كامل الشيرازي من الجزائر: استجابت الحكومة الجزائرية، في وقت متأخر من ليلة الأحد، لمطلب رفعه سكان ولاية غرداية (600 كلم جنوب) بجعل الأخيرة quot;منطقة منكوبةquot;، وقال رئيس الوزراء الجزائري quot;أحمد أويحيىquot; غداة زيارته المدينة اليوم أنّ حجم الكارثة التي ألّمت بـquot;عاصمة ميزابquot; فرض إعلانها منطقة منكوبة، علما أنّ فعاليات مختلفة في غرداية ظلوا يطالبون منذ أسبوع بذلك، وهو ما تحاشت الحكومة إقراره على مدار الأيام القليلة الماضية، ما أنتج احتقانا خشي معه الشارع المحلي أن يتطور إلى ما هو أسوأ، خصوصا مع وعيد أعيان منطقة غرداية برفع دعاوى قضائية.

وأعلن أويحيى في لقاء صحفي عن جملة من التدابير لصالح منكوبي الطوفان، حيث أوعز أنّ تصنيف غرداية كـquot;منطقة منكوبةquot; سيعقبه تمكين سكانها من إجراءات خاصة، حيث تحدث عن بناء أربعة آلاف مسكن جديد في غضون المرحلة القادمة، إلى جانب منح تعويضات لآلاف المتضررين، وتقديم مساعدات للتجار والمزارعين، على خلفية انعكاسات الكارثة الطبيعية على مختلف المساحات المزروعة بالمنطقة.

ومثلما حصل بعد زلزال بومرداس قبل خمس سنوات، تعتزم الحكومة الاستنجاد بخدمات مائتي إطار لتنظيم مختلف مناحي الحياة العامة في غرداية وتسريع إسكان جميع المنكوبين قبل 31 ديسمبر/كانون الأول القادم، إضافة إلى مساعدة السلطات المحلية على استعادة الوجه المشرق للمدينة المنكوبة.
ولم يفوت رئيس الوزراء الجزائري فرصة التقائه بالصحفيين، ليرد بطريقته على أحزاب المعارضة التي أعابت على الحكومة (غيابها)، حيث طالب أويحيى مناوئيه بالتوقف عن استغلال الحزن والقلق لدى الشباب المحلي ودفعهم إلى إحراق العجلات المطاطية وقطع الطرق بالمتاريس والحجارة، وبنبرة حادة، دعا أويحيى المعارضين إلى تأجيل خططهم وحراكهم إلى حين اقتراب مواعيد انتخابية قادمة، كما لم يستسغ أويحيى ترويج أطراف لـquot;أنباء مغلوطةquot; عن سقوط مئات القتلى في طوفان غرداية، مشيرا إلى أنّ السلطات ليس لها أي مصلحة في إخفاء العدد الحقيقي للضحايا الذي استقرّ بحسبه عند حدود 33 قتيلا و49 جريحا، بقي ثلاثة منهم فقط في المستشفى.

إلى ذلك، واصل سكان غرداية، لليوم الخامس على التوالي تجرّع آلام quot;المأساةquot; التي ضربت مسقط رأسهم، ووسط أكوام من الطمي والأوحال والمياه التي غمرت مختلف بلدات وأحياء عاصمة وادي ميزاب، كان المشهد محزنا ومثيرا للأعصاب، حيث بلغ التذمر الشعبي مداه إثر استمرار انقطاع الكهرباء والغاز والمياه الصالحة للشرب إضافة إلى تعطل الخطوط الهاتفية مع ندرة المواد الضرورية وفي مقدمتها حليب الأطفال والأدوية.

واستمرت وحدات من الجيش والقوى الأمنية وكذا رجال الحماية المدنية وحتى أعضاء الأفواج الكشفية والمواطنين جهودها في أعمال الإغاثة والإنقاذ وإسعاف المنكوبين، مدعومين بإمكانيات بشرية محلية وجرافات ومولدات كهربائية ومضخات آلية وقوارب مطاطية بحثا عن مفقودين تحت الأنقاض، ولا يزال بصيص من الأمل يتشبث به كثيرون بالعثور على أحياء تحت ركام الأوحال.

وأبدى عدد من السكان المتضررين زوبير، خوضير، وحمدي حسرتهم على التدمير الذي طال مئات المنازل، بينما لفتت الحاجة quot;أم الخيرquot; إلى أنّ هول الكارثة ومباغتتها لمواطنيها، لم يمكن من أخذ الأغراض المنزلية، حيث فضل السكان الفرار بأرواحهم من موت أكيد، بينما أطلق شيخ هرم زفرة تأوه قائلا:quot;إنها كارثة حقيقية لم يتصور أحد حجمهاquot;.

وانتقد منكوبون محدودية وسائل الإنقاذ، وهزال المساعدات، بالمقابل، شدّد مسؤول محلي على أنّ السلطات لم تتأخر عن نجدة مواطنيها، مشيرا إلى أنّ اضطراب الأحوال الجوية أعاق وصول شاحنات من عديد الولايات، وهي محملة بأغذية وأغطية وأدوية وكذا وسائل رفع الأنقاض، في حين تعهدّ أعوان الشركة الجزائرية للكهرباء، بإعادة توصيل خدمات الكهرباء والغاز وإصلاح الخلل الحاصل على مستوى 8 بلدات في مدة قياسية.