محاكمة القروي تضع تونس امام اختبار لحرية التعبير

في ما سميّ باختبار حرية التعبير في تونس خاصة بعد وصول حزب النهضة الاسلامي الى الحكم، تصدر المحكمة غدًا حكمها في قضية نبيل القروي، مدير تلفزيون نسمة، المتهم بالنيل من الشعائر الدينية، على خلفية عرض قناته فيلم quot;برسيبوليسquot;.


تونس: تصدر محكمة تونس الابتدائية الخميس حكمها في قضية نبيل القروي، مدير تلفزيون quot;نسمةquot; التونسي، المتهم بـquot;النيل من الشعائر الدينيةquot; بسبب عرضه فيلم الرسوم المتحركة الايراني الفرنسي quot;برسيبوليسquot;الذي تضمن quot;تجسيدًا للذات الإلهيةquot;.

يقول مراقبون إن الحكم سيكون quot;اختبارًا حقيقيًاquot; لدرجة التزام السلطات الجديدة في تونس باحترام حرية التعبير، وفتحت النيابة العامة التونسية في 9 تشرين الاول (اكتوبر) 2011 تحقيقًا في عرض الفيلم بعدما أقام محامون وجمعيات إسلامية ومواطنون دعاوى قضائية ضد نبيل القروي.

ووجهت النيابة الى القروي تهمة quot;عرض شريط أجنبي على العموم من شأنه تعكير صفو النظام العام والنيل من الأخلاق الحميدةquot;. وأجّلت محكمة تونس الابتدائية النظر في القضية مرتين في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 و23 كانون الثاني (يناير) 2012.

وفي 19 نيسان (ابريل) مثل نبيل القروي طوال سبع ساعات أمام المحكمة التي أجّلت النطق بالحكم إلى الثالث من مايو/أيار. ويتزامن هذا الموعد مع احياء المجتمع الدولي اليوم العالمي لحرية الصحافة.

ورأت منظمة quot;مراسلون بلا حدودquot; في بيان لهاأن تأجيل النطق بالحكم إلى الثالث من مايو (أيار) لم يكن وليد quot;الصدفةquot; وquot;يثير تساؤلاتquot;. ولفتت إلى أن القضية اتخذت quot;منذ بدايتها منحى سياسيًاquot; وأنه يجب عدم تحويلها إلى فرصة لتلميع صورة السلطات في اليوم العالمي لحرية الصحافة.

وكانت قناةquot;نسمةquot; عرضت في 7 تشرين الأول (اكتوبر) 2011 فيلم quot;برسيبوليسquot; الذي أخرجته الفرنسية من أصل إيراني مرجان ساترابي. ويروي الفيلم طفولة فتاة إيرانية من عائلة متحررة عايشت أجواء الثورة الاسلامية الايرانية التي اندلعت سنة 1979 وأوصلت الإمام الخامنئي إلى الحكم.

وتضمن الفيلم لقطة مدتها دقيقتان لفتاة صغيرة تتحدث مع شخص وصف بأنه الله. وتسبب عرض الفيلم بأعمال عنف قادها متشددون دينيون، استهدفت القناة وصاحبها.

وفي 9 تشرين الأول/اكتوبر 2011 حاول متشددون اقتحام مقر التلفزيون في العاصمة تونس ثم هاجموا بعد خمسة أيام منزل نبيل القروي بالزجاجات الحارقة. وتظاهر آلاف التونسيين في عدد من محافظات البلاد احتجاجًا على عرض الفيلم.

وقدم نبيل القروي، تحت هذه الضغوط، اعتذارًا علنيًا عن عرض quot;برسيبوليسquot;. وطالبت جماعات سلفية متشددة باغلاق تلفزيون نسمة وبـquot;إعدامquot; القروي لـquot;استهزائه بالمقدسات الإسلاميةquot;.

ويقول مراقبون إن عرض quot;برسيبوليسquot; قبل أيام من اجراء انتخابات 23 تشرين الأول (اكتوبر) 2011 رجح كفة حركة النهضة الاسلامية في الانتخابات. وينظر إسلاميون إلى النهضة على أنها تدافع عن القيم الاسلامية في تونس بخلاف بقية الأحزاب اليسارية العلمانية.

ونددت منظمات حقوقية دولية بالتضييق الذي يمارسه إسلاميون متشددون على حرية التعبير في تونس منذ وصول حركة النهضة إلى الحكم. ووصفت منظمة العفو الدولية الملاحقة القضائية لمدير قناة تلفزيونية بسبب عرض فيلم بأنها أمر quot;غير مقبولquot;.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن محاكمة القروي تمثل quot;انحرافًا مقلقًا تشهده الديموقراطية الوليدة في تونسquot;. وطالب محامو نبيل القروي المحكمة بعدم قبول الدعوى وقالوا إن التهم الموجهة إلى موكلهم ليس لها أي سند تشريعي في القانون التونسي.

وذكروا بأن قاعات السينما التونسية عرضت في وقت سابق فيلم quot;برسيبوليسquot; الذي تمت دبلجته إلى العامية التونسية بعدما حصل على ترخيص عرض من وزارة الثقافة. وقال نبيل القروي إن الحكم الذي ستصدره المحكمة غدًا سيكون quot;تاريخيًاquot; وله quot;تأثير على كامل المنطقةquot;.

وتأسس تلفزيون quot;نسمةquot; العام 2007 وهو ثاني تلفزيون خاص يطلق في تونس. وتطلق قناة quot;نسمةquot; على نفسها إسم quot;تلفزيون المغرب العربيquot; وتلتقط برامجها في الجزائر والمغرب. ويملك الشقيقان نبيل وغازي القروي 50 في المئة من رأسمال القناة، بينما يملك رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلوسكوني 25 في المئة، ورجل الأعمال التونسي طارق بن عمار الـ25في المئة الباقية.