جولة جديدة تلوح ساخنة بين النقابات والحكومة
إضراب عام قد يشلّ الجزائر اعتبارا من الأحد
كامل الشيرازي من الجزائر: في جولة جديدة تلوح ساخنة من الصراع المزمن بين الحكومة الجزائرية والنقابات الحرة، تستعد 12 نقابة مستقلة لشنّ إضراب عام عن العمل ينطلق الأحد القادم ويدوم ثلاثة أيام، ويهدّد هذا الإضراب الرابع من نوعه في ظرف ثلاثة أشهر بشل أكثر من قطاع حيوي في البلاد، بعدما تسبب إضراب عام عن العمل أواخر شهر شباط / فبراير المنقضي، في حالة من الشلل شبه الكلي، ما حوّل وقتئذ مختلف مرافق القطاع العام إلى مقابر.
وعلى خلفية بقاء معضلة الأجور عالقة ورفض الحكومة الجزائرية بقيادة رئيس الوزراء عبد العززيز بلخادم الدخول في أي حوار مع عموم النقابات المستقلة، تصر الأخيرة على أنّ إضراب الثلاثة أيام الذي سيُختتم باعتصام وطني أمام قصر الحكومة، لن يكون حلقة أخيرة في مساجلاتها اللامنتهية مع السلطات، في وقت تتهم النقابات الحكومة باستغلال المطالب العمالية لتمرير أجندة سياسية، ويلمّح المتحدث باسم تنسيقية نقابات الوظيف العمومي quot;مزيان مريانquot;، إلى أنّ الحرب المعلنة من طرف التنسيقية ضدّ سياسات الحكومة قد تدرك منعرجا حاسما باعتماد نمط الإضراب اللامحدود.
ويُرتقب أن تشهد عديد القطاعات احتباسا، على غرار التربية والتعليم، الصحة، والمصالح الإدارية ومختلف مرافق القطاع العام، فيما لا يستبعد لجوء الحكومة الجزائرية ndash;كالعادة- إلى القضاء لاستصدار قرار يبطل شرعية إضراب النقابات، يرى مراقبون إنّ تهديد النقابات المستقلة بالتصعيد، واحتمال ذهابها نحو خيار quot;الإضراب المفتوحquot;، خطوة من شأنها وضع حكومة بلخادم في مواجهة متاعب إضافية، بعدما اتسعت رقعة الانتقادات الموجهة إليها إثر فشلها في تسيير الملف الاجتماعي، وعجزها عن التخفيف من وطأة التهاب أسعار المواد الأكثر استهلاكا.
وعلى عكس النقابة الحكومية quot;اتحاد العمالquot; التي يٌتهّم قائدها quot;عبد المجيد سيدي السعيدquot; بتقديم صكوك على بياض لمختلف الخطط الحكومية بما فيها تلك التي تسببت في طرد نصف مليون عامل من وظائفهم، وغلق مؤسسات بالجملة، تشدّد النقابات الإثنا عشر، على أنّها ستقطع الطريق على أي استغلال للعمال، على حد وصف المتحدث باسمها، ويرى quot;مزيان مريانquot;، إنّ السبيل الأوحد لحل الصراع الحاصل، يكمن في الاحتكام إلى حوار جديد، ينهض بمقاربة أمهات القضايا التي تخص الطبقة الشغيلة، من خلال مراجعة شبكة الأجور الجديدة quot;المليئة بالتناقضاتquot;، على حد تعبيره، مشيرا إلى أنّ النقطة الاستدلالية المعتمدة في الشبكة الجديدة للرواتب quot;مجحفةquot;، ولا تستجيب لتطلعات جمهور الموظفين الجزائريين، تبعا لعدم ممايزتها بين خصوصيات بعض الوظائف، وإدماجها المنح بشكل مراوغ في الرواتب، مثلما قال، ودعا quot;مزيان مريانquot; إلى رفع النقطة الاستدلالية من 0.45 إلى 0.70 يورو، فلا يعقل، بحسبه، أن تكون رواتب موظفين في الجزائر أقل بثلاث مرات عن رواتب نظرائهم في تونس والمغرب.
ويحترز مراقبون على quot;التجاوزاتquot; التي يتعرض لها ممثلو النقابات المستقلة في الجزائر من خلال استبعادهم عن أي مشاورات وملاحقتهم في أروقة المحاكمquot;، وهو ما يقرأه البعض على أنّه تراجع عن مكسب كرسته الديمقراطية في الجزائر منذ تبنيها في خريف العام 1988، سيما التضييق الذي تمارسه السلطات العمومية على الحريات النقابية.
وشهدت الجزائر، أواخر الشهر الماضي، حالة من الشلل شبه الكلي في أعقاب إضراب عام عن العمل، شنته 12 نقابة مستقلة على خلفية مطالبات بمراجعة سلم الرواتب الجديد، الذي أقرّته الحكومة وسانده التنظيم النقابي الحكومي quot;إتحاد العمالquot;، وينذر الإضراب الذي سيستمر إلى غاية الثلاثاء، باحتدام الموقف في سماء الجبهة الاجتماعية التي تشهد احتباسا مشوبا بالغليان منذ أواخر الخريف المنقضي، مع احتدام موجة الغلاء واستمرار quot;حوار الطرشانquot;.
التعليقات