أزعم أن ملف اليمن لن يُغلق قريباً بعد أن تتفق الأطراف المؤثرة فيه علي حلول سلمية لمشكلاته المتراكمة، لأن تنظيم القاعدة الذى تتمركز قواته في نواحي عاصمة محافظة حضر موت والمناطق القريبة منها، يخطط لإستعادة ما كان له امكانيات وقدرات في هذه المنطقة الحساسة !! لسببين جوهريين تعرفهما قياداته في الداخل والخارج عن يقين..&

1 – أن كافة الأطراف المؤثرة في الملف برمته غير مشغولة به – تنظيم القاعدة – بنفس القدر الذي كان يهمين عليها منذ بضعة أشهر، حتي وإن قيل أن التواجد العسكري الأمريكي في المياه القريبة من شواطئ اليمن الجنوبية يضع هذا الأمر في إعتباره طوال الوقت..&

2 – لأن الشرعية اليمنية ستبقي مرهقة وغير متعافية لفترة طويلة بعد أن تسترجع مكانتها ومسئولياتها المحلية والإقليمية، وفق النتائج السياسية التى ستتمخض عنها جولات التفاوض السلمي برعاية مجلس التعاون الخليجي وربما الجامعة العربية..&

ومن ثم سيكون في مقدور قادة هذا التنظيم أن يستغلوا كافة الفرص المتاحة إمامهم لكي يوسعوا من قاعدة نفوذهم في مساحات واسعة من اقليم حضر موت وما يمكن أن تطوله أيديهم من أراضي محافظات يمنية أخري..&

لا خلاف علي أن المعارك العسكرية التي تتوالي في أجواء اليمن في طريقها الي نهايتها المتوقعة بعد أن يتحقق هدف تصفية آخر المعاقل التى يحتفظ فيها الحوثيون بما بقي لهم من أسلحة و من تحالفات قبلية يحتمون بها.. خاصة بعد أن إعترف الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بهزيمة تحالفه العدواني ضد الشعب اليمني، وبرغم أن هذا الإعتراف أتي متاخراً وعكس عدم إدراك للمسافات التى أضحت تفصل بين من أقر به والواقع اليمني في المرحلة الراهنة، إلا ان الخطوة في حد ذاتها ستتيح لحزبه المشاركة الفعالة في المفاوضات التى ستبدأ قريبا في الرياض..&

أما الحوثيون الذين تقلصت قوتهم وتراجعت مكاسبهم العسكرية رغم ما يبدونه من إصرار علي التصعيد في عدن وتعز عن طريق مداهمة منازل المعارضين لهم لتفجير بعضها و تحويل البعض الآخر لثكنات عسكرية، فيمكن القول أن إعتداءاتهم العشوائية تنم عن قرب النهاية بسبب ضغطوط المقاومة الشعبية في العديد من المحافطات وبالذات محافظة لحج، خاصة إذا ربطناها بقرارهم غير الواقعي الذي يطالب السلطات المسئوله بإعتقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور المتواجد في الرياض !!..&

أما إيران، فيكمن النظر إلي تكتيكاتها عبر معيارين..&

الأول.. الحرص علي عدم وقوع إحتكاك بين سفنها التى تجول في المنطقة والقوات البحرية الأمريكية – سبع سفن قتالية - المرابطة في بحر العرب وبالقرب من خليج عدن بعد أن أنضمت إليها حاملة الطائرات " يو إس إس تيودور روزفيلت " وطراد الصواريخ " يو إس إس نورماندي "، إتساقا مع ما قاله المتحدث الرسمي بأسم البنتاجون الكولونيل ستيف وارن، وجاء فيه أن تكثيف هذا التواجد يأتي في ضوء معطيات حالة عدم الإستقرار في اليمن " وليس لإعتراض السفن الإيرانية "..&

هذا الحرص الإيجابي من جانب إيران عززه تحركان أقدمت عليهما قيادتها السياسية..&

الأول.. قدمت النصحية للحوثيين بالإعلان عن قبولهم لقرار مجلس الأمن رقم 2216.. والثاني.. شاركت مع سلطنة عمان في تقديم مبادرة بهدف إقناع الأطراف اليمنية علي مختلف توجهاتها بوقف القتال، والترتيب لبدء جولة من المفاوضات التى من شأنها أن تُفضي إلي اتفاق حول حل سلمي للأزمة بمرمتها..&

تنظيم القاعدة في جزيرة العرب..&

الذي تأثر في الأشهر القليلة الماضية بثلاثة عوامل ظن البعض أنها كافية لشل حركته..&

الأول.. الهجمات التى تقوم بها الطائرات الامريكية – بدون طيار – والتى تستهدف قياداته في مدينة المكلا وما حولها..&

الثاني.. الضربات العسكرية التى تلقاها من جانب الجوثين بعد أن تمددت قواتهم في العديد من المحافظات عقب إستلائهم علي العاصمة اليمنية صنعاء..&

الثالث.. الإنقسامات التى تعرض لها بسبب صراعات لمن يكون الولاء وأستحقاقات البيعة علي مستوي قياداته وكوادره لللدكتور أيمن الظواهري أم لخليفة داعش أبو بكر البغدادي..&

إستغل الأوضاع المتهاوية في البلاد، وإنتهز الظروف التى نجمت عن تراجع السلطة المركزية وما أدي إليه احتدام القتال من تغيير في موازين القوي فوق الآرض !! وقام في أوائل شهر إبريل الحالي بالإستيلاء علي أموال البنك المركزي بمحافظة حضر موت وعلي معسكرات القوات المسلحة الموالية للشرعية والمقار الرسمية للدولة بما في ذلك المطار والميناء !! ولما تعالت اعتراضات المجلس الأهلي للمحافظة، الذي تشكل لتولي تصريف شئونها علي أثر سقوط عاصمتها – المكلا – في يد التنظيم، تنصل المحافظ عن تحمل مسئولياته واصدر بيان كلف من خلاله المجلس الاهلي الذي هو بلا سلطات ميدانية " أن يتخذ التدابير الكفيلة بإعادة الأمور إلي نصابها "..&

محافظ حضر موت الذي يمثل الشرعية، يبدو سلبياً تجاه إستيلاء عناصر القاعدة علي كافة الفاعليات المحلية والعسكرية والخدمية في المحافظة..&

المجلس الأهلي بالمحافظة يتصدي لتحمل المسئولية ويجري إتصالات مع قيادات القاعدة المغتصبون للسلطة فيها باسم " أبناء وشباب حضر موت " بالتعاون مع مجلس علماء أهل السنة والجماعة، ولكنهم لم يصلوا معهم إلي حل نهائي..&

تنظيم القاعدة يرفض التنازل عما تحت يده من مقار وأموال ومعسكرات..&

المجلس الأهلي يعلن أن تفاوضه مع هذه العناصر وصل إلي طريق مسدود..&

ومن ثم..&

قرر أن يتنحي عن تحمل أعباء إدارة شئون المحافظة في هذه اللحظات الحرجة التى تتسم بالفراغ الأمني، ما لم يستعيد تحت إمرته كافة المرافق التابعة للدولة وكذا الثلاث مليارات ريال التى نُهبت من البنك المركزي، لأن صلاحياته بدونها ستكون منقوصة مما يفرض عليه رفض هذا التكليف لأن تعنت تنظيم القاعدة يفتح الباب لتكرار ما وقع من أحداث دموية في محافظة أبين وما نتج عنها من تشريد للقبائل وإحراق لمنازلهم ولمزارعهم ومراكز انتاجهم المحدودة إلي جانب تدمير مؤسسات الدولة وتخريب معسكرات قواتها المسلحة..&

من هنا نؤكد..&

الأمور بمحافظة حضر موت تنبأ بخطر عظيم لأن الجولة الأخيرة من المفاوضات مع تنظيم القاعدة كشفت القناع عن إصرار لا يتزحزح من جانب قادته علي الإحتفاظ بالقصر الجمهوري بالمكلا وبمراكز الأمن العام ومعسكري اللواء الميكانيكي 27 واللواء جوي 190 وعدم التنازل عما استولوا عليه من أسلحة خفيفة وثقيلة وأليات وذخيرة وجدت بكل منهما، بعد انسحاب القوات العسكرية التى كانت ترابط فيهما !!..&

يزيد من هذه الخطورة التى تكشفت ملامحها عقب إقرار الرئيس السابق علي عبد الله صالح بهزيمة تحالفه، أن التنيظم أعلن أنه لن يتمكن من إعادة الأموال التى " حصل عليها " من البنك المركزي " لأنها احترقت بسبب القصف الذي تعرضوا له في مديرية بروم وميفع علي يد الطيران الأمريكي..&

هنا يبدو الفارق هائل بين مجموعة من المخربين الذين يمثلون خطر داهم علي محافظة حضر موت، ومجموعة من الحكماء التى تسعي بدأب لكي تُجنب هذه المحافظة المصير المؤلم الذي يعاني منه أبناء محافظات أخري في اليمن..&

عند هذا المنحي.. يكون السؤال..&

هل تُترك هذه البقعة من تراب اليمن تحت سطوة مجموعة إرهابية تخطط لنشر عدم الاستقرار وإشعال حرائق أكثر اتساعاً في وجه الشرعية اليمينة وفي وجه دول الجوار؟؟ أم ستسارع قوات التحالف بقيادة المملكة السعودية بإستنساخ عاصفة الحزم / 2 وتطويرها بهدف تطهير حضر موت من عناصر القاعدة التي لن تتردد في إعلان قيام إمارة إسلامية تابعة لداعش في هذه المنطقة إذا واتتهاء الفرصة؟
&

* استشاري اعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]

&