق، ولذلك يتبرم معظم المسٶولون في طهران بدءا من خامنئي قائد (9كانون الثاني/ يناير 2018) إلىروحاني وبقية المسؤولين تجاه دور لعبته منظمة مجاهدي خلقخاصة بعد انتفاضة كانون الأول/ ديسمبر 2017 وهم مستمرون في الاشارة الى الدور الخطير للمنظمة وکونها تشکل تهديدا کبيرا يحدق بالنظام.

يمکن تحديد بيت القصيد لجميع المقالات التي نشرت في الآونة الأخيرة ضد مجاهدي خلق من قبل اللوبيات وأصحاب المساومة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية من أن منظمة مجاهدي خلق لا تحظى بقاعدة شعبية في إيران ولكنهم لا يقدمون دليلا مقبولادعما وإثباتا لكلامهم. وتتضح نسبة الإقبال الاجتماعي والقاعدةالشعبية لتيار أو شخص من خلال الانتخابات الحرة. فهل يسمح النظام بإجراء انتخابات حرة في إيران تحت إشراف الأمم المتحدة لتتضح نسبة الإقبال الاجتماعي والقاعدة الشعبية لمختلف التيارات والمنظمات ومن ضمنها منظمة مجاهدي خلق؟

ويعلم الكل كما أعلن النظام مرارا وتكرارا أن مجرد مناصرةوتأييد منظمة مجاهدي خلق جريمة، كما يقبع الكثيرون الآن فيالسجون الإيرانية بتهمة مناصرة مجاهدي خلق (منهم مريمأكبري وعلي معزي وأبوالحسن فولادوند وفاطمة مثنى وحسنصادقي). وفي مثل هذه الظروف ينبغي أن لا نتوقع أن يبديالمواطنون الإيرانيون مناصرتهم وتأييدهم لمجاهدي خلق علنا.

يعتبر المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية الذي عقد في باريس أضخم تجمع للجالية الإيرانية خارج إيران مما يشكل نموذجا مناسبا لاختبار مدى الإقبال الاجتماعي والقاعدةالشعبية لمجاهدي خلق داخل إيران لأن كل مشارك في مؤتمر باريس كان يمثل عشرات الأشخاص في داخل إيران.

والحادث الهام الآخر هو كشف النقاب عن محاولة تفجير إرهابي للنظام الإيراني في هذا المؤتمر حيث كشفت بلجيكا عنها مما أدى إلى إلقاء القبض على دبلوماسي إرهابي للنظام في ألمانيا. ولماذا يضطر هذا النظام الذي يعتبر العلاقة مع أوروبا بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي أمرا حيويا بالنسبةله لکي يرتكب مثل هذا الإجراء؟ أو لا يدل ذلك على مكانة تحظىبها المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق في إسقاط النظاموالقاعدة الشعبية لها داخل إيران؟

وقد يمکن للنظام إخفاء الحقيقة من خلال إطلاق التصريحات حادة اللهجة ذات السياق العنتري ونشر الأكاذيب ولکن ذلك لايمکن أن يدوم کثيرا وانما لمجرد فترة محددة، غير أن شمس الحقيقة تظهر من بين السحب الداكنة وتبدو الحقائق والوقائع کما هي ولايمکن ترتيشها أو التلاعب بها وحينها سيعلم الجميع دور ومکانة المقاومة الايرانية في التأثير على سير الاحداث وتحديد مساراتها النهائية. والانتفاضات المتواصلة المتصاعدة للشعب الإيراني خير دليل على هذه الحقيقة.