تمر العلاقات العربية الكوردية بفترة حرجة عنوانها الرئيس هو ازمة الثقة بين الطرفين وخطورة الازمة هذه تنبع من المحاولات المحمومة التي تبذلها بعض الاطراف السياسية تحت ضغط جهات اقليمية لخلق حالة من العداء والتنافر بين الجماهير العربية والكوردية بعد ان كانت هذه المعاداة طيلة العقود الماضية مقصورة ومحصورة بالسلطة الدكتاتورية ضد شعب كوردستان ولم يسبق ان وقفت الجماهير العربية ولا العديد من الدول العربية ضد المطاليب الكوردية المشروعة وانما على العكس فقد كانت هذه الجماهير متعاطفة و مؤيدة للنضال الوطني الكوردي الذي مثل ولا يزال تطلعات الشعب العراقي بكل مكوناته في الحرية والعدالة والديموقراطية وكانت الاغلبية الساحقة من القوى الوطنية العربية تساند وتدعم الحركة الوطنية الكوردية مع ان البعض من هذه الاطراف كانت احزاب قومية عربية بكل معنى الكلمة ولعل قصيدة الجواهري الخالد قلبي لكوردستان يهدى والفم ابلغ دليل على موقف عرب العراق.
لقد بدأت ازمة الثقة هذه مع تسنم حكومة السيد المالكي السلطة في بغداد اذ قامت بتغذية المشاعر المعادية للكورد واتهامهم بشتى النعوت وبتمزيق الوحدة الوطنية ونهب ثروات البلاد واتخذت اجراءات اقل ما يقال عنها هو محاولة ضرب تجربة الاقليم الناجحة قياسا ببقية انحاء العراق وافشالها بكل الوسائل الممكنة كفرض الحصار الاقتصادي وحرمان الاقليم من مستحقاته المالية القانونية الامر الذي ادى الى ظهور ونمو النزعات العنصرية العدائية ضد كل ما هو كوردي حتى في مجال التقليل من شأن التصدي الكوردي لارهاب داعش والتهديد باستعادة الاراضي التي حررها الكورد بدمائهم لصالح العراق وكأن الكورد دولة محتلة.
موقف الحكومة الحالية من الاقليم لا يختلف كثيرا عن سابقتها رغم وجود اتفاق بين الطرفين حول حل المشاكل العالقة ولكنه لا يزال حبرا على ورق ولم يجد طريقه الى التطبيق مما يثير العديد من التساؤلات حول جدية السلطة الاتحادية في حل الاشكالات القائمة والالتزام بالاتفاق المعقود خاصة والتصعيد ضد الاقليم مستمر وازمة الثقة تزداد سعيرا بدلا من توفير الاجواء المناسبة للحوار والتوصل الى حلول تخدم الوحدة الوطنية وتعزز من العلاقات الودية بين المواطنين وفي هذا الوقت بالذات حيث يقف الاقليم في وجه همجية ما يسمى بالدولة الاسلامية وارهابها المستشرس ويفتح ابوابه لما يقرب من مليوني لاجئ عراقي اغلبيتهم الساحقة من المواطنين العرب وهو يمر بضائقة مالية عصيبة هذا بالاضافة الى ان السلطة الاتحادية مستمرة في حرمان الاقليم لا من حصته فقط من الميزانية الاتحادية وانما ايضا حرمانه من السلاح والعتاد الذي تمنحه دول التحالف للتصدي لارهاب داعش ناهيك عن المحاولات الرخيصة والمبتذلة لخلق حالة العداء بين الشعبين العربي والكوردي.
ان استمرار هذا النهج وعدم التصدي له يتعارض مع مصالح الشعبين الاساسية وسيؤدي بالنتيجة الى التقسيم الفعلي للعراق والشعب الكوردي ليس مسؤولا عن ذلك رغم سيل الاتهامات الباطلة التي يطلقها اصحاب الدعوات العنصرية والطائفية المتخلفة فقد عبر الشعب الكوردي اكثر من مرة سواء من خلال تنظيماته الوطنية او من خلال حكومة الاقليم عن تمسكه بوحدة العراق مادامت هذه الوحدة الاختيارية تحترم حقوقه المشروعة وحتى في موضوع الاستقلال الذي يستغله البعض قميص عثمان فقد بين السيد رئيس اقليم كوردستان بوضوح انه في حالة استقلال كوردستان يجب ان يكون وديا وبالاتفاق مع الشعب العربي.
الازمة الحالية بلا شك نتاج مرحلة سابقة واذا كانت السلطة الاتحادية الحالية جادة في حل مشاكل الدولة ومحاربة الفساد واقامة دولة المواطنة فعليها ان تحترم اتفاقها مع الاقليم وان تعمل من اجل تطبيقه نصا وروحا وبما يكفل حماية مصالح العراق الموحد هذا اذا ارادوه موحدا.
&
&
التعليقات