إثر التطورات الخطيرة التي تشهدها سوريا حاليًا وارتفاع عدد القتلى العراقيين هناك، انطلقت دعوات لتسخير أسطول جوي وبري لنقلهم من هناك وبينهم البعثيون الذين اكدت بغداد أنها ترحب بعودة من لم يرتكب منهم جرائم خلال فترة النظام السابق .. بينما رفض حزبا طالباني وبارزاني زج الجيش العراقي في المشاكل الداخلية وأكدا مسؤولية جميع الاطراف السياسية في البحث عن حل للازمة الحالية التي تعيشها البلاد.


طالب نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك وزارة النقل بتسخير أسطولها الجوي والبري لإجلاء الرعايا العراقيين من سوريا. وقال إن الرعايا العراقيين في سوريا هم مواطنون ومدنيون عزل ليسوا طرفًا في الصراع القائم هناك، والذين شدد عليهم بضرورة تجنب استهدافهم والمساس بحياتهم وسلامتهم. وبعد أن دان المطلك استهداف الجالية العراقية في سوريا طالب في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;ايلافquot;الحكومة العراقية بتنظيم تشييع رسمي للضحايا العراقيين الذين سقطوا بسبب تزايد اعمال العنف في سوريا وتعويض ذويهم ومعالجة جرحاهم حيث تسلمت السلطات العراقية من نظيرتها السورية خلال الايام الثلاثة الماضية جثامين 23 عراقيًا قتلوا هناك بينهم صحافيان.

وقد ردت وزارة النقل على هذه الدعوة بالقول إنها تدرس تسيير رحلات لحافلات كبيرة تتولى نقل العراقيين من سوريا إلى بلدهم على أن تتوافر لها حماية كفيلة بتأمين وصولها إلى دمشق وعودتها إلى بغداد.

عراقيون عائدون من سوريا بسبب تدهور الاوضاع الامنية فيها

ومن جانبها، دعت عضو لجنة حقوق الانسان البرلمانية سميرة الموسوي الحكومة الى تقديم منحة مالية عاجلة الى العوائل المتضررة المهاجرة الى سوريا من أجل تأمين عودتهم الى البلد . وقالت: quot;إن هناك الكثير من العوائل العراقية في سوريا لا تمتلك المبالغ من اجل العودة الى العراق .. ودعت في تصريح صحافي وزع اليوم الحكومة الى تقديم منحة مالية عاجلة لهم وتأمين عودتهم بسلام الى أرض الوطن، بالاضافة الى تأمين السكن للذين لا يملكون مأوى في العراق .
ومن جانبها، دعت لجنة المصالحة الوطنية المواطنين العراقيين المتواجدين في سوريا ممن كانوا ينتمون الى حزب البعث والذين quot;لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيينquot; العودة الى الوطن وممارسة حياتهم الاعتيادية .

وقال رئيس اللجنة قيس شذر في تصريح صحافي إن quot;بإمكان المواطنين العراقيين ممن كانوا ينتمون الى حزب البعث سابقاً العودة الى وطنهم وممارسة حياتهم الاعتياديةquot; وشدد بالقول إن quot;هذا يخص فقط الذين لم تتلطخ ايديهم بدماء العراقيينquot; .
واوضح أنه ضمن قانون المساءلة والعدالة quot;لاجتثاث البعثquot; هناك فقرات تخص هؤلاء البعثيين المتواجدين خارج العراق وهم مرحب بهم في أي وقتquot; .. مبيناً أن quot;القانون ينص على اعضاء الفرق العودة الى وظائفهم أما اعضاء الشعب فسيحالون على التقاعدquot; .وأكد شذر في تصريحه الذي بثه المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي الحكومية أن quot;عودتهم الى العراق في الظروف الامنية المتردية التي تمر بها سوريا حاليًا تضمن سلامة حياتهمquot; .

وعلى الصعيد نفسه اكد وزير المهجرين والمهاجرين ديندار دوسكي إن quot;الحكومة العراقية على استعداد لتقديم التسهيلات اللازمة لعودة العراقيين من سوريا من خلال توفير وسائل النقل بما فيها النقل الجوي بالتنسيق مع وزارة النقل أو الطريق البري الذي مازال سالكًاquot; . واضاف أن وزارته quot;شكلت لجنة طوارئ تضم بعضويتها وزارات الخارجية والنقل والداخلية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والهلال الاحمر العراقي وهيّأنا أنفسنا لاستقبال العراقيين في حال حصول تدفق كبير من سورياquot;.

وأمس دعا العراق اطراف النزاع في سوريا الى عدم التعرض لرعاياه هناك وأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ بأن مجلس الوزراء قد ناقش تزايد حوادث القتل والإعتداء على العراقيين المقيمين في سوريا ودعا أطراف النزاع في سوريا بعدم التعرض لهم كونهم ليسوا طرفاً في النزاع الدائر حالياً في سوريا. وأكد الدباغ في تصريح صحافي تلقته quot;ايلافquot; أن العراقيين هم ضيوف يقيمون بصورة موقتة في سوريا وأن الحكومة العراقية تدعوهم للعودة الى الوطن حيث سيتم تأمين كل الوسائل اللازمة لعودتهم.

وكان مصدر امني عراقي قال الثلاثاء إن سلطات بلاده تسلمت جثامين 23 عراقيًا، بينهم صحافيان، قتلوا خلال الاحداث الدامية التي تشهدها سوريا منذ 17 شهرًا .

يذكر أن حوالي 400 ألف عراقي يقيمون في سوريا بعدما غادروا بلادهم بسبب أعمال العنف الطائفي التي اجتاحت العراق عامي 2006 و2007 رغم أن إحصاءات وزارة الهجرة والمهجرين العراقية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين تشير إلى وجود 200 ألف عراقي هناك، لكن السلطات السورية تؤكد وجود أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ عراقي على أراضيها.

حزبا طالباني وبارزاني يرفضان زج الجيش في المشاكل الداخلية

رفض حزبا طالباني وبارزاني زج الجيش العراقي في المشاكل الداخلية واكدا مسؤولية جميع الاطراف السياسية في البحث عن حل للازمة الحالية التي تعيشها البلاد.
وبحث اجتماع للمكتبين السياسيين للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، التحركات العسكرية للحكومة الاتحادية في بغداد في المناطق المستقطعة المتنازع عليها وحملات تهجيرالاكراد من بعض مناطق محافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغداد) واعادة العرب الوافدين الذين استقدمهم النظام السابق في اطار سياسة التعريب في تلك المناطق.

وأشار الحزبان الكرديان الرئيسيان في بيان صحافي صدر عن اجتماعهما الليلة الماضية الى أن الحكومة الاتحادية تقوم منذ فترة بصورة منظمة بتحركات ملحوظة في المناطق المستقطعة من منطقة مندلي وحتى قضاء شنكال شمال شرق بغداد وتقوم بتعزيز الوحدات العسكرية واستقدام وحدات جديدة الى المناطق المتنازع عليها، مؤكداً أن هذه العملية بعيدة عن فحوى الاتفاقات الموجودة بين حكومتي بغداد واربيل.

وطالب الحزبان حكومة إقليم كردستان quot;باتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية أمن سكان المناطق المستقطعة المتنازع عليها ودعم ومساندة الاعمار وعودة أهالي هذه المناطق اليهاquot;. واضاف أن هذه التصرفات بعيدة عن مبدأ الشراكة والمبدأ المتفق عليه بعدم اقحام الجيش العراقي في المشاكل الداخلية، كما أشار اليها الدستور الدائم بوضوح . وشدد على أن مهمة الجيش هي حماية الحدود وليس التدخل في المشاكل الداخلية.

واكد الحزبان على تمتين العلاقات بينهما وضرورة تعزيز وحدة الصف داخل البيت الكردستاني بين جميع الأطراف المشاركة في الحكومة أو في المعارضة، مشيراً الى أن هذه مهمة وطنية وقومية للمرحلة وأن الوئام والوحدة هما رغبة جماهير شعب كردستان، ومبعث نجاح وتطور لإقليم كردستان في جميع المجالات. وقال إن الحزبين اكدا على توحيد موقفهما تجاه تعقيدات الأزمة السياسية التي يعيشها العراق حاليًا. واعتبر المكتبان السياسيان جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية مسؤولة على حد سواء في ايجاد حلول للخروج من هذه الأزمة بصورة سلمية وديمقراطية وفي اطار الدستور العراقي.

ودعا الحزبان الى حماية العلاقات مع جميع أطراف المجتمع العراقي بمختلف مكوناته القومية والدينية، مشيراً الى ضرورة التزام جميع الأطراف بالدستور والاتفاقات المعقودة بين الاطراف السياسية .

وكانت رئاسة اقليم كردستان العراق اتهمت الثلاثاء الماضي رئيس الوزراء نوري المالكي بالعمل على quot;عسكرة المجتمعquot; وquot;اشاعة العنفquot; بعد يوم من دعوته الشرطة الى quot;الضرب بيد من حديدquot;.

وقال المتحدث باسم رئاسة الاقليم اوميد صباح في تصريح صحافي: quot;لا يمر يوم الا ويفاجئنا فيه المالكي باظهار جوانب أخرى من نواياه وخططه لعسكرة المجتمع العراقي ودعم خيارات العنف كوسيلة للوصول الى الغايات السياسيةquot;. واضاف quot;سبق وأن اظهرنا خشيتنا من سلوكيات رئيس مجلس الوزراء التفردية وقلنا إن البلاد والعملية الديموقراطية تواجهان مخاطر حقيقية في ظل ممارسات لا يقدم عليها سوى من له مقاصد ونوايا تسلطية لاقصاء وتهميش الآخرينquot;.

واشار الى quot;ان ما يتحدث به السيد رئيس مجلس الوزراء دعوة صريحة لإشاعة العنف وتبني ممارسة خياراته، وهذا خرق آخر من خروقاته الكبيرة للدستورquot;. ودعا المتحدث quot;القوى الديموقراطية وشركاءنا السياسيينquot; الى العمل على quot;عدم السماح بارجاع البلاد ثانية الى ظلمات الديكتاتورية المقيتةquot;.

وكان المالكي قال الاثنين في كلمة القاها خلال حفل تخريج ضباط في الشرطة quot;سيكون عليكم الضرب بيد من حديد على كل من يعبث بأمن البلاد واستقرارها وسيادتها وهي مهمة ترتبط بحماية الدولة ونظامها السياسي وبالدستورquot;.

وتحاول قائمة quot;العراقيةquot; بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي وقوى كردية يدعمها رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني منذ اسابيع سحب الثقة من حكومة المالكي على خلفية اتهامه بالتفرد بالسلطة.

وكان بارزاني شن على مدى الاشهر الماضية هجمات متكررة ضد المالكي فيما اوقفت سلطات الاقليم تصدير النفط بسبب خلافات مالية مع الحكومة المركزية في بغداد. وبالاضافة الى الخلافات بين بغداد واربيل حول النفط فإن هناك مشاكل تتعلق بالمناطق المتنازع عليها ومرتبات قوات البيشمركة الكردية وقانون النفط والغاز تفاقمت مؤخرًا بانضمام الاكراد الى القوى المطالبة بسحب الثقة من المالكي.

يذكر أن البلاد تشهد أزمة سياسية في تصاعد مستمر في ظل حدة الخلافات بين الكتل السياسية بعد أن تحولت من اختلاف بين القائمة العراقية ودولة القانون إلى اختلاف الأخير مع التحالف الكردستاني وغيرها من التيارات والأحزاب السياسية.