إذا كان رب البيت بالدف ناقراً. . فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

&
والمثل الكردي يقول"الكبير يسكب الماء والصغير يمشي عليه" كناية عن تمثل الصغير بالكبير.. وسبق أن نوهت في عدد من كتاباتي الى حكاية رويت عن رئيس البرلمان العراقي بالعهد الملكي عبدالوهاب مرجان الذي نزل للسوق لشراء السمك.وبالمناسبة فإن نزول شخصيات الدولة وكبار القادة السياسيين في تلك الفترة الى الأسواق والتجول بشوارع بغداد والوقوف بطوابير الأفران والمخابز وهم يرتدون بيجاماتهم في الصباح كان أمرا معتادا، على عكس هذه الأيام حيث يتحصن سياسيو العراق بالمنطقة الخضراء، أو يتمترسون خلف حوائط كونكريتية بوزاراتهم ودوائرهم، ويقطعون الشوارع القريبة على بيوتهم بالمفارز والدوريات المسلحة.
أراد مرجان أن يشتري السمك فذهب الى السوق ووقف عند عربة متجولة يبيع صاحبها السمك، فأخذ يرفع ذيل السمكة لفحصها.فإستغرب البائع وسأل الباشا" حضرة الباشا ماذا تفعل؟.فأجابه بأنه يريد فحص السمكة.فقال البائع" جناب الباشا السمك يفحص من رأسه وليس من ذنبه!. فقال الباشا" أعرف ذلك وليدي، ولكني أريد أعرف هل أن الفساد وصل من الرأس الى الذيل أم لا؟.
&
منذ عدة سنوات تتحدث بغداد عن تهريب النفط الكردي بالشاحنات الى كل من إيران وتركيا من قبل القيادات الكردية وبيعها هناك بأرخص الأسعار.وهذه لم تكن تهمة تطلق جزافا، لأن متابعات الإعلام وعدد من أعضاء البرلمان أثبتت هذه الحقيقة مدعمة بمقاطع الفيديو، ومن يسكن في القرى والبلدات الكردية الواقعة على الخطين الرئيسيين الرابطين بين إقليم كردستان وكل من إيران وتركيا يجد يوميا مئات الشاحنات المحملة بالنفط وهي تنقل الى هاتين الدولتين.
نحن بالأساس لسنا ضد إنتاج وتصدير النفط الكردي إذا ما كرست موارده لخدمة المواطن، لكن أن يصدر النفط دون أقل حد من الشفافية وتجمع حساباته داخل جهاز لابتوب صغير لوزير الموارد الطبيعية بحكومة الإقليم ولايعرف أحد غيره أين تذهب عوائده فإن العملية برمتها تتحول الى تهريب وسرقة المال العام.فلا تفسير غير ذلك، حتى البرلمان وهو الجهة الرقابية على أعمال الحكومة سبق وأن أصدرت عشرات البيانات والتصريحات بأنهم لا يعرفون بأي شيء عن عمليات التصدير والبيع.
&
لو لم يسكت الشعب الكردي عن تلك السرقات، ولو عاقب الناخب الكردي الأحزاب السارقة للنفط والثروات الكردية في الإنتخابات البرلمانية، لما تجرأت حكومة الإقليم ووزارتها النفطية على إستمرار إستنزاف ثروات الشعب. ولو لم تتغاضى رئاسة الإقليم وشخص رئيسه مسعود بارزاني عن كل تلك السرقات والفرهودات، لما تجرأ من هم أدنى منهم من القادة العسكريين وأعضاء قيادات سياسية بالحزبين الحاكمين على خيانة وطنهم وشعبهم بالإتجار مع داعش وشراء النفط منه وبيعه بأسواق الإقليم.
&
في مقال سابق كتبت عن جريمة تعامل بعض التجار الكرد مع تنظيم داعش وشراء النفط منه مقابل بيعه أعداد كبيرة من سيارات الحمل التي تستخدم في الحروب والمعارك ضد الشعب الكردي والعراقيين، فعلق البعض من القراء متهمين إياي بالعمالة والخيانة لأنني أتهم السلطات بكردستان من دون أي دليل على وجود تلك التجارة، ولكن الأيام التالية أثبتت بأن هذه التجارة قائمة ورائجة بشكل فظيع، حتى وصل الأمر الى تجهيز سيارات ومدرعات داعش بالبنزين، وعلم بذلك البرلمان الكردستاني الذي شكل لجنة تحقيقية بهذا الصدد.
&
وأخيرا صدرت تصريحات من قبل بعض قيادات الأحزاب والبرلمانيين تؤكد بأن عددا كبيرا من قادة الأحزاب والسياسيين الكبار(رؤوس كبار) متورطة بهذه التجارة الرخيصة، وطالبوا بإنزال أقصى العقوبات ضد المتورطين وتجريمهم بقانون الإرهاب، بل أن هناك من دعا الى تعليق أجسادهم بالساحات العامة، ووصم جباههم بدمغات الخيانة والعمالة.
&
القضية تتفاعل حاليا، وهناك دعوات شعبية للتحقيق والمعاقبة بعد أن تحولت القضية الى قضية رأي عام لا يمكن السكوت عنها، ولكن حسبما نشرت وسائل الإعلام المحلية فإن هناك محاولات للتستر على تلك الجريمة النكراء أو لفلفتها لحماية المتورطين الكبار وهم من قيادات الأحزاب الحاكمة.
&
ففي حين نشرت جريدة دولية معتبرة عن مراسلها وهو من أحد أعوان حزب السلطة بإقليم كردستان خبرا مفبركا بإلقاء القبض على أكثر من 300 من المتورطين بهذه الجريمة، نقلت وسائل الإعلام المحلية "أن خمسة أفراد من التجار الصغار الذين تم إستدعائهم للتحقيق حول الموضوع قد تم إخلاء سبيلهم من قبل السلطات لعدم ثبوت الأدلة ضدهم". كما أشارت التقارير الى أن السلطات العسكرية المتورطة بالجريمة بحدود محافظة كركوك قد قاموا بحرق عدد من الشاحنات التي تم رصد أرقامها وهي تنقل النفط والبنزين بين داعش وقيادات عسكرية محلية بهدف طمس معالم الجريمة". هذه التصرفات تشير الى عدم جدية قيادة السلطة بإقليم كردستان في التحقيق بالقضية والكشف عن المتورطين الكبار في الجريمة.
&
في خضم الحديث عن الشروع بإجراء تحقيق برلماني حول التجارة النفطية بين قيادات عسكرية كردية وتنظيم داعش الارهابي،تناقلت التقارير الصحفية عن ظهور أزمة اخرى بتجهيز الغاز السائل المستخدم في البيوت، وظهر لاحقا بان آلاف القناني من الغاز تنقل الى المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، الغريب أنه في وقت يعاني فيه اقليم كردستان أصلا من أزمة وقود خانقة فإن هناك من يزيد الأزمة إشتعالا بتصدير الغاز والبنزين الى مناطق داعش في حين أن سعر القنينة الواحدة من الغاز السائل إرتفع بشكل جنوني من 6 آلاف دينار الى أكثر من 30 ألف دينار، ويبدو أن ضريبة الأزمة أصبحت من نصيب المواطن الكردي بالإقليم كما حمل ضريبة مغامرات السلطة الكردية مع بغداد بتحميل المواطن الكردي ضريبة دفع رواتب موظفي الحكومة من خلال زيادة الضرائب والرسوم ورفع أسعار الوقود.
&
لقد صدق القول" إذا كان الغراب دليل قوم . . يمر بهم على جيف الكلاب"..
&