&
منذ أن أصبح الروس أكثر قدرة على اللعب بأوراقهم في ملف الأزمة السورية، خصما على نفوذ الولايات المتحدة الذي بدأ عاجزا، تسارعت وتيرة الأحداث، لاسيما بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا منذ شهر
وعقب الظهور المفاجئ للأسد في موسكو بطريقة غريبة، قبل أسبوع في أول زيارة سرية له خارج البلاد& منذ اندلاع الثورة في العام 2011 تكهن كثير من المراقبين بإمكانية حدوث اختراق في هذا الملف الشائك للأزمة السورية، لاسيما وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالات مع كل من الرئيس التركي رجب أردوغان، ومع الملك سلمان بن عبد العزيز، عقب انتهاء اللقاء بينه وبين الأسد في موسكو.
وإثر انعقاد القمة الوزارية الرباعية يوم الجمعة الماضي في فيينا بين كل من وزراء خارجية : أمريكا، وروسيا وتركيا والسعودية، كانت التكنهات تستبعد وجود إيران في أي مباحثات بشأن مصير الأسد بين الدول المعنية في هذه القضية، نظرا لأن إيران جزءا من المشكلة في الملف السوري . لكن مع التحركات الدبلوماسية منذ بداية هذا الأسبوع بدت مؤشرات تدل على نشاط إيراني محموم للدخول في لعبة المفاوضات الأخيرة بشأن الأزمة السورية، حتى أعلن البيت الأبيض أخيرا أن (المحادثات بشأن سوريا لن تكون مجدية إلا بوجود كل الأطراف) في إشارة واضحة إلى دخول ايران كطرف في مباحثات فيينا يوم الجمعة المقبل .
كل هذه المتغيرات& دعت وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى القول أن مفاوضات فيينا يوم الجمعة المقبل ستكون اختبارا حقيقيا لنوايا موسكو وطهران.
لقد أصبحت الأزمة السورية ملفا إقليميا بامتياز، ولعبة دولية للمصالح بين الدول الكبرى . وهذا تحديدا ما جعل من موسكو على المستوى الدولي، ومن إيران على المستوى الإقليمي لاعبين أساسيين في هذه الأزمة .
ففي غياب الدور الأمريكي الفاعل، وضعف الدور العربي المنقسم على نفسه، كان واضحا أن كل من روسيا وإيران لن تتركا الوضع على ما هو عليه في سورية، وأن ما قدمته كل من إيران وروسيا في دعم الأسد وإبقاء نظامه على قيد الحياة حتى اليوم لن يكون مجانيا، مهما كانت ضغوط الولايات المتحدة، وحلفائها في المنطقة مثل تركيا والمملكة العربية السعودية.
في تقديرنا أن مباحثات فيينا يوم الجمعة القادم ستصل إلى& طريق مسدود& ليس فقط لوجود إيران ضمن الأطراف فحسب، وإنما لوجود حلفائها الإقليميين أيضا في تلك المفاوضات مثل العراق ولبنان .
وكلمة السر التي سوف تؤشر على فشل مفاوضات فيينا الوزارية المقبلة، هي الموقف السعودي الواضح على لسان وزير الخارجية عادل الجبير، الذي رفض رفضا قاطعا أي دور للأسد في المرحلة المقبلة، بل صرح تصريحا مباشرا، بأن رحيل الأسد أمر ضروري بالنسبة للمملكة العربية السعودية، سواء أكان ذلك الرحيل بوسائل سياسية أو حتى بوسائل عسكرية.
مصير الأسد محسوم بالنسبة للمملكة، وهي لن تقبل أي مساومة في هذا الموقف كما أن تركيا لن تقبل إلا بوجود مؤقت وشكلاني، بحسب بعض التكهنات، وهذا ما سيصطدم بكل من موقفي موسكو وإيران في فيينا.
التغيير الذي حدث خلال الأيام الخمسة الماضية والذي قضى بدخول إيران وحلفائها في المفاوضات، التي تم استبعادها منها يوم الجمعة الماضية، مؤشر خطير على أن الطريق إلى الحل لن يكون في وارد المفاوضات التي ستجري في فيينا يوم الجمعة القادم . وأن مفاوضات فيينا لن تكون بالنسبة للسعودية سوى مناسبة لاختبار نوايا موسكو وطهران .
ما لم تتدخل& الولايات المتحدة عبر حراك جدي واستخدام أوراق ضغط حقيقية في هذا الملف الذي أصبح بيد كل من روسيا وإيران تقريبا، ؛ فإن كل من موقفي تركيا والسعودية، سيظل في حاجة إلى موقف جديد للولايات المتحدة يدعم موقفهما.&
&