أثارت كلمة المرشح للسباق الرئاسي الأميركية عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب، حول وجوب منع هجرة المسملين الى الولايات المتحدة الاميركية، عاصفة من النقد والتهجم. ولعل من اهم الكلمات المؤثرة على الصعيد الوطني الأميركية، والتي قد تؤثر في مستقبل المرشح منذ المراحل الأولية كانت كلمة رئيس مجلس النواب الجمهوري التي شجب قوله في منع هجرة المسلمين ((إن مثل هذه الآراء لا تمثل مبادئ الحزب والأهم من ذلك أنها لا تعكس وجهة النظر الحقيقية للبلاد.")) ومن الشاجبين الرئاسة الامريكية ووزيرة الخارجية السابقة السيدة كلنتون ووزارة الدفاع والكثير من الشخصيات المهمة في الكونكرس أو على مستوى الراي العام الأميركية. طبعا ترامب خص الأميركيين الجنوبيين بهذا الامر ولكن رد فعل على تصريحاته لم يصل الى ما وصل اليه حينما خص المسلمين، وهو امر معيب ويكشف كم ان المعارضين يزنون الأمور بموازين المصالح وبموازين مختلفة أيضا. علما ان السيد ترامب قد اكد على ان المنع هو لحين معرفة أسباب كراهية المسلمين للولايات المتحدة الاميركية.

قد لا نتفق مع السيد ترامب في أسلوب طرحه، ولكن الطرح فيه معقولية كبيرة، فاذا كان المسلمون يكرهون الولايات المتحدة، اليس من حقها ان تحمي نفسها من كاريهيها، واليس من واجب المرشح لقيادة البلاد هو تطبيق الدستور وأول واجباته حماية البلاد وشعبها من كل ما يمكن ان يتعرض لها بالسؤ؟ علما ان السيد ترامب قال ان غالبية المسلمين أناس رائعيين ولكننا يجب ان نعرف ونحدد من هو الإرهابي!

المشكلة ان هناك من يتلقف التصريحات ويعمل منها قضية كبيرة، لاعتقاده انه بهذه الطريقة يخدم دينه او معتقده، وهذا ما رايناه من غالبية المعلقين في المنطقة، في حين ان السياسين المناوئين للسيد ترامب، سوقوا تصريحاته لغرض اخر، وهو ارسال رسالة الى المنطقة، ان لم ترضوا بتعديلات وترضخوا لاملاءات مطلوبة منكم ومطروحة أمامكم، فان هناك من هو مستعد لفرضها علنا.

ولكن هل يحق لبعض المسؤولين او شخصيات عامة في دول المنطقة، ان تنتقد السيد ترامب حقا، وهي تسيير دولها بقوانيين تحابي ديانة معينة، لا بل ان بعضها يمنع ليس التبشير بالاديان الأخرى، لان كل دول المنطقة تمنع ذلك، رغم ان اغلبها قد وقع على ميثاق حقوق الانسان، وليس ممارسة الشعائر، بل حتى حمل كتب اديانهم لكي يقراوها. وبعض يفرض دينه على مواطنيها من الأديان الأخرى من خلال التعليم والتربية ومن خلال التندر والانتقاص من الأديان الأخرى وهذا كله للأطفال. وبعض هذه الدول تطبق شرائع دينية وقوانين مستمدة من الشريعة. لا بل ان بعض الدول تمنع دخول أبناء ديانات أخرى مدن معينة بحجة قدسية هذه المدن؟

إن دولنا والكثير من مسؤوليها ومسؤولي الأحزاب القائمة فيها وخصوصا التي لها صبغة دينية ليس من حقها ان تعير او ان تنتقد السيد ترامب لانها تمارس ذلك يوميا في بلدانها رغم انها لم تعاني من الإرهاب من قبل أصحاب الأديان الأخرى على ارضها.

ان المنطقة التي تعلمت ان تكيل بمكاييل متعددة، والتي لا تريد ان ترى عيبوها والتي لا تريد ان تصححها رغم كل ما يحدث، لا تتعلم ابدا من ولن تتعلم. فهي سائرة الى الدمار والتدمير الذاتي بسبب انها كرست دولها لخدمة دين وليس لخدمة الانسان، وهنا هي المعضلة. ناقدون لترامب يمارسون ويطبقون يوميا وقانونيا وتربويا ما اقترح الى تطبيقه لفترة معينة. وهو في مرحلة الدعاية الانتخابية ويمكن انه لن يتمكن من تطبيق اقتراحه أصلا حينما يصل لسدة المسؤولية لكونه قد يتعارض مع الدستور الأميركية.