بحسب الأحصائيات التي تعلنها مصادر رسمية بإقليم كردستان فإن عدد ضحايا البيشمركة الذين سقطوا بمعارك المواجهة مع تنظيم داعش الإرهابي منذ إعلان حربه ضد شعبنا الكردي قبل سنة، قد بلغ أكثر من 1200 شهيدا وأكثر من 6000 جريح.. واللافت للنظر أنه لايوجد بين كل هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى أي فرد من العشيرة البارزانية أو عائلة رئيس الإقليم الذين تدعي وسائل إعلام حزبه أن معظمهم متواجدون في جبهات القتال ضد تنظيم داعش، رغم أن هذا الحزب طبع آلاف البوسترات تحمل صور منصور بارزاني معلقة بشوارع مدينة اربيل وتصوره كـقائد داحر للإرهاب..قد يكون بعض أبناء وأقرباء رئيس الإقليم متواجدون في بعض الأحيان بجبهات القتال، لكن حسب علمي هم متواجدون في المقرات الخلفية التي تبعد بعشرات الكيلومترات عن ساحات المعارك، ولعل هذا يكفي دليلا على عدم إصابة ولو فرد واحد منهم في جميع المعارك المندلعة بالجبهات منذ ما يقرب من سنة في معظم مناطق كردستان.
المتتبع لتاريخ الثورات الكردية يجد بأن أبناء هذه العشيرة نادرا ما يشاركون في المعارك، فهم يدفعون بالآخرين إليها ويكتفون دائما بجني ثمار نضالات الآخرين وتضحياتهم، وما عدا قيام نظام صدام الفاشي بإعتقال ثمانية آلاف منهم في المجمعات السكنية التابعة للنظام قرب مدينة أربيل عام 1983، وكانوا من المدنيين العزل تم إعدامهم، فمن النادر أن تجد ضحايا منهم في المعارك التي خاضها الشعب الكردي.
مع كل ذلك هناك دائما من أبواق هذه العائلة من يسعى الى تمجيد شخصياتها وتقديسها كما يحصل اليوم. فمع اقتراب موعد نهاية الولاية الأخيرة لمسعود بارزاني تحركت الاجهزة الاعلامية والتنظيمية التابعة لهذا الحزب لتهيئة الأجواء من أجل تمديد الولاية المنتهية لبارزاني رغم ان بارزاني نفسه استمات قبل فترة قريبة من اجل منع نوري المالكي من التجديد لولاية ثالثة..
مسألة تقديس بارزاني أصبحت اليوم موضة لدى الكثير من أعضاء هذا الحزب، فقبل عدة أيام شن عضوان من هذا الحزب هجوما على أحد أعضاء البرلمان&لمجرد أنه قال بأن التمديد لولاية بارزاني مسألة قانونية قابلة للنقاش. وعضو آخر بمجلس المحافظة يدعو شعبه الى الوضوء قبل النطق بإسم بارزاني، وعلى صعيد متصل تسعى قيادات حزبه الى الترويج بعدم وجود بديل عنه لقيادة الشعب الكردي، حتى يتجرأ مسؤول علاقات الخارجية للحزب بتخويف الشعب بمصير أسود في حال عدم تمديد ولاية بارزاني بحجة أن الشعب الكردي سيفقد مرجعيته مثلما فقدها السنة في العراق ما سيفتح الطريق أمام داعش للسيطرة على كردستان..
أما الحكومة التي تدعي أنها ذات قاعدة عريضة وتمثل الشعب الكردستاني بأجمعه، فقد أصدرت قرارا قبل فترة حددت فيه أيام العطل الرسمية بدوائر الحكومة، والملفت للنظر أن تلك الحكومة أقرت المولد النبوي الشريف وعيد ميلاد السيد المسيح عطلة رسمية الى جانب إعتبار يوم ميلاد الملا مصطفى بارزاني والد رئيس الاقليم عطلة رسمية أيضا بأنحاء كردستان.
وعلى الطرف الآخر دفع هذا الحزب بأجهزة إعلامه وبعض الأقلام العربية المأجورة بكوبونات النفط، لتضخيم الدور الذي يقوم به بارزاني كرئيس للاقليم، ويحاولون إستغباء الشعب بعدم وجود بديل عنه على الصعيد الدولى، متوهمين بأن كردستان ستصبح في مهب الريح لمجرد إنتهاء ولاية بارزاني، ويصورون الأمر وكأن دول العالم أجمع ستنكس أعلامها وتعلن الحداد حزنا على رحيل بارزاني عن كرسي الحكم، أو أنها ستسحب قنصلياتها وممثلياتها في كردستان، علما بأن جميع زيارات المسؤولين الأجانب الى كردستان لا تعدو سوى زيارات مجاملة تقوم بموافقة الحكومة الاتحادية، بدليل أنه حتى تركيا وهي الحليف الأستراتيجي لحزب بارزاني ولها عدة إتفاقيات نفطية موقعة بينها وبين حكومة بارزاني لا تستطيع أن تبيع برميل نفط واحد من نفط كردستان بدون موافقة الحكومة الاتحادية ببغداد.
دعونا نحصي الإنجازات التي حققها رئيس الاقليم خلال السنوات العشر الماضية والتي تبوأ خلالها منصب رئيس الإقليم، ونرى هل أنه يستحق التقديس ومكافئته بولاية ثالثة؟؟..
من المعلوم أن الأزمة القاتلة التي يعاني منها إقليم كردستان اليوم من إنعدام الأموال لدفع رواتب موظفي الحكومة والمتقاعدين، هي بالأساس سببه تراكم أخطاء حكم بارزاني وخاصة إستفحال حالة الفساد الذي يضرب كردستان منذ عشر سنوات وتحديدا مع تخصيص حصة 17 بالمائة من ميزانية الدولة العراقية لإقليم كردستان.
منذ عشر سنوات والقانون ينتهك ولا سيادة للقانون والقضاء أصبح مسخرا لخدمة سياسات وتوجهات العائلة الحاكمة..
فشلت الحكومات التي تشكلت في عهد حكم بارزاني من قبل إبن شقيقه في تحقيق الحد الأدنى من العدالة الإجتماعية، فقد وصل أفراد وأعوان هذه العائلة الى قمة الأعالي من خلال إستغلال أموال الدولة والتجاوز عليها، حتى أن نجل رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني وجد بمحفظته في ظل الأزمة المالية الحالية مبلغا قدره 650 ألف دولار ليدفعها لمغني أميركي شاذ جنسيا مقابل إحيائه لحفلة إنتهاء دورة كروية محلية.
قوات البيشمركة التي كان يفترض توحيدها وتسليحها، أصبحت بدورها ضحية للتدخلات الحزبية ومنح الرتب العسكرية بدون أي وجه حق، حتى أن سيروان بارزاني إبن شقيق رئيس الإقيم وصاحب شركة كورك تيليكوم حاز مؤخرا على رتبة (اللواء) قبيل ساعات من إنضمامه الى وفد وزارة البيشمركة الى فرنسا للتفاوض مع حكومتها رغم أنه لم يتخرج من أي معهد أو كلية عسكرية، علما بأن رتبة اللواء لايصل إليها الضابط المسلكي إلا بعد ثلاثين سنة من الخدمة. وقد قالت وزارة البيشمركة أن هذا الشخص لاينتمي بشكل رسمي الى قواتها..
نحن لايهمنا كيف يترأس بارزاني حزبه والى متى سيقود هذا الحزب فهذا شأن أولئك المصفقين له في المؤتمرات الحزبية التي لم يجرؤ أحد أعضائها لحد اليوم وعلى رغم إنعقاد 13 مؤتمرا من مخالفة بارزاني أو الإعتراض على إنتخابه رئيسا لهذا الحزب، فقد إعتاد أعضاء المؤتمرات الحزبية على إنتخاب بارزاني بالإجماع وبالتصفيق الحار، رغم أنه حتى سيدنا محمد وهو نبي الأمة وحامل رسالة ربه الى العالمين قد خالفته عشيرته، بل أن أحد أعمامه حاربه بالسيف أيضا، فلا ندري كيف أنه منذ عام 1946 يترأس بارزاني الأب والأبن هذا الحزب دون وجود ولو معارض واحد ضدهما؟
المهم أن صفته الحزبية لاتهمنا البتة مادام هناك من يرضى بالخضوع والخنوع لهذه العائلة، لكن تقديسه وإنتخابه الى نهاية الدهر رئيسا وحاكما مطلقا هذا ما لايستطيع أحد تحمله، خاصة وأن بارزاني وحزبه حصلا في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة على ربع مقاعد البرلمان تقريبا بواقع 38 مقعدا من أصل 111، وهذا دليل على أن ثلاثة أرباع الشعب لايريدون حزبه وحكمه..
إن إعادة إنتخاب بارزاني في ظل إنعدام أي فرصة له للتمديد أو الترشح من الناحية القانونية سيقود بكردستن الى الكارثة، لأنه سيرسخ للحكم الدكتاتوري العائلي، وسيضفي فعلا على بارزاني قداسة الأنبياء، عندها علينا أن نقرأ على كردستان السلام.
التعليقات