هل هي مصادفة أن يأتي مشروع تشريع الحشيشة في لبنان بهذا التوقيت؟ أكثر من شهرين من الجدال على توزيع الحصص ولم يتوافقوا بعد على تشكيل حكومة... نعم فمفهوم الوزارات الخدماتي معكوس عندنا، الحقائب الوزارية امتياز للسياسيين بالدرجة الأولى وليس للناس.

والنفايات التي تطمرنا وتلوث الهواء والمياه والصفقات مثل مرسوم التجنيس الذي عليه جملة علامات استفهام! وغيرها وغيرها من الملفات التي في أقل تقدير يجب أن تجعل الشعب يقلب الطاولة وينتفض!

كيف يمكن إلهاء الناس؟ تشريع الحشيشة في بلد، مواطنيه مخدرون أصلاً، والنكتة في الجزء الثاني من العبارة "لأغراض طبية"! بلا جميل التشريع كانت تزرع الحشيشة وتصنّع وتباع، وفي كثير من الأحيان أطّل المزارعون على الشاشات اللبنانية متحدّين الدولة وهي كانت أعجز حتى من أن توقفهم.. هذا في ما يخص الزراعة، على المقلب الآخر كثيرة هي التقارير التي تتحدث عن ازدياد تعاطي المخدرات بين الشباب اللبناني، فكيف مع تشريع زراعة القنّب؟ 

كيف يمكن لدولة مثل الدولة اللبنانية، المتخبطة بانقسامات الزعماء ومحاصصاتهم، أن تضبط هكذا موضوع شائك، وهي لم تكن أصلاً قادرة على ضبطه وضبط غيره من الملفات كتوقيف مطلوبين يطلّون كنجوم على الشاشات اللبنانية! 

هذا البلد هو بلد الخدمات، ليس بالمفهوم السياحي فحسب، بل بكل المفاهيم وعلى رأسها الخدمات بين السياسيين، مرّر لي ذلك أمرّر لك ذاك، وهكذا وعلى عينك يا تاجر.. والشعب يدفع الثمن! 

كنا نقول إننا بلد الحريات وكان زملاؤنا في الدول العربية يحسدوننا على هامش الحرية الذي نتمتع به، أما الآن فبتنا بلد كم الأفواه، وباستنسابية، فالبعض لديه حصانة والبعض الآخر تحت المجهر للمعاقبة!

المشهد اللبناني الآن يعيد إلى ذهني ما قاله لي أحد الأصدقاء الفلسطينين، منذ بضع سنوات، بأن إسرائيل تستخدم المخدرات كسلاح ضد الفلسطينيين، فالشعب اليائس هو الأكثر استعدادا للانجرار في التعاطي، ومتى ما تورّط في الادمان يصبح من السهل التحكّم به! 

وسط اليأس الذي يعيشه الشباب اللبناني ومع تشريع الحشيشة، والتي هي بحسب رئيس جميعة "جاد - شبيبة ضد المخدرات" أول الطريق الى المخدرات... فأي حصانة تلك ستبقى للمجتمع اللبناني من التخدير وطمس الوعي؟