كانت المرأة السورية في الصفوف الأولى للثوار السوريين منذ بداية ثورتهم السلمية على نظام بشار الأسد، لكن تحول الصراع إلى حرب طاحنة دفع بها إلى الخطوط الخلفية وإلى مغادرة بيتها لتقوم بدور سياسي قليل وبدور إغاثي كبير.


القاهرة: بدأت رحلة خروج المواطنة هبة الحاج (26 عامًا) من سوريا حين تم استدعاؤها للتحقيق معها، بعدما حثت تلامذتها الجامعيين على الإلتحاق بالتظاهرات المناهضة للحكومة. وما دار في خلد من حققوا معها أن حقيبة سيارتها المتوقفة في الخارج عامرة ببنادق وعتاد تريد تسليمها للثوار. ولخوفها من أن ينكشف أمرها، قررت الحاج أن تغادر حلب إلى تركيا في اليوم التالي، حيث أسّست منظمة سيدات سوريا الحرة.

تستغل الحاج الآن جهودها الثورية في توزيع الطعام والدواء على اللاجئين، وتقديم المشورة للسيدات اللواتي تعرضن للاغتصاب، قبل أن يلذن بالفرار.

حقوق متساوية

نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن الحاج، التي تحرص على وضع ماكياج لعينيها يناسب الوشاح الذي تغطي به شعرها، قولها: quot;هذه هي بلدي سوريا التي أحبها، ومن واجبي أن أفعل لها شيئًاquot;.

ثم لفتت الصحيفة إلى الدور الذي قامت به السيدات والفتيات في الجبهات الأمامية، عندما بدأت الانتفاضة السورية قبل ما يقرب من عامين، حين كانت التظاهرات سلمية، وهو ما يعود جزئيًا إلى أن أجهزة الأمن الحكومية كان تشكّ بهن بقدر أقل من الرجال.

لكن، مع تحول الانتفاضة إلى حرب أهلية أكثر خطورة، بدأت تقوم السيدات بأدوار تقليدية في جهود الإغاثة الإنسانية وجلب الطعام والدواء والملابس إلى اللاجئين. وقالت سيدة من الناشطات سياسيًا تدعى نغم، رفضت الكشف عن باقي اسمها خوفًا على حياة أقربائها في سوريا: quot;تتسم الثقافة السورية بانفتاحها حين يتعلق الأمر بالمرأة، لكن ليس كما هو الحال في لبنان. ففي اللاذقية يطلب الرجال من صديقاتهم وشقيقاتهم وبناتهم أن يتوقفن عن المشاركة في التظاهرات، وليس لهذا أي صلة بالدين، بل يتعلق الأمر بثقافة حماية المرأة.. فنحن لدينا حقوق متساوية في سورياquot;.

قلة قليلة

تتحدث واشنطن بوست عن سهير الأتاسي، وهي واحدة من أبرز السيدات اللواتي يحظين بمشاركة فعالة في المعارضة السورية، وهي ناشطة علمانية معروفة وتعمل حاليًا كنائب رئيس حكومة المعارضة في المنفى، التي اعترفت بها أواخر العام الماضي الولايات المتحدة وحكومات أخرى عديدة ممثلًا شرعيًا للشعب السوري.

على المستوى الشعبي، لم يحضر سوى عدد قليل من السيدات تلك المؤتمرات السياسية التي جرت في تركيا لمناقشة إمكانية تكوين حكومة انتقالية بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

في السياق عينه، انتقلت رانيا قيصر، الأميركية من أصل سوري، إلى تركيا في الربيع الماضي وقامت بتأسيس مجموعة تعنى بتنظيم ورش عمل تعلم الفتيات تصنيع المجوهرات، يبعنها من أجل توفير قوت يومهن. وقالت: quot;من بين 200 شخص تواجدوا في أحد المؤتمرات التي حضرتها، لم يكن هناك سوى 10 سيدات فقطquot;.

وتقول نغم إن عددًا محدودًا من السيدات سيقوم بدور سياسي بارز بمجرد أن ينتهي الصراع في سوريا. أضافت: quot;تحول الأوضاع المجتمعية والثقافة التقليدية دون تمكين السيدات من القيام بدور سياسيquot;.

حقي

بعدما لفتت الصحيفة للجهود التي تبذلها قيصر في سبيل إعانة اللاجئين السوريين على الحدود التركية، نقلت عنها قولها: quot;بدأ التغاضي عن مساهمة المرأة السورية في الحراك الثوري، بعدما بدأت تتسم الانتفاضة الشعبية بالطابع العسكريquot;. وتابعت: quot;فالسيدات يقمن بنشر الوعي ومساعدة الجرحى وتعليم الأطفال، وقيادة الجهود الاغاثيةquot;.

وقالت تسنيم حمودي (30 عامًا)، وهي ابنة أحد القادة الدينيين التي لاذت بالفرار من قريتها التابعة لمحافظة إدلب وتعمل مع الحاج في منظمتها: quot;نأمل أن تتغير الأمور بعد أن يتوقف سفك الدماء، ونسعى للتخلص من مجموعة من التقاليد الاجتماعيةquot;. أضافت الحاج: quot; تركنا خلفنا كل شيء في سوريا، تركنا وظائفنا وأسرنا ومنازلنا، وقمنا بذلك فقط لكي تكون المرأة جزءًا مما يجري، فحقي أن أكون جزءًا من هذا المجتمعquot;.