بعد الفتح الإسلامي لمدينة القدس في العام 638 ميلادية حضر الخليفة عمر بن الخطاب بذاته لتسلم مفاتيح المدينة بناء على شرط تقدم به بطريرك القدس صفرونيوس.

وفي أثناء حفل التسليم الذي جرى داخل كنيسة القيامة، نودي لصلاة الظهر فسأل الخليفة: أين أصلي، فقال له البطريرك: مكانك صل. فرفض الخطاب الصلاة داخل الكنيسة الأمر الذي أغاض البطريرك، إلا أن الخليفة سارع لتفسير سبب عدم صلاته في الكنيسة قائلا: "ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة فيأتي المسلمون من بعده ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليها مسجداً" ثم خرج واختار بقعة على مرمى حجر وصلى هناك.. وكما كان الخليفة قد توقع أقام المسلمون، بعد ذلك، مسجداً في المكان الذي صلى به قبالة كنيسة القيامة، سمي جامع الخليفة عمر بن الخطاب، ولايزال قائماً حتى يومنا هذا.

حكمة الخليفة عمر تلك لم تكن غريبة عليه فقد عرف الفاروق بعدله وتسامحه واحترامه للجميع بما في ذلك أبناء الديانات والطوائف الأخرى، مثلما كان ذلك ميزة رجال الإسلام الأول عامة، وفي مقدمتهم الإمام علي بن أبي طالب، الذي كان هو من شجع الخليفة عمر على الذهاب الى القدس لتسلم مفاتيحها، خشية تعرض المسيحيين في المدينة للإيذاء على يد قوات الفتح.

وقد أسس كل من الخليفة عمر والبطريرك صفرونيوس، في ذلك التاريخ، تقليداً للتفاهم الإسلامي المسيحي المتبادل والمبني على احترام عقائد الآخر ومتطلباته الطقسية، حتى جاء البعثي أبو بكر البغدادي، الذي يدعي خلافة المسلمين زوراً وبهتاناً، ليرتكب أبشع الحماقات ومجازر القتل والتنكيل ليس بحق المسيحيين وأبناء الديانات والطوائف الأخرى فحسب، إنما بحق المسلمين أنفسهم، فهدم المساجد وأضرحة الأنبياء ودمر الكنائس ودور العبادة والمتاحف.. فشتان بين فاروق الإسلام وبين أبو بكر البعث.

&

&