بعيد اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب أميركا من الاتفاق الموقع سابقا حول الملف النووي الايراني، اعلنت كل من المانيا وبريطانيا وفرنسا، استمرار التزامهم بهذا الاتفاقرغم اعلان الزعماء باحقية مخاوف أميركا حول القصور القائم في الاتفاق، وخصوصا عدم اشارته إلى الوقف الدائمي لتخصيب اليورانيوم وبنسب تخصيبية عالية، وكذلك عدم اشارته إلى مسألة الصواريخ البالستية وتدخل ايران في شؤون دول الجوار، من خلال اذرعها المختلفةالمثير في بعض الطروحات الرائجة، القول ان ايران ملتزمة بالاتفاق، وخصوصا بعض الدول الاوربية او الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فهنا التباس او رسالة خاطئة للراي العام العالمي، فالمسألة ليست مدى التزام ايران بالاتفاق القائم، بل مضمون الاتفاق القائم هو الذي تعترض عليه اميركا.

من الواضح ان دافع الاوربيين يبقى اقتصاديا اكثر مما هو رؤية بعيدة الامد للمنطقة والصراعات فيها، فالاتفاق وفر للاوربيين منفذ للتصدير والقيام بمشاريع كبيرة في بلد يعاني من اختناقات اقتصادية وقدم بنيته التحتية التي هي بحاجة ماسة إلى التحديث لكي تلائم متطلبات الزيادة السكانية الهائلة ومتطلبات العصرولكن ما لفت الانظار الاشارة إلى ان اوباما حينما وقع الاتفاق، كان يرمي إلى دفع ايران لكي تكون قوة منافسة ومهددة لإسرائيل ودول المنطقة، لتحقيق تسوية سياسية لمشاكل المنطقةتلائم نظرته للامور او لنقل تلائم نظرة بعض الأطراف في أميركا والاخوان المسلمين وايران.فالاشارة التي اوردها بعض المحللين، تقول ان اوباما أراد بتقوية ايران تهديد إسرائيل من خلالها ومن خلال دعم الاخوان المسلمين لمسك مقاليد الأمور في المنطقةمن هنا يبرز التهديد الفعلي الذي استشعره رئيس الوزراء الاسرائيلي وكذلك بعض زعماء المنطقة، من كونهم مستهدفين شخصيا بزوال مواقعهم ان لم يكن زوال دولهم كما نعهدها الانوالاوربيين مدفوعين بالمكاسب الاقتصادية، لم يهتموا كثيرا لمخاوف إسرائيل رغم انها حليف لهم.

من هنا يمكن القول ان انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق او التفاهم، حيث ان أميركا لم تكن قد قبلت الاتفاق بشكل معاهدة ملزمة، لعدم موافقة الكونغرس الأمريكي عليه، وهو شرط مهم لسريان المعاهداتان الانسحاب هو ايذان بتغيير السياسية الخارجية للولايات المتحدة الامريكية، عما كانت عليه في عهد اوبامافسياسة اوباما التي رمت إلى امكانية تفتيت المنطقة للوصول إلى حلول لمشاكلها، يتم من خلال هذا الانسحاب تعديلها، إلى الاعتماد على الدول القائمة او على الاقل الدول الصديقة القائمة، مع دفعها لاحداث تغييرات وإصلاحات داخلية واسعةوالتلائم او التوافق مع إسرائيل وان كان من تحت الطاولةللضغط على ايران باعتبارها المثيرة للمشاكل وان ادى الضغط إلى قلب نظام الحكم فلا بأس

يطرح البعض بعض الطروحات الساذجة، والتي تقول بان العقوبات الأمريكية لن تؤثر على ايران، باعتبار ان العقوبات لا تعني وضع حصار على الموانئ الايرانيةمتناسين ان التفضيل هنا هي بين الخسارة والربح، حيث ان اغلب الشركات الكبرى والمصارف العالمية لها مصالح ضخمة مع اميركا، وبعضها قد تم تغريمه لقيامه بخرق العقوبات سابقا، ولذا فان العقوبات لا يعني فرض حصار عسكري على ايران، بل منع كل مؤسسة من التعامل مع ايران وتخييرها بين السوق الايرانية والامريكية، بالاضافة إلى ان العولمة جعلت الكثير من الشركات والمؤسسات تتشارك في المنتوجات ولان الكثير من الشركات تصنع منتوجات او تقوم بمشاريع فيها منتوجات امريكية فهي ستكون مشمولة حتما بالتطبيق العقوبات قانونا.

من الان إلى نهاية حزيران القادم، ستظهر الكثير من الأمور والمواقف، ومنها الخطوات القائمة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فان تم الاتفاق حسب ما تطلبه أميركا، أي تدمير المشروع النووي والصاروخي لكوريا الشمالية، مع ضمانات لعدم الاعتداء وقد يلحقه الانفتاح الاقتصادي والسياسي على جنوب كوريافان الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني يكون قد وطد موقعه، لا بل يمكن القول ان ايران تكون قد خسرت الكثير ولم تلحق نفسها في تقديم بعض التنازلات للحفاظ على امنها ونظام حكمهااما ان لم يتحقق أي تقدم في الملف الكوري، فان الولايات المتحدة الأمريكية لن تخسر كثيرا، لانها دولة عظمى لها بدائل كثيرة لتطبيق سياساتها او حتى القدرة على تعديلها دون ان تقدم الكثير من الخسائر.

في الملف النووي الايراني تتداخل الكثير من الأمور واهمها السياسي والاقتصادي وهو يؤثر على اوربا كما قلنا في كلا الناحيتين ولذا تحاول اوربا الحفاظ على مصالحها بقدر الامكان.في الملف الكوري الشمالي كذلك، ولكن الملف برمته يهم أميركا والصين والكوريتين مع امكانية لعب روسيا دور واضع العصي في دواليب أي اتفاق