أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات نتائج استطلاع المؤشر العربي، حمل في أرقامه تأييدًا كبيرًا للثورة السورية ولإسقاط نظام بشار الأسد، ورأى 62 في المئة من الرأي العام العربي أن الأنظمة الدينية والشمولية غير ملائمة للتطبيق في الدول العربية.


الرياض: أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات نتائج استطلاع المؤشّر العربي للعام 2012 ndash; 2013، الذي نفّذه المركز العربي في 14 بلدًا عربياً، هي موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والسّودان وفلسطين ولبنان والأردن والعراق والسعوديّة واليمن والكويت، خلال الفترة بين تمّوز (يوليو) 2012 وآذار (مارس) 2013.

وقد أُجري الاستطلاع بمقابلة 21350 مستجيبًا، من خلال مقابلات شخصيّة وجاهية. ويعادل مجموع سكّان المجتمعات التي نُفّذ فيها الاستطلاع 89 في المئة من عدد السكّان الإجماليّ لمجتمعات المنطقة العربيّة، وبذلك يكون هذا الاستطلاع أكبر مشروع مسح ينفَّذ في المنطقة العربيّة للعام الثاني، بالتعاون مع مراكزَ وفرقٍ بحثية في البلدان المستطلعة، وتحت إشرافِ فريق المركز العربيّ، وتدريبه المباشر.

أما الهدف فهو الوقوف على اتّجاهات الرّأي العام العربي نحو مجموعةٍ من الموضوعات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة، بما في ذلك اتّجاهات الرّأي العام نحو قضايا الدّيمقراطيّة والمشاركة السياسية والمدنيّة.

ثورات إيجابية

قد أظهرت نتائج المؤشّر تقييمًا إيجابيًّا للثورات العربيّة من جانب أكثريّة الرأي العام العربي، إذ رأى 61 في المئة من الشريحة المستهدفة بالاستبيان أن ثورات الربيع العربيّ تطوّرات إيجابيّة، مقابل 22 في المئة عبّرت عن تقييمٍ سلبيّ.

وقد فسَّر الذين قيّموا الثورات بالسلبيّة ذلك بعدم تحقيق الثورات أهدافها، وحالة الاستقطاب السياسي الحادّ، وسوء الأوضاع الاقتصادية والخسائر البشرية الكبرى. ولم تتعدَّ نسبة الذين قيّموا الثورات بطريقةٍ سلبيّة انطلاقًا من موقفهم المعادي للثورات نسبة 3 في المئة، وهي النسبة التي ترى أن الربيع العربي مؤامرة أميركيّة إسلاميّة.

77 في المئة يؤيدون الثورة السورية

الرأي العامّ العربي منحازٌ للثورة السوريّة، إذ أيّد 77 في المئة تنحّي بشّار الأسد عن السلطة، مقابل معارضة 13 في المئة. كما أيّد 66 في المئة من الرأي العام تغيير نظام الحكم السوريّ بوصفه أفضل حلٍّ للأزمة السوريّة، مقابل 10 في المئة أيّدوا عملية سياسيّة سلميّة، و3 في المئة أيّدوا القضاء على الثورة.

وتعتقد أكثريّة الرأي العام أن الثورات نجحت أو ستنجح قريبًا في ضمان الحريات العامّة وحقوق الإنسان، وضمان حريات التعبير والتجمّع والتنظيم، وإرساء قواعد الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، ومحاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعيّة، مقابل 12 في المئة يعتقدون أنّها لن تنجح في تحقيق هذه الأهداف على الإطلاق.

ونصف الرأي العام العربي لا يخاف من زيادة قوة الإسلاميين وتضاعف نفوذهم وصعودهم للسلطة، إلا أن 16في المئة أعربوا عن العديد من المخاوف في هذا الاطار، و20 في المئة أعربوا عن بعض المخاوف.

خوف الاسلاميين

أكثر من ثلث الرأي العام لديه مخاوف وقلقٌ من الحركات الإسلاميّة، تتلخّص في التخوّف من أن لا تحترم الحركات الإسلاميّة مبادئ التداول السلمي على السلطة، أو أن تستخدم الدين لفرض قيودٍ على الحريات الشخصيّة والثقافية والإبداعية، أو أن تصبح القيّمَ على تفسير الدين، أو أن تحابيَ الأكثر تديّنًا. أمّا على صعيد اتّجاهات الرأي نحو الديمقراطية، فإنّ 68 في المئة أفادوا بتأييدهم النظام الديمقراطي، مقابل معارضة 18 في المئة.

ورأت أغلبيّة المستجيبين لاستطلاع المؤشّر العربي أن توافر الحريات العامّة والسياسية وحريات التجمّع والتنظيم، وتوافر مبادئ تداول السلطة والفصل بين السلطات في بلدانها، مهمّ لها.

فقد أفاد 82 في المئة من الرأي العام العربي بأنّ النظام الديمقراطي التعدّدي هو نظام ملائم ليطبَّق في بلدانهم، في حين توافَق 50 إلى 62 في المئة على أن النظام السلطوي ونظام الأحزاب الإسلامية والنظام القائم على الشريعة الإسلاميّة ونظام الأحزاب الدينية هي أنظمةٌ غير ملائمة لتطبَّق في بلدانهم.

الخطر الإيراني

على صعيد المحيط العربيّ، أظهرت النتائج أن 79 في المئة من الرأي العام العربي يرى أن سكّان العالم العربي يمثّلون أمّةً واحدة، وإنْ تمايزت الشعوب العربيّة بعضها عن بعض، مقابل 14 في المئة قالوا إنّها شعوب وأمم مختلفة. وأيّدت أغلبيّة الرأي العام أكثر من 75 في المئة إجراءات تعاونٍ وتكاملٍ بين البلدان العربيّة.

أمّا على صعيد الأمن القوميّ العربيّ، فإنّ 73 في المئة أفادوا بأنّ إسرائيل والولايات المتّحدة هما الأكثر تهديدًا للأمن القومي العربيّ، ورأى 6 في المئة أن إيران هي الدولة الأكثر تهديدًا لأمن الوطن العربيّ، ورفض 87 في المئة أن تعترف بلدانهم بإسرائيل، كما عارض 84 في المئة اتفاقيّات السلام الموقّعة بينها وبين أطرافٍ عربيّة.

وبالنسبة إلى الدول الأكثر تهديدًا لأمن بلدان المستجيبين، فقد أفاد 36 في المئة منهم بأنّ إسرائيل هي الأكثر تهديدًا لأمن بلدانهم، وأفاد 11 في المئة بأنّ الولايات المتحدة هي التهديد الأكبر لأمن بلدانهم، وأفاد 12 في المئة بأنّ إيران هي المصدر الأكثر تهديدًا لأمن بلدانهم، خصوصًا بين المستجيبين من اليمن والعراق والكويت والسعوديّة، بينما كانت النسبة أقلّ في بلدانٍ أخرى.

لا لاستخدام الدين

على صعيد أثر الدين والتديّن في الحياتين العامّة والسياسيّة، أظهرت النتائج أن أكثريّة 21 في المئة مواطني المنطقة العربيّة أفادوا بأنّهم متدينون جدًّا، و 27 في المئة أفادوا بأنهم متديّنون إلى حدٍّ ما، مقابل 8 في المئة غير متديّنين.

ومع أن أغلبية المستجيبين هم من المتديّنين، ترفض أغلبية الرأي العام تكفير من ينتمون إلى أديانٍ أخرى أو من لديهم وجهات نظر مختلفة في تفسير الدين. كما تشير النتائج إلى أن أكثريّة المواطنين ليس لديها فرقٌ في التعامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين المتديّنين وغير المتديّنين، وترفض أن يؤثّر رجال الدين في قرارات الحكومة أو في كيفية تصويت الناخبين.

وترفض الأكثرية أيضًا أن تقوم الدولة باستخدام الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، او أن يقوم المرشحون باستخدام الدين من أجل كسب أصوات الناخبين. وكشفت بيانات المؤشّر العربي أن الرأي العام في المنطقة العربيّة منقسمٌ بخصوص فصل الدين عن السياسة.