تنتشر مدارس الوعد والوعيد من بأساتذتها و طلابها وخريّجيها من أفغانستان و باكستان الى الجزائر والمغرب مروراً بالعالم العربي والأسلامي. وقبل التطرق لفحص منجزاتها بالفوز الرباني العظيم فأني أجد إنزال هذه المقدمة لرجال الدين والسياسة ورجل الصحافة والإعلام وشباب وشابات العلم والثقافة لمناقشة أمور هذه المدارس ببحوث تربوية.&
&
ضرورة هذه المقدمة في مقال قصير كهذا لأنها تتعلق بمناقشتي موضوع الأديان من الناحية السياسية والتي تجعل من الأسلام كباقي الأديان السماوية (دِين الوعد بالجنة والوعيد بجهنم The promise and the ultimatum)).&
&
ففي معظم دراسات العلوم السياسية والعلاقات الدولية لايتعدى الإنجيل والتوراة والقرآن الكريم أكثر من كونها كتب عبادة وهداية وطرق تقرب الى الخالق ويحتاجها الإنسان للتمسك بأخلاقية معتقد وتربية عائلية ومجتمعية.&
&
وكان طبيعياً جداً ان شيوخ الدين و فقائه ومنظريه ووعاضه ومرشديه في الأديان اليهودية والمسيحية والأسلام، جاهروا بكلام الله في الوعد الذي يعني دخول الجنة ورضوانها التي وضحها الأسلام أكثر بالخلود وبجنات تجري من تحتها الأنهار وحور العين ونقيضها هو الوعيد وهو الإنذار الأبدي بدخول نار جهنم. وقسّمّ رجال الدين وعلمائه وشيوخه ومدارسهم الفقهية، الكتب السماوية ومناهجهاالى قسمين هما: الوعد والوعيد حسب إجتهاداتهم وإنتماءاتهم المذهبية.&
&
وخلال كل الفترات التاريخية نرى ان الأديان جميعاً دخلت حقل السياسة والعلاقات البشرية من كل الثغرات الزمنية وأبوابها الشائكة لتبرير وتفسير وتوجيه ونصح الأنسان وفق مدارسها ومعاهدها، مرة بالوعد ومرة بالوعيد وعواقب الأثم، وتراها مكتوبة في كل صفحة وفصل من الصفحات والفصول الربانية التوراتية والأنجيلية والقرآنية وتباين تفسيرها كما في قوله تعالى (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)).&
&
وعقم السؤال: مَن أمَرَكم بالحرب ومنازلة الأعداء الكفار يصبح سخيفاً، ومن أمركم بالقتل يصبح باطلاً للزمر الدينية المتطرفة التي توجه المقاتلين للمنازلة و تقتل وتذبح وتنشد وتُكبر بأسم الله. ومن أمركم يصبح إدخال الدين في السياسة وتباين التفسير حسب ماتراه مدارس الوعد والوعيد وفرقها وجماعاتها في القرن الحادي والعشرين.&
&
والمهلك والمخيف في " مَن أَمَرَكم؟ " هو تغليب فعل الأمر في منهجية سلوك الأحكام الشرعية القرآنية وإعلائها على أحكام الآيات. فأحكام الشرع هي الوعيد والأنذار وإنزال العقوبات الجماعية التي تحدثت عنها الكتب السماوية بإسهاب والوعيد " بقطع الرؤوس وصراخ الى وجهنم وبئس المصير"، بينما تدعو أحكام الأيات الى المحبة والتأخي والتسامح والعمل الصالح والسلم والتشاور والتقرب الى الله. وعندما يتناول شيوخ الدين الموضوع وحيثياته ولوازمه، بالتفسير والفقه والأحاديث النبوية والأحكام الربانية لأزمان مختلفة توصلكَ توجيهاتهم الى أنه لا حلَّ مع الكفرة الفاسقين والمرتدين إلا بالغزو، الجزية أو القتل، وسّوقّ الضالين سوء العذاب.
&
مهنة المدارس التربوية تختلف عن مهنة المدارس الدينية بإنجازات كل منها. فالتحدي العلماني يستطيع أن يبين إنجازات مدارس الوعد والوعيد بأنها تخريب للمجتمعات الأنسانية وتعطيل التقدم العصر الصناعي والتكنولوجي ورفاهية الأنسان بدلاً من تيسيّره، والعلمانيون يناشدون مدارس الوعد والوعيد أن يتقدموا إليهم ويسعفوهم بالأيات والسور الربانية التي تبرز إنجازاتهم كي تتعلم البشرية شيئاً صالحاً قدموه.&
&
وهنا لابد من الإشارة الى ان هذه المدارس مارست مهنة الإبتعاد بجرأة وشراسة عن وحدة كلمة الإسلام وجعلتنا أمة متشرذمة تعلس كلمات الأحتراب المذهبي والفوز العظيم بجنة الوعد وعقاب الوعيد بعد أن تبنت قيادات إسلامية متطرفة " كمنظمة القاعدة والحركات السلفية وداعش الخلافة، تطبيق الأحكام والشريعة وتخلت إن صح التعبيرعن (دبلوماسية) التشاور وإعلاء آيات المحبة والتسامح والسلام والأخاء الإسلامي.&
&
ولعل من شواهد هذا الأمر، قيام محكمة عسكرية مصرية بإدانة 6 مصريين يوم الأحد 17 مايو 2015 واعدامهم شنقا لقتلهم جنود مصريين وتشكيلهم تنظيم بيت المقدس "ولاية سيناء " الذي اعلن عام 2014 ولاءه لتنظيم الدولة الاسلامية- فرع مصر- والتي سبقها إعدام التنظيم الأرهابي لمسيحي مصر من ألأقباط على سواحل البحر الأبيض بين مصر وليبيا.&
&
&ولا يعتني وعاض وحدة كلمة الأسلام أكثر من العمل على تخريب أعمال الدولة ومؤسساتها والإعتناء بتربية اللحى وتجميلها وتسريحها حيث وجدوا ضالتهم في مدارس تخدم الرعية بكلامهم كالشهد والعسل فأكله البعض بنهم وشهية وبتصديق وعود زمنية للوعد والوعيد، يتاجر بها ممثل زمني بأسم الله وشرعية تمثيله على الأرض. وهذا هو الإخلال والكفر بالله ورحمته الواسعة.
&
باحث وكاتب سياسي&