سينفذ أخيراً الرئيس الأميركي ترمب ما وعد به كثيراً خلال فترة ترشيحه. بدءًا من تاريخ 4 نوفمبر 2018، ستخضع إيران لعقوبات أميركية إقتصادية تستهدف مجالها النفطي.
تأتي هذه العقوبات إثر إنسحاب الولايات المتحدة تحت الرئاسة الحالية من الاتفاقية النووية التي توصل إليها الرئيس السابق اوباما، وإنضمت إليها كل من الصين وروسيا والعديد من الدول الأوروبية. وبناءً على تعليمات الرئيس، ستقوم الجهات الحكومية الأميركية بإعطاء فترات إنسحاب (90 يوما و 180 يوما) للأعمال التجارية للإتفاقية النووية.
الولايات المتحدة وحيدة في تركها الإتفاقية وتنفيذ العقوبات، مما قد يعرقل عملية الضغط على إيران. ومع ذلك فلم تتوقف طموحات بلاد العم سام عند تقليل نحو 20% فقط من الكميات الايرانية الذاهبة للدول المستوردة، كما في جولة العقوبات السابقة، بل أعلنت الولايات المتحدة بأنها تستهدف عزل براميل إيران بأجمعها عن الأسواق العالمية ونادت بالمقاطعة التامة من جميع الدول المستوردة.
وآخر من خضع لهذه الضغوطات كانت كوريا الجنوبية، حيث أعلنت عن إيقاف مستوردات البترول من إيران تبعاً لخطى الهند التي بدورها قامت بتوجيه مصافيها باتخاذ الاستعدادات اللازمة لانخفاض أو انقطاع البترول القادم من إيران بعدما كانت ثاني أكبر مستورد لهذه الكميات.
وعلى الرغم من بقاء بعض الدول في أوروبا عند تعهدها مع إيران، فإن الشركات الأجنبية تتأثر بالعقوبات الأميركية لعملها في إيران، مما أدى الى كثير من الشركات ترك مشاريع وخطط إيرانية. الشركة الفرنسية توتال، على سبيل المثال، كانت أحد المنسحبين من إيران. ومع هذا الخبر خسرت طهران أحد أهم شركائها ومستثمريها في حقول الغاز تحديداً.
تخليص السوق من البراميل الإيرانية قد يساهم بعجز يفوق المليوني برميل يومياً أو ما يعادل 2% من العرض العالمي. وهذا بالتأكيد سيتسبب في تضخم الأسعار. وهذه النتيجة هي آخر ما يتمناه السيد ترمب لما يشكله إرتفاع أسعار الطاقة من عقبات سياسية.
ولذلك يطالب الرئيس منظمة أوبك وبإلحاح صارم بتعويض هذه الخسارة لضمان أسعار منخفضة في أجواء الـ80 دولارا للبرميل الحالية. لكن اوبك أيضاً تعاني من خسائر إنتاجية من قبل بعض أعضائها.
الصراعات السياسية في ليبيا أهدرت أكثر من 80% من إنتاج الدولة (أو ما يقارب 850،000 برميل). والأزمة الاقتصادية التي تعيشها فنزويلا أدت إلى تباطؤ انتاجيتها إلى مستويات تاريخية رغم امتلاكها أكبر الاحتياطات على مستوى العالم. فلذلك من المتوقع أن يأتي أغلب التعويض الإنتاجي في أوبك من السعودية.
وبناءً على ما صرح به الرئيس ترمب من خلال حسابه في تويتر، فإن الملك سلمان أكد للأول عن إمكانية المملكة زيادة الإنتاج بما يصل إلى مليوني برميل. في هذه الأحوال، قد تكون المملكة المستفيد الأكبر من هذه الطقوس الجديدة، علماً بأن الزيادات الآتية من روسيا ليس من المحتمل أن تتخطى سقف النصف مليون برميل لدواعٍ إقتصادية وسياسية. أما في أميركا، فيشكل ضعف البنية التحتية قيداً على نقل البراميل من مراكز الانتاج الداخلية إلى نقاط التصدير.
يبقى قطع المنتج الإيراني كلياً من السوق العالمية تحدياً ليس من السهل تحقيقه. وما زالت طهران تدعي بأن مهمة ترمب مستحيلة. ربما تستطيع إيران المحافظة على بعض زبائنها من خلال تخفيض اسعارها أو القبول بعملة شراء بعيداً عن الدولار لتجنب العواقب من البنوك الأميركية. الصين مثلاً، وهي أكبر زبون لإيران، لديها طلب هائل للمنتج الإيراني وما تعيشه حاليا من توتر في علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة قد يدفعها لشراء كميات أكبر من إيران.
تبقى الكثير من الأسئلة مفتوحة. وفي هذه الأسواق المتأرجحة يصعب التيقن بالمجريات المقبلة. المعركة أمام إيران بلا شك صعبة وليس من البعيد أن تكون هذه بداية النهاية لنظام ما. بين طهران والعالم 4 نوفمبر.
التعليقات